لماذا تُقاوم “جِنين” بالسلاح عِوضا عن الحجارة؟

لماذا تُقاوم “جِنين” بالسلاح عِوضا عن الحجارة؟

تُالبوصلة – تواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية، تحديا حقيقيا في مدينة ومخيم جِنين (شمال).

فحينما تقتحم بقية مناطق الضفة، تُواجه برشقها بالحجارة من قبل الشبان؛ لكن في جنين، يُطلقون الذخيرة الحية باتجاهها، وتندلع اشتباكات مسلحة.

وكان آخر هذه الاشتباكات، ما جرى فجر الإثنين الماضي، حينما توغلت قوات الاحتلال، لاعتقال شاب فلسطيني، فاندلع اشتباك مسلح، أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين.

ويقول ناشط في المخيم لوكالة الأناضول، إن المقاومين من كافة الفصائل، على “استعداد للاشتباك مع الجيش الإسرائيلي كلما اقتحم مخيمهم”.

أما الخبراء، فيرون أن ما يجرى في “جِنين”، مردّه “استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وغياب الأفق السياسي، وأسباب أخرى منها اجتماعية واقتصادية، تدفع لمواجهة الاحتلال”.

وبحسب إحصائيات فلسطينية، استشهد منذ مطلع العام الجاري 10 شبان في جنين، برصاص الجيش الإسرائيلي.

وكان من أبرز الحوادث خلال الفترة الماضية، ما جرى يوم 10 يونيو/حزيران الماضي، حينما اندلع اشتباك مسلح، عقب اقتحام المدينة، وأسفر عن استشهاد 3 فلسطينيين، بينهم عنصرا أمن، يعملان في جهاز الاستخبارات الفلسطينية.

وفي شوارع مخيم جنين، يُشاهَد عشرات الشبان الذين يحملون السلاح علانية، من كافة الفصائل.

ويصف رياض أبو وعد، الناشط في مخيم جنين، الأوضاع حاليا بقوله “حالة من التوتر والقلق، المشهد ثأري، الشباب غاضب وأي اقتحام لقوات الاحتلال سيحدث اشتباك مسلح أعنف من السابق”.

وأضاف أبو وعد لوكالة الأناضول “المواجهة تتسع يوما بعد يوم مع قوات الاحتلال الإسرائيلية، ردا على عمليات الاقتحام والاعتقالات التي لم تتوقف منذ العام 2002”.

وأشار أبو وعد، إلى وجود “تكاتف بين كافة المقاومين”، وقال “الرابط الاجتماعي في المخيم أقوى من الفصائلي، لذلك تجد كافة الفصائل معا في مواجهة أي اقتحام”.

وتابع “الجيش الإسرائيلي من يأتي إلينا، ويقتحم بيوتنا، لم نذهب له، هذه مناطق مصنفة تحت السيطرة الفلسطينية، ما هو عملهم هنا؟”.

ويعرف مخيم جنين بصلابته في مواجهة الجيش الإسرائيلي، حيث خاض مقاومون معركة ضارية، مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أبريل/ نيسان من العام 2002، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، وفق تقرير للأمم المتحدة في حينه، وتدمير غالبية مساكن المخيم.

ويُرجع القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين، أسامة الحروب، تصاعد المقاومة المسلحة، إلى وجود جيل “تربى على مقاومة الاحتلال، وكسرت لديه حالة الخوف بينما كانوا أطفالا خلال معركة المخيم في العام 2002”.

ويضيف في حوار مع وكالة الأناضول “معركة المخيم أنتجت جيلا تربى على المقاومة، والمقاومون (الحاليون هم) أبناء شهداء وذويهم شهداء أو أسرى”.

وتوقع القيادي، أن يصعّد الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه على المخيم.

وقال “الجيش الإسرائيلي لا يريد وجود مقاومة تُطلق النار على قواته خلال عملياته، يريدون تنفيذ عمليات الاقتحام والاعتقالات بكل هدوء”.

وتابع “قد يعتقلون المئات، ويقتلون العشرات، لكن هذا الشعب لن ينكسر وسيبقى يقاوم، وهذه هي العلاقة الحتمية والطبيعية بين المحتل والشعب”.

في المقابل، يقول خبراء إن أسبابا عديدة تدفع لتحوّل مدينة جنين ومخيمها خاصة، لساحة مسلحة مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، جهاد حرب، إن “عامل الاحتلال واستمرار اقتحاماته لمحافظة جنين ومخيمها تحديدا واعتقال النشطاء، أبرز تلك العوامل”.

ولفت إلى أن حالة إحباط عامة، تسود الشارع الفلسطيني لغياب أي “أفق سياسي”، وهي مؤشر على اتجاه الأمور نحو “الانفجار، ومواجهة الاحتلال في ظل استمرار انتهاكاته”.

وتوقفت المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ عام 2014، نظرا لرفض الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المكونة للحكومات المتعاقبة، لمبدأ “حل الدولتين”، وسعيها لضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل.

وبيّن حرب أن الحالة السائدة في جنين، (التصدي المسلح لقوات الاحتلال) قد تمتد إلى بقية محافظات الضفة الغربية، في ظل “الظروف المتفجرة وبسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وسياسات التهويد في القدس، والبناء الاستيطاني وغيرها، وكلها مؤشرات دافعة للوصول إلى انفجار”.

وتابع حرب “في مخيم جنين تحديدا، يعيش جيل يعشق تحدي الاحتلال”.

وتوقع أستاذ العلوم السياسية استمرار “حالة الاشتباك، وتصاعدها في حال اقتحام القوات الإسرائيلية للمخيم”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، جنوب بالضفة الغربية، بلال الشوبكي، أن ما يجري من تصعيد واشتباك مسلح في جنين ومخيمها، مع الجيش الإسرائيلي “حالة حتمية للنضال الفلسطيني، ولغياب الأفق السياسي”.

وقال الشوبكي للأناضول “منذ العام 2014، تشهد الضفة الغربية هبات في مواجهة الاحتلال، متفاوتة زمانيا ومكانيا”.

ويضيف الشوبكي “تلك الهبات ليست بوتيرة واحدة، ومتقطعة، تقتصر على بعض المناطق دون غيرها، كما يحدث اليوم في مخيم جنين من حالة اشتباك مسلح مع القوات الإسرائيلية”.

ويكمل “الشارع الفلسطيني والعقل الجمعي، يطوّر أدواته النضالية، وهو ما ينسجم مع فلسفة حركات المقاومة التي تسعى لإبقاء حالة النضال مستمرة مع الاحتلال، بمعنى أنه (أي الاحتلال) لم ينتصر على الشعب”.

وأرجع الشوبكي تلك الحالة، والتي وصفها بـ “الحتمية” لـ”وجود احتلال، إلى جانب غياب الأفق السياسي بفعل السلوك الإسرائيلي”.

وختم حديثه بقوله “في أي صراع، لا بد من وجود حلول، إما أفق سياسي أو مقاومة، وبات الخيار الأخير هو المفروض على الشعب الفلسطيني”.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: