ما سيناريوهات إجراء الانتخابات بالقدس؟

ما سيناريوهات إجراء الانتخابات بالقدس؟

ما سيناريوهات إجراء الانتخابات بالقدس؟

رغم أن الانتخابات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة تشكل ضرورة مهمة وملحة لدى المقدسيين لتعزيز صمودهم، إلا أن وضع “إسرائيل” أي عراقيل لمنع إجرائها داخل المدينة بات يمثل معضلة كبيرة وتحديًا بارزًا يستدعي مواجهته بكل الآليات والوسائل المتاحة، ووضع كافة السيناريوهات لتمكين سكانها من ممارسة حقهم الانتخابي.

ويخشى الفلسطينيون من رفض الاحتلال أو إعاقة إجراء الانتخابات بالمدينة، لا سيما مع اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بالمدينة “عاصمة لإسرائيل” أواخر 2017، مؤكدين حق المقدسيين بالمشاركة بتلك الانتخابات ترشحًا وتصويتًا، فلا انتخابات بدون القدس، عاصمة الشعب الفلسطيني.

وفي 15 يناير الجاري، أصدر الرئيس محمود عباس مرسومًا رئاسيًا بشأن إجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، بحيث تجرى الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار، والرئاسية في 31 يوليو/تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب المقبل، وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير والتفاهمات الوطنية.

وفي وقت سابق، دعت شخصيات مقدسية، للإسراع بإجراء الانتخابات، ومن ضمنها القدس، حتى لو اقتضى الأمر الدخول في اشتباك سياسي أو معركة ميدانية لإرغام “إسرائيل” على التسليم بحق الشعب الفلسطيني، ومن ضمنهم المقدسيون، في تجديد شرعياتهم السياسية والتمثيل الشرعي عبر الانتخاب الحر والمباشر.

ضرورة ملحة

نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ ناجح بكيرات يرى أن إجراء الانتخابات بالمدينة ضرورة ملحة، باعتبارها عاصمة الشعب الفلسطيني، وإن كانت واقعة تحت الاحتلال، بدونها لا قيمة لأي انتخابات، ونكون قد تخلينا عن هذه العاصمة.

وتكمن أهمية الانتخابات-وفق بكيرات-بأنها تُعزز انتماء المقدسي لهويته وعمقه الفلسطيني وقضيته، حتى وإن حصل على إقامة إسرائيلية بالقدس، إلا أنه لن يتخلى عن محيطه، وله الحق بالمشاركة في هذه الانتخابات ترشحًا وتصويتًا.

ويضيف لوكالة “صفا” أن “انتخاب الرموز المقدسية يعني أننا سنشهد مزاحمة للاحتلال في السيادة الأمنية والسياسية بالمدينة، وممارسة عمل سياسي مهم جدًا، وسنجد من يحمل هموم المقدسيين ويساندهم ويدعمهم، وهي رسالة أيضًا لإسرائيل والداعمين لها بأن القدس لن تقبل بهذا الاحتلال”.

وعن السيناريوهات المطروحة لإجرائها حال رفضت “إسرائيل”، يقول بكيرات إن السيناريو الأول، يكمن في تشكيل كتل منظمة من الفصائل، بحيث يشارك أهل القدس في صناديق الاقتراع خارج جدار الفصل العنصري وليس في عمق المدينة.

وأما السيناريو الثاني، يُرجح تشكيل قائمة موحدة من المستقلين يتم دعمها من جهات مختلفة، لكن ذلك يحتاج إلى توعية وجهد كبير من المقدسيين.

ويشير إلى أن مشاركة أي شخصية فصائلية بالانتخابات قد يؤدي إلى فقدانها هويتها ومكان إقامتها بالقدس، ويمكن إبعادها عنها، مثل ما حدث عام 2006، حينما أبعد الاحتلال ثلاثة من نواب المجلس التشريعي ووزيرها السابق خالد أبو عرفة، وسحب إقامتهم المقدسية.

ولم يُبد بكيرات تفاؤلًا من إقبال المقدسيين على الانتخابات، قائلًا: إن” المشاركة ستكون ضعيفة جدًا، لأن المقدسيين وصلوا إلى مرحلة اليأس، نظرًا لإهمال السلطة لحقوقهم ومدينتهم وعدم إيلاء قضيتهم أي اهتمام واضح على مدار السنوات السابقة”.

ويؤكد أن هناك معضلة وإشكاليات تواجه الانتخابات بالقدس، لكن إجراءها بشكل جاد وحقيقي، قد يُغير من الأداة وطريقة تعامل الاحتلال مع المقدسيين.

ضغط حقيقي

وأما عضو المجلس الثوري لحركة فتح حاتم عبد القادر فيقول لوكالة “صفا إن إجراء الانتخابات يشكل عمقًا وعنصرًا أساسيًا في القدس، لأن من حق المقدسيين ممارسة العملية الانتخابية سواء بالترشيح أو الاقتراع كما بالانتخابات السابقة.

ويضيف “هناك تطمينات من إدارة الريس الأمريكي الجديد جو بايدن ودول أوروبية وعربية لممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال لتمكين أهل القدس من المشاركة بتلك الانتخابات، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

و”سبق للسلطة أن وجهت رسالة للإسرائيليين تؤكد فيها على اتفاقية أوسلو وما نصت عليه من السماح للمقدسيين بالمشاركة بالانتخابات، لكنها لم تتلق ردًا إيجابيًا أو سلبيًا حيال ذلك”.

وفي حال رفضت “إسرائيل” إجراءها بالقدس، يوضح عبد القادر أنه ستكون هناك بدائل أخرى تتيح للمقدسيين ممارسة حقهم بالعملية الانتخابية، منها مقترح التصويت الإلكتروني داخل المدينة، أو إجراؤها خارج الجدار، لأن هناك نحو 200 مقدسي يقطنون خارج الجدار.

ويؤكد على أهمية إجراء الانتخابات بالقدس، لما تحمله من دلائل وأبعاد سياسية، تكرس عروبة المدينة والسيادة الفلسطينية عليها، وتمثل ردًا على كل المحاولات الإسرائيلية لتهويدها وفرض أمر واقع جديد فيها، وردًا على قرار اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”.

وفي آخر انتخابات تشريعية جرت في كانون ثاني/ يناير2006، شارك المقدسيون بشكل رمزي، وسمح لـ 6 آلاف ممن لهم الحق بالمشاركة بالتصويت في الانتخابات عبر مراكز البريد الإسرائيلية، وبمغلقات كرعايا لدولة أجنبية، والبقية صوتوا في مراكز اقتراع بضواحي المدينة.

وحينها، لم يسمح الاحتلال بالدعاية الانتخابية للمرشحين ولا بالتجمعات الانتخابية، ولا بوصول لجان المراقبة والإشراف لمراكز الاقتراع.

خيارات المشاركة

الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات يرى أن خيار تصويت المقدسيين خارج ما يسمى بـ”حدود بلدية القدس”، سيجعل إقبالهم على المشاركة في هذه الانتخابات متدنيا، ناهيك عن أن هذا الخيار مستقبلًا سيرفع ويزيد من نسبة المشاركين في الانتخابات لبلدية الاحتلال، وسيزيد من نسبة الساعين للحصول على “الجنسية الإسرائيلية”.

ويشكل الاحتلال وأجهزته الأمنية-بحسب عبيدات- لاعبًا أساسيًا في تلك الانتخابات، وسيعمل على إفشالها بالقدس، وسينشر ويبث الإشاعات بأن “من سيشارك من حملة الهوية الزرقاء ستسحب هويته الإسرائيلية أو سيقطع عنه مخصصات التأمين الوطني والصحي أو مخصصات التقاعد وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.

ويضيف أن البعض قد يطرح بأن يصوت المقدسيون عبر كود محدد إلكترونيًا، وهذا ما سيثير شكوكا ويخلق بلبلة وإشاعات واتهامات بالتلاعب والتزوير وغيرها.

ووفق القانون الدولي، فإن القدس مدينة محتلة وينطبق عليها ما ينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة، وحق المقدسيين بالمشاركة فيها يجب أن لا يكون قابل للمساومات أو التنازلات وعليهم المشاركة في تلك الانتخابات. بحسب عبيدات

ويشدد على أن مشاركة المقدسيين يجب أن تكون من خلال فتح مراكز اقتراع في المدينة وحقهم بالتصويت فيها وممارسة الدعاية الانتخابية والتجمعات، وحق المراقبين الدوليين والمرشحين بالوصول للمراكز والإشراف على سير العملية الانتخابية ونزاهتها.

وبنظره، فإن الموقف الفلسطيني من مشاركة القدس بالانتخابات يجب أن يكون قويًا ومتماسكًا، بحيث يشارك الكل المقدسي ضمن ولاية جغرافية فلسطينية واحدة أسوة بسكان الضفة والقطاع، وبدون ذلك أعتقد أن على المقدسيين مقاطعة الانتخابات. وفق قوله.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: