هل يوقف “سلاح المقاطعة” مراهقة ماكرون ويجبره على الاعتذار للمسلمين؟

هل يوقف “سلاح المقاطعة” مراهقة ماكرون ويجبره على الاعتذار للمسلمين؟

د. حسن المومني: ماكرون مراهق سياسي أقرب للشعبوية الإقصائية

د. حسن المومني: ماكرون متعطش لاستعادة الدور الدولي لفرنسا لدرجة “التطرف”

د. بسام العموش: يجب على قيادات الدول العربية أن تتحرك نصرة لنبينا محمد

د. بسام العموش: المقاطعة ستجبر فرنسا على الاعتذار للمسلمين بعد أن تخسر المليارات

البوصلة – رائد الحساسنة

تتواصل في العالم العربي والإسلامي الإدانات وحملات المقاطعة في مواجهة خطاب الكراهية الذي قاده الرئيس الفرنسي ماكرون ضد الإسلام والمسلمين عبر الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بذريعة “حرية الرأي والتعبير”، وأكثر من ذلك إصراره على الاستمرار وعدم التراجع.

وأكد محللون سياسيون في تصريحاتهم إلى “البوصلة” أن ما يقوم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما هو إلا “مراهقة سياسية” يمارسها قائد أقرب للشعبوية الإقصائية، مشددين على أن فرنسا ستخسر الكثير حال إصرارها على عدم الاعتذار للمسلمين والاستمرار بنشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وللدين الإسلامي.

وأشار المحللون إلى أن حملات المقاطعة للبضائع الفرنسية التي أعلن عنها في العالم العربي والإسلامي ستؤدي لخسائر اقتصادية بالمليارات لفرنسا، الأمر الذي من شأنه أن يضغط على القيادة الفرنسية ويجعلها تعتذر للمسلمين لا سيما وأن الخطابات العاطفية لا تجدي نفعًا مع الغرب الذي لن يلقي بالاً سوى لما يلحق به من خسائر مادية فقط.

الأمر الذي يدفع للتساؤل عن جدوى الحملة التي يقودها ماكرون للإساءة للمسلمين ونبيهم بذريعة الحقوق والحريات، ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقول إن ماكرون “بحاجة لاختبار قدراته العقلية”، داعيا في الوقت ذاته شعب بلاده إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.

الغرب يفتقر لقيادات تمتلك الحكمة والرؤية

في هذا السياق، أكد أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية حسن المومني في تصريحاته إلى “البوصلة” أنّ ما يمارسه اليوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من قيادة حرب كراهية ضد الإسلام والمسلمين والإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مردها إلى افتقار العالم الغربي اليوم لزعامات تمتلك الحكمة والرؤية، الأمر الذي أدى لظهور “زعامات شعبوية” أقل ما يقال في حقها أنها تمارس “المراهقة السياسية”.

وقال المومني: إن ما يقوم به ماكرون اليوم يمثل واحدة من الإخفاقات الحاصلة في الغرب وتعبر عن غياب زعامات دولية ذات رؤية وحكمة، فهو يعبر عن زعامة أقرب ما تكون للشعبوية الإقصائية.

وأوضح أن ما يزعمه ماكرون اليوم من دفاع عن الحرية يجانب الحقيقة والصواب، مشددًا في الوقت ذاته على أن الحرية يجب أن تكون مقرونة بمنطق وعقل، يقتضي الاعتراف بهوية الآخر والانسجام معه وتحقيق “الذاتية المشتركة”، مشددًا على أن “الرئيس الفرنسي يمارس التطرف في مفهوم الحرية والعلمانية الذي يعني إقصاء الآخر”.

وأشار المومني إلى أن “ماكرون زعامة شعبوية تتعطش لاستعادة الدور الدولي لفرنسا لدرجة الذهاب لحد التطرف في الحرية والعلمانية على الرغم من أن الاحاديث الدائرة في أوروبا اليوم في معظمها تصب في مصطلحات ما بعد العلمانية.

وأوضح قائلا: بمعنى أن العلمانية في سياقها الأصلي دعت لفصل الدين عن الدولة وأن الدين فضاء خاص والدولة فضاء عام، وبذلك اعترفت العلمانية بأن الدين فضاء خاص للأفراد وليس للدولة، واليوم التطور الحاصل في هذا المفهوم الفكري المتمثل بازدياد أهمية الدين لدى المجتمعات، مؤكدًا أننا هنا لا نتحدث عن الدين الإسلامي فقط، فكثير من العلماء الليبراليين وأصحاب طروحات “عالم ما بعد العلمانية”، يؤكدون على ضرورة تقديم العلمانية المعتدلة للاعتراف بالخطاب الديني المعتدل وأن يكون بينهما حوار ينتج توافقًا وينتج خطابًا عامًا يمثل “الذاتية المشتركة”.

ولفت إلى أن “ماكرون في خطابه ضد الإسلام اليوم خالف مبدأ العلمانية في بداياته، ونحن اليوم نعيش في القرن الواحد والعشرين”، مشيرًا إلى أنه يسعى لاختراع عدوّ وتضادية في موضوع الإسلام السياسي، في الوقت الذي ينبغي عليه إن كان معاديًا للإسلام السياسي، أن يسعى للقيام بإصلاح سياسي في فرنسا، وليس مهاجمة الإسلام.

كيف سيتأثر الاقتصاد الفرنسي بالمقاطعة؟

وأكد أستاذ الصراعات الدولية أن الاقتصاد الفرنسي سيتأثر بحملات المقاطعة في العالم العربي والإسلامي للبضائع الفرنسية، منوهًا إلى أن الاقتصاد الفرنسي كان يعاني أصلاً بعد جائحة كورونا، فكيف سيكون حاله بعد تضرر مصالحه الاقتصادية التي تقدر بالمليارات في الشرق الأوسط.

وشدد على أن دول الشرق الأوسط لديها خيارات كثيرة فلم يعد الاقتصاد محصورًا بمجموعة من دول الغرب، لا سيما وأن هناك اقتصاديات صاعدة توفر البدائل ولا تتخذ مواقف عدائية أيدولوجية ضد المسلمين.

وحذر المومني من أنه إذا ما استمرت فرنسا بمواقفها المسيئة للإسلام والمسلمين ونبيهم صلى الله عليه وسلم بذريعة الدفاع عن الحريات، فإنها في نهاية المطاف ستخسر كثيرًا إن لم يكن هناك محاولات لرأب الصدع في العلاقات الفرنسية العربية الإسلامية.

العالم الغربي لا يفهم سوى لغة المقاطعة والخسارة المادية

من جانبه أكد الدبلوماسي والوزير الأسبق الدكتور بسام العموش في تصريحاتٍ إلى “البوصلة” أن حملات المقاطعة من الأهمية بمكان، لا سيما وأن العالم الغربي عالم مادي لا يفهم الخطابات العاطفية وهي غير مفيدة، مشددًا على أن فرنسا حينما تشعر أن المليارات التي تجنيها من العالم العربي والإسلامي بدأت تتراجع فهذا هو المؤثر بالنسبة لها.

وقال العموش: إن استخدام سلاح المقاطعة ما هو إلا “أمرٌ مؤقت” حتى يتحرك الشعب الفرنسي ويجعل هذا الشخص يستجيب للمسلمين ويعتذر ويوقف السخرية التي أعلن أنه لن يوقفها، مشددًا في الوقت ذاته على أن الاستمرار بالسخرية من نبينا وديننا، فهذا يعني أننا لن نترك شركاتهم وبضائعهم ومصانعهم تعمل بشكل طبيعي وستستمر المقاطعة في العالم العربي والإسلامي.

وأكد العموش أن المقاطعة بدأت تأثيراتها سريعًا على فرنسا، متسائلاً في الوقت ذاته وإلا إن كانت المقاطعة غير مؤثرة فلماذا طلبت الخارجية الفرنسية من دول الشرق الأوسط عدم مقاطعة بضائعها، واتهمت دعاة المقاطعة بأنّهم أقلية، فإن كانوا كذلك لم تأبهون لهم؟.

وأشار العموش إلى أن الشركات الفرنسية والشعب الفرنسي بعد تأثير المقاطعة عليهم سيقفون في وجه حكومتهم ورئيسهم وهذا هو المطلوب، لكن لا نقبل أن يستمر الرئيس الفرنسي بالاستهزاء فهذا أمرٌ غير مقبول، وعدم توجيه اعتذار صريح للمسلمين عن الإساءة لنبينا ومشاعرنا فهذا أيضًا غير مقبول.

وأعاد التذكير بأنا فرنسا لا تملك صفحة بيضاء مع العالم الإسلامي، لا سيما وأنها افتتحت متحفًا لجماجم أكثر من 10 مليون جزائري قتلتهم، وهذه بحد ذاتها جريمة، يجب أن تحول لمحاكم الجرائم الدولية.

ونوه إلى أنه عندما ذهب ساركوزي للجزائر زائرًا وطلب منه الجزائريون أن يعتذر عن المجازر التي قامت بها فرنسا في الجزائر لكنّه لم يقبل، متسائلا: إلى متى نبقى هكذا في عالمنا العربي والإسلامي، فإن كانت الزعامات السياسية لها حسابات، فلا يجوز أن نبقى نحن الشعوب على صمتنا.

وطالب العموش بأن تتصاعد حملات المقاطعة والتنديد بما فعلته فرنسا، ويجب أن تتحرك الدول العربية والإسلامية، مشيدًا في الوقت ذاته بالموقف التركي الذي صدر عن القيادة التركية.

كما طالب بضرورة أن تتحرك قيادات الدول العربية وتتخذ موقفًا مما يجري من إساءة لدينا ونبينا عليه الصلاة والسلام، متسائلاً: ما قيمة عالمنا العربي إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يهان ولا يتحرك أحد من قياداته ويعبر عن موقفه.

هل يريد ماكرون أن يفجر حربًا دينية؟

وأشار العموش إلى أن ماكرون ليس رئيسا للفرنسيين المسيحيين فقط بل رئيس لجميع الفرنسيين ومن ضمنهم ما يزيد عن 10 مليون مسلم، لا يجوز له احتقارهم، منوهًا إلى أن السياسي ينبغي أن يسعى لجمع كل فئات الناس حوله.

واستذكر الموقف الأخلاقي الذي تبنته رئيسة وزراء نيوزيلاندا بعد الحادث الإجرامي ضد المسلمين، فما كان منها إلا أن غطت رأسها وذهبت للعزاء واعتذرت وتمت محاكمة المجرم.

وتساءل العموش لماذا يصر ماكرون على أن يرعى السخرية من الإسلام والمسلمين ويستمر فيها ويعلن أنه لن يتوقف، فهل يريد تفجير حرب دينية؟

وختم بتوجيه رسالة للغرب: علموا الطلاب في المدارس والجامعات حرية الاعتقاد وعلموهم  التعددية ولكن لا تعلموهم السخرية من الأديان، لأن البعد الديني في العلاقات خطير وليس كل الناس على درجة واحدة من ضبط النفس، وبالتالي من يفعل ذلك يريد أن يفجرها حربًا دينية، ونحن لا نريد ذلك ولا نسعى له؛ بل نطالب باحترام الناس لبعضهم البعض، وبعد ذلك كل له الحرية باعتناق المعتقد الذي يريد.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: