نزع مواطنة المقدسيين.. خطة أمريكية لتغيير الهوية وإلغاء الوجود بالقدس

نزع مواطنة المقدسيين.. خطة أمريكية لتغيير الهوية وإلغاء الوجود بالقدس

البوصلة – ضمن إجراءاتها وسياساتها التي لا تتوقف تجاه مدينة القدس المحتلة، وتتوافق مع السياسات الإسرائيلية، تعمدت وزارة الخارجية الأمريكية تغيير صفة المواطنة الفلسطينية عن المقدسيين المقيمين داخل المدينة المقدسة، في سابقة خطيرة تستهدف وجودهم وحقوقهم المشروعة.

ففي تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم، أسقطت الخارجية الأميركية صفة “الفلسطيني” عن سكان القدس، واستبدلتها بـ “السكان العرب” أو “المواطنين غير الإسرائيليين”، وذلك في تنكر واضح للقرارات الأممية التي تعترف بـ”القدس الشرقية” كجزء من حدود 1967، وتؤكد حقهم في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة.

وينطبق هذا التعريف على الغالبية العظمى من سكان القدس الذين يتجاوز عددهم 340 ألفًا، ويأتي وسط تزايد المشاحنات حول المدينة، عقب نشر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خطته للسلام المعروفة إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، والتي تضمنت أن “القدس ستبقى عاصمة موحدة لإسرائيل غير قابلة للتجزئة”.

وتزعم إدارة ترمب أنها “ترسي مبدأ الالتزام بالحقيقة والوقائع على الأرض، وأن التعريف الجديد يعكس الواقع في القدس كما هو لأنه لا توجد دولة فلسطينية، وأن السكان العرب في القدس ليسوا مواطنيها أيضًا”.

ويشكل هذا الإجراء سابقة خطيرة، وتحد للشرعية الدولية والقانون الدولي والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وإمعانًا في السياسات الأمريكية الموجهة ضد مدينة القدس، في ظل انحياز واضح لإدارة ترمب للاحتلال الإسرائيلي.

تجاوز خطير

رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري يؤكد رفضه القاطع لنزع الخارجية الأمريكية صفة المواطنة عن المقدسيين، قائلًا: “نحن لسنا بحاجة لأن تمنحنا أمريكا أو إسرائيل صفة المواطنة في المدينة المقدسة”.

ويضيف “ما ورد في تقرير الخارجية الأمريكية من إجراء خطير، يؤكد أن سياساتها مستمدة من التعاليم الإسرائيلية، وهذا أمر نرفضه بشدة، كونه يستهدف حقوقنا المشروعة، ويعد تجاوزًا لكافة القوانين والأعراف الدولية”.

وبهذه الخطوة، تهدف الإدارة الأمريكية إلى عدم مطالبتنا بحقوقنا الشرعية، حتى تتمكن من تنفيذ ما يسمى “صفقة القرن” اللعينة والباطلة، والرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.

لكن نقول لهم: “نحن ثابتون ومرابطون على أرضنا المقدسة، متمسكون بحقوقنا، ولن نتنازل عنها مهما طال الزمن أو قصر ومهما غطرس المحتلون، لأن صاحب الحق والأرض يبقى قويًا”.

ويشير صبري إلى أن مواطنتنا متجذرة عبر التاريخ قبل مجيء الإسرائيليين إلى فلسطين، وإسقاط المواطنة عن المقدسيين ليست بالجديدة في نظرتهم للفلسطينيين كما الاحتلال الذي يعتبر المقدسيين أنهم مقيمون في القدس وليسوا مواطنيها.

إلغاء الوجود

ويرى الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي أن إسقاط المواطنة عن المقدسيين تأتي امتدادًا لوعد بلفور الذي أعطى لليهود وطن قومي في فلسطين، وانسجامًا مع “صفقة القرن” لإنهاء الصراع والقضية الفلسطينية.

ويوضح الهدمي لوكالة “صفا” أن الخارجية الأمريكية بهذه الخطوة الخطيرة، تسعى لنزع صفة أنه شعب فلسطيني مكتمل الصفات، وليس له حق في تقرير مصيره، وحتى يصبح الفلسطينيون أقلية موجودة في المدينة المقدسة.

وتعطي هذه الخطوة الاحتلال قوة دافعة نحو تطبيق قوانينه العنصرية تجاه المدينة المقدسة، وتغيير هويتها المقدسية، وتزييف تاريخها العريق، وإلغاء الوجود الفلسطيني في المدينة.

ولهذا الإجراء الأمريكي، خطورة كبيرة على المقدسيين، وعلى بقائهم بالمدينة، نظرًا لأن الاحتلال يعمل بكافة الطرق من أجل جعلهم أقلية في المدينة لا يملكون حق التصرف فيها كما يشاؤون. يؤكد الهدمي

وحول الخيارات لمواجهة مثل هذه الإجراءات، يشدد الهدمي على ضرورة حفاظ المقدسيين على حق الإقامة في المدينة رغم الصعوبات والتحديات التي تواجههم، وعدم إعطاء الاحتلال أي ذريعة لتهجيرهم أو فقدانهم حق إقامتهم.

ويطالب باستراتيجية وطنية مدعومة من أي قيادة فلسطينية معنية بشؤون القدس للتمرد على الأرض ورفض كل المخططات الأمريكية الإسرائيلية عن طريق العصيان، وتشكيل لجان شعبية مقدسية لرعاية شؤون المقدسيين والحفاظ على تمسكهم بمدينتهم.

ورغم ذلك، يؤكد أن كل هذه المخططات لن تمر وسيفشلها الشعب الفلسطيني، طالما أنه متمسكًا بحقه في تقرير مصيره وحقه بالعودة وسيادته على الأرض، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.

وقبل عامين، أسقط تقرير للخارجية الأمريكية، مصطلح “الأراضي المحتلة” عن قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية، وفي العام الماضي، أسقط مصطلح “الأراضي المحتلة” عن هضبة الجولان السوري.

واعتبر التقرير الأميركي أن هضبة الجولان السوري، والضفة الغربية المحتلتين، وقطاع غزة المحاصر، مناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، علمًا بأن التقارير السابقة التي صدرت بهذا الشأن، وصفت هذه المناطق بـ”المحتلة”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: