الأمن في الضفة يقاتل بسيف الاعتقال السياسي لـ”استعادة هيبته”

الأمن في الضفة يقاتل بسيف الاعتقال السياسي لـ”استعادة هيبته”


رفعت الأحداث المتلاحقة في الشيخ جراح والمسجد الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة، من مستويات الجرأة لدى الفلسطينيين في إبداء رأيهم والتعبير على دعمهم للمقاومة والمواجهة، مستفيدين من مستوى الحريات الذي ارتفع خلال التحضيرات للانتخابات التشريعية قبل أن تؤجل.

وفي العشرين من فبراير/ شباط، أصدر الرئيس مرسومًا بشأن تعزيز الحريات العامة، والذي جاء لتأكيد المؤكد في القانون الأساسي، والذي نص في مادته الثانية على “حظر الملاحقة والاحتجاز والتوقيف والاعتقال وكافة أنواع المساءلة خارج أحكام القانون، لأسباب تتعلق بحرية الرأي والانتماء السياسي”.

لكن الاعتقالات السياسية التي نفذتها الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية المحتلة فور انتهاء العدوان على غزة، جاءت لتنسف ما جاء في ذلك المرسوم، وتنسف معه كل أمل برأب الصدع وإنهاء الانقسام الذي طال أمده.

مجموعة “محامون من أجل العدالة” التي أخذت على عاتقها تمثيل المعتقلين السياسيين قانونيًا ومتابعتهم ورصد الانتهاكات بحقهم، رصدت منذ بداية الفعاليات التضامنية مع الشيخ جراح وغزة 22 حالة ما بين استدعاء واعتقال واعتقالات إدارية على ذمة المحافظ.

وقال عضو المجموعة المحامي مهند كراجة لوكالة “صفا” إن عددًا من هؤلاء المعتقلين تم الإفراج عنهم، فيما بقي آخرون قيد التحقيق.

وأوضح أن التهم التي توجه للمعتقلين غالبًا تتعلق بإثارة النعرات الطائفية والذم الواقع على السلطة، بناء على منشورات لهم على صفحات “فيسبوك” أو مشاركتهم بالفعاليات التضامنية.

وأكد أن معظم هذه الاعتقالات تتم بطريقة تعسفية تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة، سواء في مذكرات التوقيف أو التفتيش أو مذكرات الاعتقال، بالإضافة إلى التعذيب داخل اللجنة الأمنية في أريحا.

وأشار إلى العديد من التقارير الحقوقية وكذلك إفادات لمعتقلين بعد الإفراج عنهم، تحدثوا عن تعرضهم لسوء المعاملة وسوء ظروف التوقيف في مقرات اللجنة الأمنية التي لا تلتزم بالقوانين، وفي كثير من الأحيان كانت ترفض تنفيذ قرارات المحاكم.

وقال إن كثيرا من المعتقلين أثاروا ادعاءات تعذيب أمام النيابة العامة ومحكمة الصلح.

وأكد أن نقل المعتقلين إلى مقر اللجنة الأمنية في أريحا من محافظات أخرى هو تعدٍّ على اختصاص المحكمة المكاني.

وتحدث كراجة عن التضييق الذي يمارس على عمل المجموعة والتحريض عليها، في محاولة لعرقلة عمل المجموعة بفضح الانتهاكات والاعتقالات السياسية.

وقال إن الأجهزة تجبر عائلات المعتقلين تحت التهديد والوعيد على عزل محامي المجموعة، وتمنعهم من لقاء موكليهم أو زيارتهم والحصول على توكيلاتهم.

وقال إن هذه الاعتقالات السياسية والاستدعاءات تثير المخاوف من تراجع مستوى الحريات، بما يخالف مرسوم الحريات الصادر عن الرئيس، والذي لم يجف الحبر عنه بعد.

تخويف وترهيب

ورأى النائب في المجلس التشريعي عبد الرحمن زيدان أن هذه الاعتقالات تأتي في سياق محاولة إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العدوان وتحضيرات الانتخابات.

وقال لوكالة “صفا” إن التطورات التي واكبت تحضيرات الانتخابات ومرسوم الحريات ثم العدوان على غزة وما رافقه من حراك شعبي، أثارت مخاوف الأجهزة الأمنية بأن الأمور تخرج من يدها، فلجأت للاعتقالات لتشعر الناس بأن الأمور عادت لطبيعتها.

وأكد أن تزامن هذه الاعتقالات مع حملة الاعتقالات التي نفذها الاحتلال بحق قياديي حركة حماس خلال العدوان، لم يكن صدفة، وإنما حلقة من حلقات التنسيق الأمني.

وقال: “كان هناك تطمينات من السلطة للإدارة الأمريكية بأنها لن تسمح بخروج الأمور عن السيطرة، وكان هناك قمع لبعض الفعاليات خاصة في الخليل”.

ولا يجد زيدان جدوى من عودة اللقاءات على المستويات القيادية على نمط لقاءات القياديين صالح العاروري وجبريل الرجوب، والتي لم ينفذ من مخرجاتها أي شيء، وفق قوله.

وأضاف أنه بعد تفرد حركة فتح بتأجيل الانتخابات، نُزعت الثقة بينها وبين كل الطيف السياسي والمستقلين.

“سلوك معيب”

وطالب خليل عساف عضو لجنة الحريات بوقف الاعتقالات السياسية بشكل عاجل، وأن يحاسب كل من يقوم بها.

ووصف الاعتقالات السياسية بالسلوك المعيب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، خاصة وأن الضفة تعيش تحت احتلال يتحكم في كل بقعة فيها.

وقال: “لا يعقل أن يلاحق نشطاء بسبب نشاطهم الوطني أو الطلابي أو الحزبي أو الاجتماعي ما دام أن هذا النشاط غير مخالف للقانون والنظام العام”.

وأكد أن ملاحقة النشطاء على قضايا الرأي والتعبير يعطي القوة والدافعية للاحتلال ليتمادى في سياسة الاعتقال الإداري وملاحقة الناس وإهانتهم.

ويرى عساف أن الاعتقال السياسي لن يتوقف ما دام هناك انقسام، وفي ظل غياب مجلس تشريعي فاعل وقوي، وغياب قوى وفصائل حقيقية لا تجامل ولا تعاني من حالة خرس وعمى، على حد وصفه.

واعتبر أن مهمة التصدي لهذه الاعتقالات تقع على عاتق المجلس التشريعي والفصائل والقوى التي تعطي الشرعية السياسية للنظام القائم.

وقال إن دور النيابة في الاعتقالات السياسية تشوبه فساد، فهي التي تكيّف مدد التوقيف وتتبنى كامل رواية الأجهزة الأمنية، وتقف بقوة لتمديد التوقيف في مواجهة طلبات إخلاء السبيل.

وأضاف “نحن كلجنة حريات نكون ضعفاء أمام القضاء لأننا لا نستطيع التدخل بعمله”.

وطالب بتطبيق القانون، ولكن ليس القانون الذي يراه بعض الأشخاص في الأجهزة الأمنية وفي المستوى السياسي.

وأضاف “من غير المقبول أن يكون هناك مواطن يسمح له بالكلام وآخر لا يسمح له، مواطن يسمح له بحمل السلاح للاستعراض وآخر يمنع من إبداء رأيه بمنشور على فيسبوك، ولا يجوز أن يكون هناك مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية”.

وحذر عساف من الخطر الكبير جراء استمرار الاعتقالات السياسية التي وصفها بأنها وصفة سحرية لحرب أهلية ولتخريب أي جهد طيب لإنهاء الانقسام.

وقال إن حركة حماس لن تقبل بعد اليوم باستمرار إهانة أبنائها وملاحقتهم كما كان يحصل قبل العدوان الأخير على غزة.

وأضاف “إذا كانت حماس لم تسكت عما يمارسه الاحتلال ضد أهالي القدس والشيخ جراح والمرابطين في المسجد الأقصى، فهي لن تقبل في ظل الشراكة الوطنية أن تتعامل معها السلطة بوجهين”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: