بريطانيا طبقت “الشق الأول” من وعد بلفور.. ماذا عن الآخر؟

بريطانيا طبقت “الشق الأول” من وعد بلفور.. ماذا عن الآخر؟

وعد بلفور

يكاد يعرف الجميع “الشق الأول” من وعد وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في عام 1917 بإعطاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، لكن مما يخفى على كثيرين هو “الشق الثاني” من الوعد الذي يعتبره الفلسطينيون “مشؤوما”.

فإلى جانب التعهد بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، أكدت رسالة “بلفور” إلى البارون المليونير اليهودي روتشيلد، على ألا يترتب على ذلك انتقاص “للحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين”، كما نص الوعد.

وفي قراءة سابقة لوعد بلفور، قال محسن صالح، مدير عام “مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات” ومقره بلبنان، إن بريطانيا أثناء احتلالها لفلسطين، قامت بتطبيق الشق الأول من وعد بلفور بإنشاء “وطن قومي لليهود في فلسطين”.

لكنها لم تلتزم بشقه الثاني الذي يتضمن عدم الإضرار بحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92 بالمئة من السكان وفق التقديرات البريطانية نفسها، وفق صالح.

وفي عام 1948، أثناء خروج بريطانيا من فلسطين، فإنها سلمت الأراضي الفلسطينية لـ”منظمات صهيونية مسلحة”.


وارتكبت تلك المنظمات مجازر بحق الفلسطينيين، وهجرتهم من أراضيهم لتأسيس دولتهم عليها، فيما عرفت هذه الحادثة فلسطينيا بـ”النكبة”.

ويعتقد أبو نصار، أن الوعد البريطاني، والخطة الأمريكية، رغم فائدتهما لـ”إسرائيل”، إلا أن حجم الضرر العائد على تل أبيب، أكبر.

وتابع: “هذه الخطوات السياسية، وضعت إسرائيل في حالة عداء مع مئات الآلاف من العرب والمسلمين (على الصعيد الشعبي)، فنتيجتهما عكسية”.

إلى جانب آخر، فإن الظروف التي عاشتها المنطقة العربية خلال وعد بلفور، وخطة ترامب تكاد تكون متشابهة.

واستكمل قائلا: “العرب في أضعف حالاتهم، وهم مهمّشون ومشتتون وبدون رؤية استراتيجية سياسية، وبدون خطط لمواجهة المؤامرات”.

وكما سعى وعد بلفور إلى تفكيك المنطقة العربية، فإن خطة ترامب، تهدف كذلك لتحقيق نفس الهدف من خلال توسيع حالة التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل، وفق أبو نصار.

ويعتقد أن “التطبيع وإعادة بلورة إسرائيل في المنطقة العربية، من شأنه أن يحافظ على السيطرة والنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط”، وتقويض “الوجود الصيني والروسي في المنطقة”.

ويقول إن ذلك الهدف، يتفق أيضا مع وعد بلفور، الذي سعى للحفاظ على الوجود البريطاني في الشرق الأوسط، معتبرا الخطتيْن جزءا من صراع القوى الكُبرى على المنطقة.

وضمن خطة “ترامب”، اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، وقطعت مساعداتها عن الفلسطينيين ووكالة “أونروا”، وأغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية على أراضيها، واعتبرت الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية شرعيا، واعترفت بسيادة تل أبيب على الجولان السوري المحتل.

وألغت الخطة القيود التي كانت تمنع استخدام المساعدات الأمريكية المخصصة للتعاون العلمي في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية ومرتفعات الجولان، وسمحت لتل أبيب بضم 30 بالمئة من الضفة الغربية، وأخيرا قادت واشنطن عملية التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم ذلك، فإن أبو نصّار يرى وجود عدد من الاختلافات في ظروف إصدار الوعد البريطاني، والخطة الأمريكية، حيث يكمن أبرزها في “الوضع السياسي لليهود”.

وأوضح أنه “اليهود في فترة وعد بلفور كانوا مشتتين ويعيشون حالة من القلق والترقّب لمصيرهم ووضعهم السياسي، لكنهم اليوم يعيشون في دولة قوية”.

طلب “تعويض المعاناة” 

من جانبه، دعا مجلس الوزراء الفلسطيني، في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الاثنين، بريطانيا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على الحدود التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية وعاصمتها القدس، “تعويضا لشعبنا عما ألم به جراء إعلان وعد بلفور المشؤوم”. 

ودافعت بريطانيا، مرارا وتكرارا عن “وعد بلفور”، الصادر قبل أكثر من قرن، ومهد لاحتلال فلسطين وقيام “الدولة العبرية”، قائلة إنها “راضية عن الدور الذي قامت به لمساعدة إسرائيل على الوجود”.

وقالت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة كارين بيرس، في تصريح صحفي العام الماضي بمقر الأمم المتحدة بنيويورك: “نحن لا نزال نفضل حل الدولتين، ونحن راضون عن وعد بلفور، الذي ساعد على تأسيس دولة إسرائيل ووجودها، لكننا نلاحظ أن جزءا آخر من هذا الوعد لم يتم تحقيقه، وأقصد به قيام الدولة الفلسطينية”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: