هل قصرت الحكومة بتحقيق الفائدة المرجوّة من “الطاقة المتجددة” للأردن؟

هل قصرت الحكومة بتحقيق الفائدة المرجوّة من “الطاقة المتجددة” للأردن؟

عمّان – رائد صبيح

على الرغم من الأرقام التي أعلنتها وزارة الطاقة من إسهام مصادر الطاقة المتجددة وعلى رأسها الطاقة الشمسية بما يعادل 29% في توليد الكهرباء أردنيًا، إلا أنّ مراقبين ما زالوا يوجهون انتقاداتٍ للسياسات الحكومية وقصورها في تحقيق الفائدة المرجوة من هذا القطاع لحل جزء كبير من مشكلة الطاقة لا سيما وإن تمّت إدارته بالشكل الصحيح.

مشاكل عدة تواجهها “الطاقة المتجددة” في الأردن وعلى رأسها قدرة شبكة الكهرباء على استيعاب كميات الكهرباء الفائضة عن الحاجة الموجودة أصلاً، بالإضافة إلى انعدام القدرة على الاعتماد عليها كمصدرٍ رئيسي لتوليد الكهرباء بسبب انخفاض قدرتها إلى 5% في غير فصل الصيف، فيما يرى مراقبون أنّ الطاقة الشمسية أسوة بالنفط وقعت ضحية البيروقراطية والضرائب ومعادلات التسعير المعقدة؛ بفرض ضرائب ورسوم إضافية هددت بإبطاء نمو قطاع الطاقة الشمسية في الأردن، وعدم الاستفادة من الثورة العالمية في هذا القطاع خاصة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.

لا يمكن الاعتماد عليها كمصدر رئيسي للطاقة

وأكد النائب م. موسى هنطش في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ قدرة الأردن على الاستفادة من الطاقة الشمسية مرتبطة بقدرة شبكة الكهرباء التي تستطيع في وضعها الحالي استقبال ما يزيد عن 20% ممّا تنتجه من هذه الطاقة، فضلاً عن أنّه لا يمكن الاعتماد على هذا المصدر النظيف للطاقة كمصدر وحيد في شركات توليد الكهرباء لأنّ قدرته الإنتاجية تنخفض إلى 5% في غير فصل الصيف.

ولفت هنطش إلى أنّ المسألة ليست كما يعتقد البعض بأنّ إنتاج الطاقة الشمسية سيحل مشاكل الطاقة في الأردن، فالأمر طبيعي جدًا أن تكون نسبة إسهامها في مجمل تغذية شبكة الكهرباء 29% فقط، فالمسألة ليست فقط تركيب الطاقة الشمسية، ولكن كيف نستفيد منها، ثمّ كيف نغذي بها الشبكة وخطوط الضغط العالي ونوصلها للمستهلكين.

وقال هنطش إن لدينا طاقة أكثر من 1000 ميغا في الأردن وهذا حمل كبير على الشبكة، وهي غير مهيأة لاستقبال ما يزيد عن 20% من مجموع ما تنتجه الطاقة الشمسية، لافتًا إلى أن مجلس الوزراء قرر حديثًا إلغاء قراره الذي استمر لمدة عامين بمنع تركيب الطاقة الشمسية في أي من الأماكن إذا كانت تزيد عن 1 ميغا واط، ليتزامن مع رفع قدرة الشبكات التي تجهزها شركة الكهرباء الوطنية لهذه الغاية.

وأشار إلى أننا يمكن أن نستفيد بشكل أكبر من قدرتنا في توليد الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة، إذا استطعنا توريد هذه الطاقة بشكل عام إلى السلطة الوطنية الفلسطينية ورفعها إلى 165 ميغاوط، وهناك 500 ميغا يمكن توريدها كذلك إلى لبنان والعراق، لافتًا في الوقت ذاته إلى نجاحنا في هذا سيمكننا من زيادة إنتاج الطاقة الشمسية مستقبلاً.

وقال هنطش إنّ المصادر التي تبيع طاقة مولدة من الطاقة الشمسية لشركة الكهرباء يؤكدون أنّ القدرة للتوليد تصل في أحسن الأحوال لديهم صيفًا إلى 90% وتنخفض إلى الحدود الدنيا في الشتاء ما يصل إلى 5% فقط، وهذه المنظومة لا يعرفها الناس ويرددون فقط فكرة تركيب الطاقة الشمسية باعتبارها المنقذ، ولكن هذا أمرٌ غير واقعي.

وأوضح أنّ ما تم تركيبه في البيوت والمستشفيات والمصانع بقدرة أقل من 1 ميغا أيضًا يضخ الطاقة في شبكة الكهرباء الوطنية، مشددًا على أنّ هذه المنظومة المتكاملة لا يضبطها في أيّ حالٍ من الأحوال إلا وزارة الطاقة وشركة الكهرباء الوطنية وما يتم سحبه من شركات توليد الكهرباء.

ثورة الطاقة المتجددة والعجز الحكومي

من جانبه انتقد الكاتب حازم عيّاد عجز الحكومة عن الاستفادة من انتعاش سوق الطاقة الشمسية على الصعيد العالمي خاصة بعد الحروب الروسية على أوكرانيا لا سيما وأنّ تقريرًا لـ “بلومبيرج إن آي إف” أشار إلى أن الاستثمارات العالمية في مشاريع الطاقة الشمسية ارتفعت 33 في المئة خلال الأشهر الست الماضية.

وقال عياد في مقالة له بصحيفة السبيل إنّ الطاقة الشمسية لم يقتصر دورها على تغذية شبكة الكهرباء بالطاقة، بل تجاوز ذلك بإنتاج الهيدروجين الأخضر، فالطاقة الشمسية مدخل مهم في إنتاج الهيدروجين وخفض كلف إنتاجه، دافعا نحو تدفق الاستثمارات إلى كل من مصر والمغرب لاستغلال الطاقة الشمسية في إنتاج الهيدروجين، وتصديره إلى أوروبا.

وأكد أنّ الأردن لم يكن بعيداً عن هذه التطورات، إذ عقد في الأردن مؤتمراً برعاية ألمانية في البحر الميت قبل أقل من ثلاثة أشهر، تناول سبل خفض إنتاج الهيدروجين وتخزينه.

وشدد على أنّ الطاقة الشمسية باتت مكوناً أساسياً في توفير البدائل للغاز، فهي مدخل صناعي تحويلي إلى جانب كونها منتجاً أولياً.

واستدرك بالقول: لم يقتصر الأمر على ارتفاع الإنتاجية والاستثمار في الطاقة الشمسية، إذ ذكر تقرير “لومبيرغ” بالإضافة إلى ما نشرته “فاينانشل تايمز” مؤخراً؛ انخفاض تكاليف تركيب أنظمة الطاقة الشمسية بنسبة 85 بالمائة بين 2010 و2019، وانخفاض أسعار تركيب نظام الطاقة المولدة من الرياح بـ55 بالمائة، قابلها ارتفاع التكلفة والضرائب على القطاع الناشئ والواعد في الأردن.

وعبر عن أسفه من أنّ الطاقة الشمسية أسوة بالنفط وقعت ضحية البيروقراطية والضرائب ومعادلات التسعير المعقدة؛ بفرض ضرائب ورسوم إضافية هددت بإبطاء نمو قطاع الطاقة الشمسية في الأردن، ورفع كلفة إنتاجها بشكل كبير، خلافاً لما يجب أن يكون ولما هو كائن عالمياً.

وتابع بالقول: معادلة تستنسخ ما حدث في قطاع النفط والغاز، إذ لم يتمكن الاردن من الاستفادة من الفرص وتطوير الإنتاج، والأسوأ من ذلك ربط نمو القطاع باتفاق “إعلان النوايا” مع الكيان الاسرائيلي فيما عرف (الماء مقابل الطاقة الشمسية)، فالأفق ضاق داخلياً، واتسع وأصبح واعداً عندما تعلق الأمر بالشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف أنّ الأرقام العالمية حول انتعاش قطاع الطاقة الشمسية وانخفاض الكلف عالمياً؛ لا تجد انعكاساً لها على الأرض في الاقتصاد الأردني، فالفرصة ضاعت كغيرها من الفرص في إحداث نمو كبير في القطاع خلال الاشهر الست الماضية؛ بخفض الكلف ورفع الإنتاج، والأسوأ أنها تحولت إلى فخ اقتصادي للمستثمرين والمهتمين.

وختم الكاتب بالقول: سياسات الطاقة في الأردن ملف محرج بحاجة لمراجعة حقيقية وعلنية، فالسياسات والاستراتيجيات الطاقوية المتبعة تسير عكس التيار العالمي الممثل بارتفاع الإنتاج والاستثمارات وانخفاض الكلف والأسعار، وفي الوقت الذي تتخلف فيه عمّان عن الركب العالمي؛ تقدمت فيه دول على الأردن في أقل من 6 أشهر في إفريقيا وأنحاء مختلفة من آسيا وشبه القارة الهندية، فالضرائب والتشريعات حجبت ضوء الشمس المشرقة طوال الأشهر الست الماضية.. فهل تنجح الحكومة في استدراك الوقت الضائع؟ أم أنها ستضيف له ستة أشهر أخرى؟

%29 نسبة مساهمة الطاقة المتجددة بتوليد الكهرباء في الأردن

وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة الاثنين، إن الاستطاعة الكلية المركبة لمشاريع توليد الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بلغت بنهاية شهر تموز/يوليو الماضي قرابة 2526 ميجاوات ساهمت بنسبة 29% من الطاقة الكهربائية المولدة منذ بداية عام 2022 مقارنة مع قرابة 26% خلال عام 2021.

وأضاف في بيان صحفي أن الطاقة المولدة من الاستطاعة الكلية المركبة لمشاريع الطاقة المتجددة بلغت قرابة 5ر5 تيراوات ساعة في نهاية عام 2021 وبذلك يحل الأردن في المرتبة الأولى عربيا في نسبة الاستطاعة المركبة لمصادر الطاقة المتجددة بدون احتساب الطاقة الهيدرومائية والثالثة بعد مصر والمغرب في كمية الطاقة المنتجة.

وأوضح الوزير الخرابشة أن الاستطاعة توزعت بواقع 1498 ميجاوات من المشاريع التجارية بموجب اتفاقيات شراء الطاقة وبنسبة 59% من إجمالي الاستطاعة المركبة و1027 ميجاوات من مشاريع أنظمة الطاقة المتجددة المملوكة من قبل المشتركين لتغطية استهلاكاتهم باستخدام عدادات صافي القياس والنقل بالعبور وهي تمثل نحو 41% من إجمالي الاستطاعة المركبة.

وحول أعداد الأنظمة المركبة وفق نظامي العبور وصافي القياس فقد بلغت حوالي 52 ألف نظام.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: