مهندس أردني يستذكر وفاة والده بقصيدة مؤثرة

مهندس أردني يستذكر وفاة والده بقصيدة مؤثرة

البوصلة – كتب مهندس الطاقة محمد عاهد منشور مؤثر عبر حسابه على فيسبوك، مع قرب حلول الذكرى الثانية لوفاة والده -رحمه الله- تحدث فيه عن موقف دار بين والديه قبل نحو اسبوع من واقعة الوفاة، واتبع المنشور بقصيدة .

وتاليا نص المنشور

أذكروا محاسن موتاكم:
قبل اسبوع من وفاته تقريبا، كانت تحاول أن تُهَوِّنَ عليه، هي رفيقة دَربٍ دام لما يُقَارِبُ خَمساً وثلاثين سنة إذ رأته و قد اغرورقت عيناه بالدموع- كيف لا و قد أنهكه التعب من مرض السرطان وآثاره و بضع أمراض مزمنة أخرى لما اجتمعت عليه، هي سُنَّةُ الحياة الدنيا وقد قضى عمره و لم يبارك لسلطان كان من كان الا سلطان رب العالمين. كفر بالاصنام جميعا.. كفر ببني إسرائيل وقوم لوط و قوم نوح وقوم فرعون وزبانيتهم وغيرهم… كان يحب أن يقرأ السياسة و لكنه لا يتقنها فقد كان لسانه حَادّاً بالحق، فاختار درب عَلِي على درب معاوية واختار منهاج اللاخوف في زمن الخوف وقد دفع ثمن ذلك في مواقف دنيوية كثيرة وأسأل الله أن يكون قد قبض الثمن و ربح البيع – قالت له هون عليك يا ابا محمد “اذكر الله يا زلمة واحمده وتوكل عليه” لم يجب ببنت شفه وقد منعته دموعه من ذلك و لكنه أشار إلى التلفاز حيث لفت انتباهها في تلك اللحظة بَرامِيلُ يَزِيدٍ في إدلب وهي تقتل البريء و الطفل و الحامل والشجر والحجر… لم تكن تعلم انه يودع الدنيا حينها ذلك انه كان قويا رغم كل الامراض… لكنه كان يودع الدنيا وفي قلبه حسرة… كانت دموع الحسرة إذاً ولسان حاله يقول… سأموت و لم نرى هؤلاء بسلام و لم نرى سلاما ولا عزا لهذه الامة. سأموت ولم استطع لنصرتهم سبيلا.

لا تحزن … إنَّنَا منصورون حتما وإِنَّ جُندَنا لهم الغالبون حتما وانا و الله ثم والله لن نبرح حتى نَبْلُغَ ما نشاء بإذن الله، وإِنْ يَئِسنا فَإنَّا لم نَستَيإس بعد… فارقد بسلام رحمات ربي عليك.

لَمَّا رَأَيْتُ رِكَابَ الْقَوْمِ رَاحِلَةً
وَعَزّ فِي خَلَدِي مَا عَزّ فِي خَلَدِي
وَدَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّفْسِ مَا جَرَحَتْ
شَأْنَ الْخَلِيقَةِ مِنْ حَضٍ وَمَن عَمْدِ
لَا تَسْأَلِيْ عَنْهُ أَيْضًا إنَّهُ مَطَرٌ
قَد ثَار كَالسَّيْل ثُمّ اِنْهَال فِي اللَّبَدِ
يَسْقِي ويُسْقَى وَيُعطِي الْأَرْضَ مَا طَلَبت
عَزمَ الرِّجَال وتاريخاً بِلَا زَبَدِ
وَلَيْس يَبْقَى بِبَطن الْأرضِ مُنفَرِداً
فَقَد تَدَثَّر بِالْفُقَرَاء وَالزُّهْدِ
وَإِنْ أَرَدتِ فُلَانًا مَا صَرِيرَتُهُ
فلتبحثي عَنْهُ فِي الْأَصحَابِ و الْعُدَدِ
ولتَعرِفِيهِ دُمُوعًا أَيْنَمَا اِنْهَمَرَت
فِي شَأْنِهِ أَم بِشَأْنِ التَّابِعِ الْوَجِدِ؟
التَّابِع الْحَقّ حَقًّا أَيْنَمَا وَرَدَت
تَوَسُّلًا طَلَبًا لِلْقَادِر الصَّمَدِ
وَأُمَّةٍ حَيْثُمَا حَطَّت مَرَاكِبُها
قَد هدَّها الْحُزنُ بَيْن الْهَزْلِ والْجَدِّ
مِنْ حَولِ قَرنٍ وَأَكْثَرَ لَا عِمَادَ لَهَا
غَيْر التَّشَبُّثِ فِي وعدٍ عَلَى وعدِ
قَد عاثَ فِيهَا بُغَاةِ الْأَرْضِ كُلِّهِمِ
مِنْ صَاحِبِ الْبَاع حَتَّى أَقْصَر الْأَيْدِي
تَهِيْمُ فِي الشَّامِ ترثي حَالَ مَصرَعَةٍ
لِكُلِّ مَنْ قَامَ مِنْ حَرٍّ و مِنْ عَبْدِ
و فِي الْعِرَاقِ نَزِيفٌ لَيس يُوقِفُهُ
بَنُو أُمَيَّةَ أَوْ حَتَّى بَنُو سَعْدِ
في أَرضِ عارِبَةٍ ما بال يَعرُبِها
قد قُسِّمَت بين قَيسٍ او بني عَبْدِ
مِن عَبدِ شَمْسٍ تَولَّوا في مضاربهم
وَحالُ قَائِمِهِمْ يُفضِي إلى الْكَمَدِ
مباركون مِن الْأَعدَاءِ لَو حَضَرَتْ
أمُّ الْمَعَارِكِ لَم يَقْوَوا عَلَى الرَّدِّ
و حَالُهُمْ فِي أَشَدِّ الْبَأْسِ تَجْهَلُهُمْ
عَلَى الْقَرِيبِ كَأنَّ الْجِدَّ بِالْجِدِّ
القدس منهوشة الأطراف قد نُهِبَتْ
كما عَهِدتَ و بعض القوم في جَلَدِ
وتَائِهٍ فِي قِفَارِ البِيْدِ تَحَسبُهُ
غَضَّ الْبَنَانِ شَرِيدَ الْبَالِ مُرْتَعِدِ
وَآخَرٍ زَارَهُ فِي اللَّيْلِ يَطْلُبُهُ
قَاسِ العنَانِ قَوِيِّ اللَّحظِ مُجْتَهِدِ
مَا حَاجَةُ الصَّلبِ لِلْمِسكِينِ يَسئَلُهُ
هَذِي طَرَابُلْسَ مِن بَطشٍ إلَى كَبَدِ
الْحَوْلُ مَرَّ وَقَد مَرَّت نَوائِبُهُ
بِظِلِّ ذِكْرَى ونَنسَاها عَلَى الرَّقَدِ
إلَّا بِذِكْرَاكَ لَم تَسْلُكْ عَلَى عَجَلٍ
تَزِيدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ حَاضِرٍ و غَدِ
الشَّوق يَخفتُ لِلْمَحبُوب إنْ مَرَّت
حُمَّى الزَّمَان وشابت خِصلَةُ الْوَلَدِ
إلَّا بِذِكْرَاك زَادَت كُلَّمَا ابْيَضَّت
مَا شَابَ أَصلُ كَرِيمٍ صَادِقِ الْعَهْدِ
إلَّا بِذِكْرَاك لَا جَفَّت وَلَا قَلَّتْ
وَلَا تَوَلَّت وَلَا حادَت عَنْ الْوَعْد
اللَّه أوعدنا وَاَللَّه مُنجِدُنا
مِن أَحلَك اللَّيْل فَجرٌ قَاطِعُ الْحَدِّ
مَا بَالُ شِعرِي يَغِصُّ الْيَوم مُنقَبِضاً
أَم أَنَّه الشَّوْق قَد أَضنَى عَلَى الْكَبِدِ
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ قِصَّتِي أَثَرٌ
لِطِيبِ ذِكْرَاكَ مَا انفَكَّت عَلَى كَتِدِي
كَأَنَّهَا دَيْنٌ لاَبُدّ أُرجِعُهُ
وَمَا لمقدرتي فِي الدَّينِ مِنْ رَدِّ
لَكِن سأبقى وَأُبقِي الْحَقَّ مُندَفِعاً
عَهْدًا عَلَيَّ بِمَا أُوتِيت مِنْ جُهْدِ
مَهْمَا تَوَلَّى الْوَرَى عَن نَصرِهِ أَبَدَاً
لَن أَترُكَ الصَّفَّ أَو أَلْقَاكَ بِالْعَهْدِ
يَا رَبُّ إنِّي إِلَيْكَ الْيَوْم ملتجؤٌ
أَسعَى إلَيْك وَأَرجُو رَافِعَ الْأَيْدِي
رُحمَاكَ فِي تَاجِ رَأْسِي كُلَّمَا وَرَدَت
عَيْنُ الْأَنَامِ و بَعضُ النَّاسِ في سُهْدِ
إنَّا إلَى اللَّه مثوانا ومَرجِعُنا
الْكُلُّ مَاضٍ مِنْ تَبعِ وَمِن قَوْدِ
لَكِنَّهُ الشَّوق أَضنَى حَالَ صَاحِبِهِ
صَبْرًا جميلاً وَحَسْبُ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ

محمد عاهد
9/1/2021

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: