“نصرت”.. سفينة عثمانية منعت سقوط إسطنبول تعود بعد قرن للبحث عن الألغام

“نصرت”.. سفينة عثمانية منعت سقوط إسطنبول تعود بعد قرن للبحث عن الألغام

خلال المعرض الدولي للصناعات الدفاعية (IDEF) الذي تستضيفه مدينة إسطنبول، وتُختتم فعالياته الجمعة، جرى عرض أول سونار (مستشعر) تركي محلي الصنع مخصص لصيد الألغام البحرية، يحمل اسم “نصرت 1915″، وذلك تخليداً لذكرى سفينة “نصرت” العثمانية، زارعة الألغام، التي حالت دون دخول قوى الحلفاء عبر مضيق الدردنيل واحتلال مدينة إسطنبول إبان الحرب العالمية الأولى.

وأثناء كشفه النقاب عن أول سونار تركي محلي الصنع خاص في الكشف والبحث عن الألغام البحرية قال إسماعيل دمير، رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية التابعة لرئاسة الجمهورية التركية، إن “اسم “نصرت 1915” يشكل جسراً قيماً للغاية بين الماضي والمستقبل”، وذلك في إشارة إلى الدور البطولي الذي لعبته سفينة “نصرت” العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، والدور الوطني الذي سيلعبه السونار المحلي في الحد من اعتماد تركيا على الخارج في هذا النوع من التقنيات العسكري.

وخلال مساعيها لإنهاء التبعية الأجنبية لأنظمة السونار البحرية، قامت شركة “أرميلسان (Armelsan)” للتكنولوجيا الدفاعية بتطوير سونار “نصرت 1915” البحري بإمكانيات محلية تجاوزت نسبتها الـ 85%. وبفضل قدرة السونار على الكشف عن الألغام البحرية من على بُعد كيلومتر بدقة وفاعلية، فضلاً عن إمكانية استخدامه ضمن المنصات المسيّرة غير المأهولة، سيحظى “نصرت 1915” بفرص تصدير عالية جداً، إقليمياً ودولياً.

زارعة الألغام “نصرت”

في عام 1911، أوكلت الدولة العثمانية إلى الألماني فريدريش كروب مهمة تصميم وبناء سفينة خاصة بالبحرية العثمانية، وبعد عامين من العمل على بناء السفينة في ميناء كيل في ألمانيا، دخلت سفينة “نصرت” الخدمة ضمن سفن الأسطول العثماني بحلول العام 1913 تحت قيادة الملازم إسماعيل حقي.

وأثناء حرب جناق قلعة عام 1915، لعبت سفينة “نصرت” التي أوكلت إليها مهمة زراعة الألغام البحرية، دوراً محورياً في صد هجوم دول الحلفاء على مضيق الدردنيل من أجل احتلال مدينة إسطنبول، عاصمة الدولة العثمانية آنذاك.

ففي أحدى ليالي مارس/آذار 1915، وبينما كان الأدميرال الفرنسي غيبرات، الذي كان مكلفاً بالعبور بأسطول الحلفاء عبر مضيق الدردنيل واحتلال إسطنبول، يراقب المياه الباردة للمضيق الضيق من على سطح أقوى السفن الحربية في تلك الفترة، وعيناه على الجيش العثماني المنهك، زرعت “نصرت” 26 لغماً بحرياً مقابل مضيق الدردنيل على نحو غير متوقع، تسببت يوم 18 مارس/آذار 1915 ليس فقط في غرق البارجة “إتش إم إس إريزيستابل” البريطانية وبارجة البحرية الملكية “المحيط” والبارجة الفرنسية “بوفيه”، بل ساهمت أيضاً في تغيير مصير الحرب لصالح العثمانيين.

سونار “نصرت 1915”

أثناء حديثه لموقع (TRT Haber)، قال جان إمري باكم، المدير العام لشركة “أرميلسان (Armelsan)”، المختصة بصناعة تكنولوجيا الدفاع البحري، “منذ البداية، كان أحد أهداف تأسيس شركتنا، هو إنهاء تبعية البحرية التركية للخارج فيما يخص أنظمة السونار البحرية التحتية”.

وأضاف: “ولأجل ذلك أسسنا فريقاً لإجراء أبحاث شاملة في هذا الشأن، تمخض عنها، أن أحد أهم احتياجات البحرية التركية التي تعتمد عليها من مصادر أجنبية هو “سونار صيد الألغام”. وعلى الفور، شمرنا عن سواعدنا وبدأنا عملية التحضير من أجل إنتاج سونار محلي متطور بأسرع وقت”.

وحتى وقتنا الحالي، وبينما تواصل البحرية التركية استخدام أنظمة سونار أجنبية باهظة التكلفة في سفن صيد الألغام من طرازي (Engin) و(Aydın)، جرى الانتهاء من جميع أعمال التحديث فضلاً عن اختبارات القبول على سونار “نصرت 1915″، الذي عرض لأول مرة في المعرض الدولي لصناعة الدفاع (IDEF) عام 2019.

وأشار جان إمري باكم، إلى أن سونار “نصرت 1915” وصل معدل إنتاجه ضمن إمكانيات محلية لأكثر من 85%، وأكد على أن الجهود متواصلة حالياً لجعله منتجاً وطنياً بنسبة 100%. وقال في هذا الصدد: “نقوم بتصميم وإنتاج جميع أجزاء السونار عدا المستشعر الذي نصممه نحن ونصنّعه في الخارج”، وأضاف: “خلال فترة قصيرة جداً سنتمكن من تصنيع المستشعر داخل تركيا”.

آلية عمل “نصرت 15”

تعمل أنظمة “سونار صيد الألغام” في الأساس على أكثر من تردد. في البداية، يقوم المختص بتنشيط نظام التردد المنخفض ما يمكّن السفينة من القيام بعملية مسح على مسافات طويلة، تكتشف خلالها الألغام السفلية أو الألغام الراسية حتى مسافة تصل لحوالي كيلومتر واحد. وفي هذه المرحلة، يمكن للسونار تمييز الأجسام المكتشفة هل هي ألغام بحرية أم أجسام شبيهة، دون القدرة على إجراء أي تصنيف آخر.

بعد ذلك، تقترب السفينة من الجسم الذي جرى تحديد موقعه من خلال السونار، ومن ثم تفحصه وتُصنفه. فإذا كان الجسم المكتشف لغماً، يقوم طاقم السفينة بتنشيط أفضل وأنسب الأنظمة التي تملكها السفينة “كاسحة الألغام” من أجل إبطال اللغم وتحيده.

وعند سؤاله ما الذي يميز “نصرت 1915” عن غيره من أنظمة السونار العالمية؟ أجاب المدير العام جان إمري باكم: “أن النظام الذي طورناه يحتوي على هوائيات استقبال ذات نطاق ترددي أعلى بكثير من الأنظمة العالمية الأخرى، وبالتالي يمكن لـ “نصرت 1915″ تحديد الأهداف بدقة أعلى وبشكل أكثر وضوحاً”.

وأضاف: “هناك توجه عالمي حالياً نحو المنصات المسيّرة غير المأهولة، لذلك أهلنا “نصرت 1915″ للاستخدام ضمن العديد من هذه المنصات المختصة بالكشف عن الألغام فضلاً عن إمكانية توظيفه كجهاز استشعار رئيسي”. واسترسل باكم قائلاً: “إنه عندما يكون النظام مستقلاً، فأنت بطبيعة الحال لا تعرض المنصات الكبيرة للخطر، كما يمكنك تحقيق النتيجة نفسها بتكلفة أقل، والأهم من ذلك أنك لا تعرض حياة أفراد الطاقم للخطر”.

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: