خبير اقتصادي يقرأ لـ “البوصلة” تغيّر أولويات الإنفاق لدى الأردنيين

خبير اقتصادي يقرأ لـ “البوصلة” تغيّر أولويات الإنفاق لدى الأردنيين

عمّان – رائد صبيح

أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ القوة الشرائية للأردنيين تآكلت خلال الفترة الماضية بشكلٍ كبيرٍ جدًا، الأمر الذي انعكس على سلوكهم الشرائي وأولوياتهم في الإنفاق خلال عيد الأضحى المبارك، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ هذا السلوك كان أكثر وضوحًا في العاصمة والمدن الكبرى منه في القرى والمناطق الأصغر.

وقال البشير: إن هناك تحولاً في أولويات الأردنيين خلال عيد الأضحى المبارك ظهر بشكلٍ جليٍ خصوصًا في المدن الكبرى مثل العاصمة عمّان والزرقاء، وابتعدوا عن الطريقة التقليدية في الإنفاق.

ولفت إلى أنّ جزءًا من هذا السلوك ارتبط بشكلٍ و ثيق في انعدام القدرة الشرائية، مستدركًا بالقول: لكن حالات التعامل مع الأضاحي كان في المحافظات أكثر نسبيًا لكن في مناطق العاصمة عمان كان هناك عزوفٌ عن الأضاحي.

وتساءل البشير: هل هو متغير ثقافي أم متغير مختلف عن السابق وهل هو لجوء لطرق أخرى في طرائق الإنفاق، منوهًأ إلى أنّ المسأل تستحق التوقف والمناقشة ورصد هذا التغير المهم.

وتابع بالقول: لا شك أن مسألة الشراء للملابس وغيرها لعلها تراجعت قليلًا، لا سيما وأنّ ظاهرة الشكوى من قلة الدخل موجودة وهذا يجعل الإحساس لدى الجميع بأن يتراجع عن الشراء كما كان معتادًا، خاصة إن كان هناك شراء لتلك السلع وخاصة الملابس في العيد الماضي (عيد الفطر السعيد)، مشددًا على أنّ هناك جملة من الاعتبارات لما يجري.

وأوضح أنّ هناك متغيرات في المجتمع وثقافته وتعامله مع الأشياء بشكلٍ عام، سواءً كانت في شكل استهلاك السلع أو حتى زيارات البيوت التي لاحظنا أنّها انخفضت بشكلٍ واضحٍ بسبب ثورة الاتصالات ومنصات التواصل الاجتماعي، منوها إلى أن الناس أصبحت تلجأ لسلوك مختلف في العيد، وتقديم المعايدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل في الهواتف، والاتصال المباشر عبر الهاتف وبشكلٍ أقل من السابق.

ولاحظ البشير بناءً على نظرته الشخصية انخفاض التواصل المباشر والزيارات في البيوت خلال العيد، قائلاً: سألت كثيرين من الأصدقاء والأقارب وأخبروني أنهم لم يخرجوا في “لفة العيد” وزيارات الأقارب والأرحام، واكتفوا بالاتصال على الهاتف مع ذو ي القربى والأصدقاء، أو التواصل من خلال رسائل نصية فقط.

متغير اقتصادي ثقافي متداخل

وقال البشير في وصف هذا التغير: قد يكون هذا متغيرًا اقتصاديًا وثقافيًا متداخلاً، بين الاوضاع المالية وما يعيشه رب الأسرة، وكلفة الحركة، لأنّ سلة الاستهلاك أصبحت واسعة جدًا، وأنت إن أردت الخروج مع أبنائك لأي مكان فإن الأمر أصبح مكلفًا، وإن أردت الوقوف عند محل ألعاب ستعلق مع أبنائك، وكذلك البنزين وكلفته وقصة “الخمس ليرات” في التنك التي لم تعد تكفي لقضاء مشاويرك المهمّة.

ولفت إلى أنّ أبناء المدن الكبرى والعاصمة أعادوا ترتيب أولوياتهم على حسب ظروفهم الاقتصادية، لا سيما وأنّ المدن تكون الكلف الاقتصادية فيها اعلى من غيرها من القرى.

وتابع بالقول: لا شك أن العاصمة فيها الدخول وسلة الاستهلاك الأوسع، وهي الأكثر تحررًا من التقليد والموروث والواجبات، في المدينة يجد الإنسان نفسه كثير من الأفراد يستطيعون تأجيل الالتزامات التي ترتبت تاريخيًا على مناسبة العيد، سواءً كانت على شكل زيارة أو على شكل أضحية، وهدايا، أو توزيع نقد (عيديات).

ولاحظ البشير خلال حديثه لـ “البوصلة” أنّ إقبال الأردنيين على زيارات المقابر ارتفع بشكل كبير جدًا وكان أمرًا ظاهرًا بشكلٍ كبير.

حراك ما قبل العيد يكشف تغير الأولويات

وحول الإقبال على الأسواق والزحام الحاصل ليلة العيد والأيام التي قبلها والتي أكدت مختلف القطاعات التجارية أنّها لا تعكس حركة تجارية حقيقية، يرى البشير أنّ هذا الأمر صحيحٌ لا سيما وأنّ هناك بعض المحلات والأسماء التجارية ما زالت تستقطب الناس، ولكن أعداد هذه المحلات ما زالت أرقامها متواضعه بالنسبة لنموّ السكان.

وأشار إلى أنّنا عندما نتحدث عن المطاعم الشهيرة في وسط البلد التي توارثت الناس معلومة مهمة حولها، عندما كانت عمّان يقطنها مليون مواطن، كان الأمر بالنسبة لنا مختلفًا، لكن عمّان اليوم يقطنها ثلاثة مليون ونصف نسمة، وهذه الأعداد بقيت تذهب لهذه المطاعم، وإن رأيناهم أعدادًا كبيرة، موضحًا بالقول: عندما نسمع من الحكومة أنّ الأردنيين يتذمرون ويشتكون ولكنهم يملأون تلك المطاعم، على الرغم من علمها أنّ مرتادي هذه المطاعم هم من الطبقة العليا من المتوسطة والطبقة الغنية التي لديها أكثر من 40 مليار في البنوك، بشكل أو بآخر.
ويستدرك البشير بالقول: لكن لتنظر الحكومة من البعد الآخركم مطعًا تمّ إغلاقه، ليس بسبب الجائحة فحسب، ولكن أحيانًا بسبب المنافسة وظهور مطاعم وماركات جديدة، فبالأمس كان لدينا مطاعم شهيرة مثل التلال السبعة وقصر الصنوبر وغيرها، جميعها أغلقت، فلماذا حصل هذا؟

وأوضح أن ما سبق معناه أن حجم الناس الذين يرتادون المطاعم قليل بالنسبة لعدد السكان من جهة، ومن جهة أخرى متعلق بالقدرة الشرائية عند هؤلاء، ومن جانب ثالث لا يرصد الناس، أنّ لدينا أجانب كثير، فعندما نتحدث عن 11 مليون نسمة في الأردن منهم 7 مليون أردني، فهناك 4 مليون، وهؤلاء جميعهم يذهبون للمطاعم.

وتابع بالقول: أصبحنا ندخل للمطعم بمناسبة ما لا استطيع معرفة الأشخاص الجالسين على عكس ما كان في زمنٍ سابق حيث كان الناس يعرفون بعضهم في العاصمة.

وشدد البشير على أنّ هذا الأمر أصبح في عمّان واقعًا وحقيقة، أنّ المطاعم التي تعمل بشكل جيد نموذجا ومحلات الملابس المهمة، لهم فئة وحصة من هؤلاء غير الأردنيين.

وأضاف الخبير الاقتصادي لإثبات ما ذهب إليه بالقول: علينا أن نتذكر أن الأردنيين المقتدرين استفادوا كثيرًا من ارتفاع أسعار الأراضي خلال الفترات الماضية الأمر الذي حقق ثروة كبيرة لكثير من هؤلاء، سواء من ناحية ما يمتلكون من سيارات، وما يرتادونهم من أماكن للشراء، وهؤلاء جميعا باعوا أراضي هائلة في أماكن متعددة، وندليل ذلك أنذ ما أعلنت عنه دائرة الأراضي مؤخًرا من مبيع الشقق والعقارات والزيادة اللافتة عليها، والرسوم التي تحصلت عليها الدولة كانت تزيد عن 17% وهذا يدلل على أن هناك حركة على العقار، لأسباب عديدة ذات علاقة بالأجانب من جهة، وانخفاض الرسوم في الوقت ذاته، والنمو السكاني الذي يحصل سواء كانوا أردنيين أو غير أردنيين.

حركة غير حقيقية

يذكر أنّ الأيام التي سبقت عيد الأضحى المبارك وليلة الوقفة شهدت إقبالاً كبيرًا من الأردنيين على الأسواق، لكن القطاعات التجارية أنّها حركة لا تعكس حركة شراء حقيقية.

فيما رصدت “البوصلة” إقبالاً شديدًا من الأردنيين على المطاعم وشراء الحلويات خاصة في المطاعم الشهيرة بوسط العاصمة عمّان، وحركة ضعيفة على شراء الملابس للعيد.

كما أكدت التقارير إقبالاً ضعيفًا على شراء الأضاحي خلال العيد، فيما شهد النصف الأول من العام الحالي إقبالاً كبيرًا على شراء العقارات الي كان جزءٌ جيدٌ منها لصالح الأجانب التي ارتفعت 34% لتصل بنهاية حزيران إلى مئهٍ وثلاثهٍ واربعين مليون دينارحيث تم بيع تسعَ مئهِ وخمسين شقة بلغت قيمتها الاجمالية اربعهً وثمانين مليون دينار مقابل بيع ستِ مئهِ قطعة أرض بقيمة إجمالية ستين مليون دينار بارتفاع عن ذات الفترة للعام الماضي


(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: