20 عامًا على اغتيال “الجمالين”.. غرس أثمر “ثورة” في نابلس

20 عامًا على اغتيال “الجمالين”.. غرس أثمر “ثورة” في نابلس

تحل يوم السبت، 13 تموز/يوليو الذكرى السنوية الـ20 لاستشهاد القائدين في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الشيخين جمال سليم وجمال منصور، اللذين ارتقيا بمجزرةٍ إسرائيلية استهدفت مكتبهما في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بظل جذوة انتفاضة “غير مسبوقة” سعيا لها.

وارتقى في المجزرة 8 شهداء، إضافةً للشيخين هم عمر منصور وفهيم دوابشة وعثمان قطناني ومحمد البيشاوي، وطفلين من مدينة جنين تواجدا في الشارع الذي يقع فيه المكتب المستهدف.

وقالت حركة حماس إن الجمالان ترجّلا بعد سنين من العطاء بمسيرة الحق والقوة والحرية، فهما رسما جمال النهايات بالشهادة، وجمال البدايات بالبذل والتضحية.

وأضافت في بيان بذكرى استشهادهما: “هما شعلتا جبل النار، والرائدان المؤسسان، والقائدان اللذان أظهر إبعاد مرج الزهور معدنهما الأصيل، والمفكران والخطيبان المفوهان.. رفيقا المسيرة واللحظات الأخيرة”.

جمال منصور

وُلد في مخيم بلاطة قرب نابلس يوم 25/2/1960، وعاش طفولته بمنزل شيَّدته “أونروا”، وأتم في مدارسها المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ومنها إلى الثانوية، فالجامعية بجامعة النجاح، إذ نال درجة البكالوريوس في المحاسبة والعلوم الإدارية.

بينما منعه الاحتلال من السفر للخارج لإكمال الدراسات العليا “لأسباب أمنية”، تزوج عام 1996 وأنجب ثلاثة أطفال، وعمل محاسبًا بعدة وظائف حتى انتقل إلى العمل الإغاثي، فافتتح فرع نابلس للجنة الإغاثة الإسلامية لإغاثة الأيتام والفقراء والمحتاجين، وكان مسؤولًا عنها.

أسس مكتب نابلس للصحافة والإعلام، لكن الاحتلال أغلقه، فأسس مكتبًا للأبحاث أغلقته السلطة الفلسطينية بعد اعتقاله عام 1997م، وكانت آخرها المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام.

انضم بوقت مبكر من حياته إلى جماعة الإخوان المسلمين، إذ يعتبر من جيل التأسيس في حماس، وبرز دوره مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، فترأس الكتلة الإسلامية أوائل الثمانينيات بجامعة النجاح لثلاث دورات، كما أسس مع مجموعة قيادات طلابية إطارًا نقابيًّا على مستوى الوطن باسم الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين ومقره القدس.

لمع نجمه في وسائل الإعلام بعد إبعاده إلى جنوب لبنان عام 1992، ثم اختياره متحدثًا باسم حركة حماس في الضفة الغربية، فرئيسًا للوفد الذي ذهب للحوار مع السلطة الفلسطينية قبل اغتياله.

الاعتقال والإبعاد

اعتقل منصور خلال مدة دراسته وأثناء الانتفاضة الأولى 14 مرة، معظمها كان اعتقالًا إداريًا، إذ اعتقل عام 1995م وخضع للتحقيق مدة ثلاثة أشهر ونصف الشهر متواصلة في سجن عسقلان.

أبعد إلى مرج الزهور جنوب لبنان مع عدد كبير من أبناء الحركة الذين كانوا معتقلين بسجون الاحتلال عام 1992م، وخلال مدة الإبعاد أصبح عضوًا في اللجنة القيادية للمبعدين، وترأس اللجنة الإعلامية ولجنة العلاقات العامة خلالها.

كما اعتقل لدى السلطة الفلسطينية خلال حملة لها عام 1996م، وأمضى في السجن ثلاثة أشهر، ثم أُطلق سراحه، حتى أُعيد اعتقاله هو وعدد كبير من أبناء الحركة عام 1997م، وأمضى بسجونها ثلاثة أعوام، ليطلق سراحه عام 2000م.

استطاع منصور ومن خلال سجنه أن يطور نفسه ويكتشف طاقاته ومواهبه، إذ أبدع في الرسم، وهو أول من رسم شعار حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.

وألّف عديد المؤلفات، منها: كتاب التحول الديمقراطي الفلسطيني من وجهة نظر إسلامية، وكتاب أجنحة المكر الثلاث، وله عديد المنشورات والدراسات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وكان بارعًا في الكتابة، وتعامل بكتابة التقارير والمقالات لعدد من الصحف والمجلات.

جمال سليم

وُلد جمال سليم في مدينة نابلس عام 1958. درس الابتدائية والإعدادية بمدارس “أونروا”، والثانوية في المدرسة الصلاحية في نابلس، ثم سافر إلى الأردن ملتحقًا بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية حتى حصد شهادة البكالوريوس في الشريعة عام 1982م.

عاد إلى فلسطين ليعمل مدرسًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية الإسلامية بنابلس، وينال عام 1996 على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح الوطنية.

التجربة السياسية

التحق سليم بصفوف “حماس” بعد تأسيسها عام 1987، واشتهر بخطاباته ومحاضراته في مسجد “معزوز” في نابلس.

اختير أمينًا لسر لجنة التوعية الإسلامية وأمينًا لسرّ رابطة علماء فلسطين في نابلس. أبعدته قوات الاحتلال على خلفية انتمائه لحماس لمرج الزهور جنوب لبنان عام 1992م، مع مئات من عناصر الحركة الإسلامية وقياداتها.

وحول تجربة الإبعاد يقول سليم “إن الإبعاد يمثل ملحمة بطولية صمودية حقيقية للذين مثلوا الشعب الفلسطيني، وأعطوا صورة للثبات والصبر والإيمان بحتمية العودة رغم صور العقلية الهمجية للصهيونية البشعة التي استهدفت تفريغ الأرض عبر سياساتها البائسة التي فشلت بإطفاء جذوة الانتفاضة”.

ترأس سليم عديد اللجان والفعاليات، خاصة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى بسبتمبر/أيلول 2000، وكان من مؤسسي لجنة “التنسيق الفصائلي” بنابلس، التي كان أبرزها أهدافها تنسيق المواقف بين المقاومة بمختلف تياراتها في الميدان.

الفكر والمنهج

اعتبر سليم أن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي “لب الصراع العربي الصهيوني، وتجسيدًا لمأساة شعب، دُمّر من قراه أكثر من 530 قرية”، واعتبرها “أطول جريمة ضد الإنسان الفلسطيني، وقضية متوارثة لا تموت طالما بقي فلسطينيون يتوالدون ويتناسلون”.

وأصدر نشرتين بعنوان “هدى الإسلام”، و”من توجيهات الإسلام”، وكانت رسالة الماجستير التي قدمها بعنوان “أحكام الشهيد في الإسلام”.

كان الاسم -جمال- نقطة التقاء القائدين منصور وسليم، وكان العمل الوطني والانتماء للفكرة ذاتها، وللمنهج ذاته نقطة التقائهما، فشكلا صورة نابلس جبل النار في ثوريتها وعنفوانها ومقاومتها، حتى سعى الاحتلال جاهدًا إلى اغتيالهما متوهمًا، أن استشهادهما قد يوقف مسيرة المقاومة.

خطاب مودّع

ففي عرس الشهيد صلاح الدين دروزة الذي ارتقى قبلهما بأيام، كان الخطاب ذا شجون بالتأكيد على الثوابت والاستمرار في النهج وتجديد العهد على الوفاء، مستعرضين مناقب الشهيد أبي النور الذي خاض معهما طريق المقاومة والجهاد سنوات طويلة.

تحدث سليم برسالة واضحة جلية: نموت وتحيا القدس.. نموت ويحيا الأقصى، أما منصور فشدد على أن “رصيد الحركة من الأبطال يُعد بالآلاف، ردًا على سياسة الاحتلال باغتيال القادة والمجاهدين، وأن جرائم الكيان لن تمر دون رد”.

كان الاعتداء الإسرائيلي إليه أسبق، إذ حملت الكلمات الأخيرة وخطبة الوداع لكليهما، ففي يوم 31/7/2001 قصفت طائرات إسرائيلية المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام؛ ما تسبب بارتقائهما، ليتوجا بالشهادة حياة عامرة بالجهاد والمقاومة والتضحية سعيًا إلى تحرير الأرض والمقدسات.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: