رفع أسعار الفائدة.. كيف يدفع المقترضون الثمن؟

رفع أسعار الفائدة.. كيف يدفع المقترضون الثمن؟

البوصلة – محمد سعد

قررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، الخميس، رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس على أدوات السياسة النقدية كافة للبنك، اعتبارًا من يوم غدٍ الأحد .

ويأتي هذا القرار، بعد يوم واحد من رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة الرئيسي، بمقدار 50 نقطة أساس، كخطوة أكثر عدوانية حتى الآن في معركته ضد ارتفاعات التضخم.

الخبير الاقتصادي منير ديه، أوضح ان رفع أسعار الفائدة يعني زيادة كلفة الاقتراض و بالتالي زيادة الأعباء على الحكومات و الافراد و المستثمرين مما يقلل الرغبة في الاستثمار و الشراء و بالتالي تراجع النشاط الاقتصادي مما يؤدي الى زيادة البطالة و تقليل النمو و سيشجع الأغنياء أصحاب رؤوس الأموال على إيداع أموالهم في البنوك للحصول على عوائد افضل بدلاً من المجازفة وضخها في الأسواق .

بحسب بيان للبنك المركزي، “انسجاما مع هدفه في المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي في المملكة، ولاحتواء الضغوط التضخمية المحلية المتوقعة في ضوء استمرار الارتفاع في معدلات التضخم العالمي، وكذلك انسجاماً مع ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق المالية الإقليمية والدولية”.

وجاء قرار المركزي الأميركي لمحاربة التضخم المرتفع، حيث سجل 8.5% في مارس الماضي، بدفع من نقص المعروض من السلع بسبب مشاكل سلاسل التوريد سواء نتيجة إغلاقات كوفيد في الصين، أو الحرب الأوكرانية وتأثيرها على أسعار العديد من السلع الأساسية من الغذاء إلى الطاقة.

هكذا تؤثر عليك

وأكد دية في تصريحات لـ “البوصلة”، ان “المواطن الفقير والذي يعاني من كثرة الالتزامات و الديون ستزداد حياته صعوبة و ستزيد قيمة الديون المترتبة عليه و سترتفع كلفة المعيشة و أسعار السلع و سيدفع هذا المواطن ثمن الازمات السياسية و الاقتصادية التي تعصف بالعالم” .

وبالتالي فإن احتياجاتك التمويلية ستكون أكثر تكلفة في الوقت الراهن، وخاصة القروض بفائدة ثابتة، إذ إنها تحمل في طياتها مخاطر أعلى بالنسبة للممولين من البنوك وشركات التمويل، مع احتمالية رفع جديد في أسعار الفائدة.

كما أن القروض القائمة بأسعار فائدة متغيرة سواء كانت قروض تمويل عقاري أو تمويل مركبات وسلع، فإنها هي الأخرى ستشهد ارتفاعاً وعليك مراجعة قروضك في هذه الأوقات والتواصل مع الجهة الممولة لقروضك لمعرفة حجم التأثير على ميزانيتك الشخصية.

وتعني القروض بفائدة متغيرة (متحركة): القروض التي تتكون من شقين، أحدهما ثابت وهو هامش الفائدة التي يحصل عليها البنك الممول وتختلف من بنك لآخر وحسب كل عميل وجدارته الائتمانية، بالإضافة إلى شق متغير وهو سعر الفائدة الرسمي المعلن من البنك المركزي.

وتمثل أسعار الفائدة أحد أسلحة البنوك المركزية في كبح جماح التضخم، عبر امتصاص فوائض السيولة من الاقتصاد وتقويض الطلب.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الدول التي ترزح تحت طائلة الديون ستجد صعوبة في الحصول على قروض لسداد القروض السابقة وسيترتب عليها عبء فوائد الدين المحلي و الخارجي و ستتراجع ايرادتها الضريبية و الجمركية نتيجة انكماش الاقتصاد وتراجع الطلب .

وتوقع ديه ان الفدرالي الأمريكي يأخذ مزيد من القرارات خلال العام الحالي و بداية العام القادم لرفع سعر الفائدة على الدولار لتصل معدل الفائدة لنحو ٣،٥ ٪؜ مما يعني مزيداً من الصعوبات و التحديات و الأعباء على الحكومات و الافراد المقترضين ،ولكن في حال لم ينخفض التضخم بعد كل هذه القرارات فأن العالم سيدخل مرحلة التضخم التراكمي والذي يعني استمرار ارتفاع الأسعار مع تراجع الطلب بشكل كبير .

وقال ديه “صراعات الدول العظمى بدأت منذ ازمة فايروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ولكن لا احد يعلم متى وكيف ستنتهي” .

محددات الفائدة

مع رفع الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، فإن العديد من البنوك المركزية العالمية باتت مجبرة على اتباع خطاه، إذ أنه حتى ولو لم تكن معدلات التضخم المسجلة لديها مرتفعة بصورة تدعو لزيادة أسعار الفائدة، فقد تكون مضطرة إلى هذا القرار إما للحفاظ على تدفقات رؤوس الأموال القادمة إليها نتيجة المنافسة مع أسعار عائد أعلى تقدمها سندات الخزانة الأميركية، أو لارتباط عملتها بصورة مباشرة بالدولار، وبالتالي ضرورة المحافظة على أسعار الصرف مع الدولار والمتوقع أن يشهد ارتفاعا كبيرا بالمقارنة مع العديد من العملات.

وسجل الدولار الأميركي أعلى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية خلال الشهر الماضي، قبل أن يتراجع قليلاً عقب قرار رفع الفائدة، إلا أن التوقع الأقرب هو المزيد من ارتفاع أسعار الدولار مقابل العملات العالمية، خاصةً عملات الأسواق الناشئة.

دول الخليج

بدورها، أعلنت 5 بنوك مركزية خليجية رفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، وهي: السعودية، والكويت، والبحرين، والإمارات، وقطر، مع ارتباط عملاتها بالدولار، رغم قراءات التضخم التي كانت أقل بصورة كبيرة عن مثيلتها في الولايات المتحدة.

وعزت البنوك قراراتها إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمي، وتجنيب اقتصاداتها صدمات تضخمية مستوردة من ارتفاع أسعار السلع العالمية والطاقة.

دعوة لفك الارتباط مع “الدولار”

وأوضح محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، قائلا: “إن الفيدرالي الأمريكي لم يأت بجديد وأن هناك خطة لزيادة الفائدة منذ بداية العام، حتى تصريحات مسؤولي الفيدرالي أكدت على الرفع لـ6 مرات متتالية، وهو ما يوضح أن الاجتماعات القادمة ستحمل المزيد من رفع الفائدة، وهو ما يحقق مصلحة الاقتصاد الأمريكي على حساب الاقتصاد العالمي كالعادة”، لافتا إلى أن “حالة التذبذب والتحركات التي قامت بها عدد من البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة، خصوصا الدول العربية، عقب قرار الفيدرالي الأمريكي، متوقعة لارتباط اقتصادها بالاقتصاد الأمريكي، وعملتها بالدولار، وبالتالي وجب عليها رفع الفائدة وتحمل الفاتورة الباهظة التي سيدفعها العالم نيابة عن أمريكا”.

وأكد عبد الوهاب أن “الفيدرالي الأمريكي يقود الاقتصاد العالمي إلى الهوة بأقصى سرعة، نتيجة الإفراط في استخدام سياسات التيسير الكمي منذ عام 2008، في محاولة لمعالجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الأزمة العالمية التي تسبب فيها الجهاز المصرفي الأمريكي، وكذلك خلال أزمة جائحة كورونا، لدرجة طباعة أكثر من 25 مليار دولار دون غطاء، في محاولة منها للتخفيف من أثر الأزمة على اقتصادها وقصر النظر على الاقتصاد الأمريكي دون الاقتصاد العالمي”.

وعن الحلول المقترحة، قال المستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية، إنه يجب على دولة مثل مصر ان تشكل حكومة اقتصادية بأقصى سرعة والدعوة إلى مؤتمر اقتصادي في أقرب فرصة لإعادة رسم المشهد الاقتصادي في مصر والعالم العربي، وفك الارتباط نوعيا بالدولار واستبداله بسلة عملات متنوعة والحد من سيطرة الفيدرالي وسطوته

ولفت عبد الوهاب إلى أننا نحتاج إلى قرارات صارمة للحد من استيراد المزيد من السلع التي يتوافر لها بديل محلي، وتخفيف القيود على استيراد المواد الخام وتسهيل الاعتمادات المستندية، مشددا على ضرورة دعم المصدرين بشكل أكبر والمزيد من السياسات المتشددة في عمليات تداول الدولار على المستوى المحلي.


Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: