اجتياح نتنياهو لرفح مساومة على مستقبله السياسي أم اسعراضٌ دمويٌ في الدقائق الأخيرة

اجتياح نتنياهو لرفح مساومة على مستقبله السياسي أم اسعراضٌ دمويٌ في الدقائق الأخيرة

رصد – البوصلة

أكد خبراء ومحللون سياسيون أنّ موافقة حركة المقاومة الإسلامية حماس على مقترحات الصفقة التي قدمها الوسطاء وضعت حكومة نتنياهو في الزاوية وجعلته في مأزقٍ شديدٍ ومن خلفه الإدارة الأمريكية، منوهين في الوقت ذاته إلى أنّ إصرار نتنياهو على اجتياح رفح له عدة دلالات تتراوح بين استعراض الدقائق الأخيرة ورفع فاتورة الدم للخروج بصورة نصر موهوم، أو السعي لمساومة أمريكا والعالم على مستقبله السياسي ومنع محاكمته.

أفق البقاء السياسي والدواء لنتنياهو

قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة إنه منذ أسابيع طويلة، ولا شغل لنتنياهو غير قصة “رفح” كأنها الدواء الذي سيعالج أمراضه كلها.

ويتابع في تدوينة له على منصة إكس، رصدتها “البوصلة”، بالقول: منذ أسابيع أيضا، وجيش من المحللين والخبراء يسخّفون فكرته، بمن فيهم مسؤولون أمريكان قالوا له إنه دخل مختلف المناطق قبلها ثم انسحب وما زالت المقاومة مستمرة وعادت السيطرة “الحمساوية” إليها، فضلا عن سؤال مصير الأسرى الذي يتردّد في أرجاء “الكيان” يوميا، والذين سيضحّي بهم على مذبح هوسه بالبقاء رئيسا للحكومة.

ويشير إلى أنّ أنّ نتنياهو يتعاطى ذات الدواء لعلاج صدمته؛ أولا بالمقترح المصري القطري الذي لم يكن ليخرج لولا موافقة البيت الأبيض (كان بيرنز حاضرا في القاهرة)، والذي يحتاج وقف الحرب بلهفة أكبر مع تصاعد احتجاجات الجامعات واقتراب الاستحقاق الانتخابي لبايدن، مع مخاوف التورّط في صراع إقليمي.. وثانيا صدمته بموافقة “حماس” على المقترح، والتي ألقت الكرة في ملعبه، وتركته وجها لوجه في مواجهة واشنطن التي يتوسَّلها بأن تساعده كي لا تُصدر محكمة الجنايات الدولية مذكّرة اعتقال بحقه.

ويؤكد الزعاترة أنه مع أنباء وقف شحنات أسلحة أمريكية، سيكون (نتنياهو) في مأزق كبير بينما يهاجم “رفح” رغم عشرات التصريحات الأمريكية والتحذيرات الدولية بشأنها، ومع ما ينطوي عليه ذلك من مشكلة مع المصريين.

ويختم بالقول: الخلاصة أن رفض نتنياهو الأولي، وما يفعله راهنا في “رفح” ليس جوابا على المأزق، بل هو جزء من المساومة ومساعي البحث عن أفق للبقاء السياسي، بخاصة أن حشدا عسكريا يصلح للاجتياح لم يتوفّر حتى الآن، لكن المؤكّد أن ما قاله عشرات المحللين والخبراء بشأن هُراء “نصره المُطلق” قد أصبح حقيقة ماثلة للعيان.

استعراض دموي في الدقائق الأخيرة

أكد الكاتب والمحلل السياسي حسام شاكر أنّ العدوان على رفح إمّا أن يكون اندفاعة هوجاء لتعطيل الاتفاق بعد الردّ الفلسطيني الذي وضع نتنياهو وفريقه في الزاوية، أو أنها استعراض دموي في الدقائق الأخيرة قبل اضطرار نتنياهو مرغما للنزول عن الشجرة.

وشدد شاكر على أنّ نتنياهو في مأزق عسير وسلوكه يضع بايدن في مأزق أشد.

الكاتب والمحلل السياسي الدكتور إبراهيم حمامي يقول في تعليقه على موافقة حماس على المقترح المصري القطري لإنهاء العدوان: إنّ الموافقة جاءت بعد عودة وفد حماس من القاهرة واجتماع المكتب السياسي في قطر وتدارس تفاصيل المقترح.

ويؤكد حمامي أنّه بصمود أهل غزة وإفشال مخطط التهجير، وفشل الاحتلال التام في تحقيق أي إنجاز إلا الدمار والقتل، وبضغط شعبي عالمي متزايد تحول لضغط سياسي على الاحتلال، رضخ نتنياهو وحكومته المجرمة للمطالب الفلسطينية وبشكل شبه تام.

ولفت في تدوينة له على منصة إكس رصدتها “البوصلة” إلى أنّ العقبة الوحيدة أمام الموافقة الفلسطينية كانت “وقف إطلاق نار” دائم وشامل وهو ما يرفضه نتنياهو لحسابات داخلية متعلقة بمصير حكومته ومصيره شخصياً.

وأوضح أنّ هذه العقبة تم تجاوزها من خلال وعد/ضمان أمريكي (لرفع الحرج عم نتنياهو) أن الوصول للمرحلة الثالثة بحسب المقترح سيجعل من المستحيل العودة لحالة الحرب من جديد.

ولكنّ حمامي استدرك بالقول: لا ثقة في الولايات المتحدة الحليف الوثيق للاحتلال والمشاركة في العدوان بشكل مباشر، لكن المرحلة الثالثة تنص على التالي” الانتهاء من الاتفاق على الترتيبات اللازمة لعودة الهدوء المُستدام والإعلان عن بدء سريانه قبل البدء بتبادل المُحتجزين والأسرى بين الطرفين – جميع من تبقّى من الرجال الإسرائيليين الموجودين على قيد الحياة (المدنيين والجنود) – مُقابل عدد يُتفق عليه من الأسرى في السجون الإسرائيلية ومن المُعتقلين في مُعسكرات الاعتقال الإسرائيلية”.

وشدد على أنّ هذا يعني أن الطرف الفلسطيني سيبقى ممسكاً بورقة المحتجزين لديه من الرجال حتى تطبيق “وقف شامل ونهائي لإطلاق النار” وعلى قاعدة إن عدتم عدنا.

وأضاف بالقول: لا يخفى على متابع أن نتنياهو لا يريد الوصول لاتفاق، وهو هنا أمام أمرين كلاهما مر: الأول القبول بوقف إطلاق النار دون تحقيق أي من أهدافه المعلنة وهي النصر الصريح والمطلق والقضاء على حماس، واستعادة “الرهائن” بالقوة العسكرية.

وينوه إلى أنّ السيناريو الثاني هو رفض الصفقة واجتياح رفح وفي هذه الحالة سيخسر كل ما تبقى له من دعم سياسي ودبلوماسي غربي وربما عسكري أيضاً، إضافة للفشل المتوقع في موضوع المحتجزين وهو ما سيضعه في صدام مباشر مع القوى الداخلية التي تتهمه أصلاً بعرقلة إطلاق سراح “أبنائهم”.

لحظة فارقة

من جانبه اعتبر الدكتور طارق حمود أستاذ العلوم السياسية في جامعة لوسيل بقطر أنّ قبول حماس لاتفاق الهدنة هو لحظة فارقة في مستقبل نتنياهو.

‏ويقل حمود: قدمت إسرائيل مقترحاً “سخياً” برأي الأمريكان، وهذا الرأي هو مقصد المقترح أصلاً. خطة نتنياهو هو تقديم مقترح يرضي الأمريكان ويدفع حماس للتعليق على اقتراح تعديلات طفيفة في التفاصيل، فيأخذ نتنياهو فرصته للرفض والانقضاض على رفح تحت ذريعة أن حم.اس أفشلت أفضل اتفاق حتى الآن.

‏وشدد على أنّ قبول حماس المباشر للمقترح صنع مأزقاً حقيقياً لنتنياهو، القبول ورطة والرفض ورطة.

‏ونوه إلى أنّ ليلة أمس كانت أصعب ليالي نتنياهو إذ ستحدد شكل نهايته السياسية.

‏وشدد على أنّه لن تنتظر المؤسسات الإسرائيلية انتهاء الحرب حتى تطلق لجان التحقيق بالفشل ومسؤولياته عم حدث.

نتنياهو لا يخجل

وعـلّـق كبير محللي “يديعوت” على موافقة “حماس” على المُقترح الجديد واجتياح “رفح”، بالقول: إن المقترح المضاد الذي صاغه (السنوار) يضع إسرائيل في جولة أخرى من النقاشات الداخلية المثيرة للأعصاب، حيث يموت المختطفون في الأسر، وعائلات لا تعرف أرواحها، وحكومة خائفة ومنقسمة، غارقة حتى العنق في الشك المتبادل، ونخبة أمنية منهكة وضعيفة. ربما يكون السنوار مهتمّا بالوصول إلى المحطة النهائية، أي الاتفاق، لكنه ليس أقل من ذلك فهو مستمتع بما يفعله من أجلنا على طول الطريق.

ويضيف ناحوم برنياع في مقالته بعنوان: “عندما يقول السنوار نعم”: “بالأمس تحدث بايدن ونتنياهو عبر الهاتف. ليس من الصعب تخمين ما كانا يتحدثان عنه. نتنياهو وعد بأن العملية في رفح ستكون هامشية ومحدودة (رفح لايت)، واقترح بايدن أن يكتفي برفح صفر”.

ويلفت إلى أنّه “منذ الأسبوع الأول للحرب، حذر عسكريون سابقون وحاليون من أن نتنياهو ليست لديه استراتيجية خروج. لنفترض أننا تمكنّا من السيطرة على محور فيلادلفيا بسعر دم منخفض نسبيا. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ من سنترك بدل من انتصرنا عليه؟ باستثناء عدد قليل من أمثال سموتريتش، لا أحد في إسرائيل يريد لأولاده أن يخدموا في حكومة عسكرية في غزة”.

ويؤكد أنه “من المرجح أن السنوار يخدعنا: فهو يعلم أن الحكومة الحالية لا تستطيع الموافقة على الاقتراح الذي صاغه. ومن أجل طمأنة الأميركيين، ربما ترسل إسرائيل وفدا فنيا إلى القاهرة. وهذا أمر مهم بالنسبة لنتنياهو على الجبهة الداخلية أيضا. في الوضع الذي نشأ، لا يمكنه تحمّل أن يُنظر إليه على أنه شخص يخرّب الاتفاق ويتخلى عن المختطفين، وأيضا لا يمكنه أن يتحمّل النظر إليه على أنه شخص مستعد للاتفاق وخيانة شركائه في اليمين”.

ويشير للقول: “بالأمس، في إحدى احتفالات يوم المحرقة، قارن نتنياهو عدد الذين لقوا حتفهم في المحرقة بعدد الذين قتلوا في 7 أكتوبر. وقال “إن رقم المحرقة يعادل 5000 مرة رقم 7 أكتوبر”. ماذا يريد نتنياهو أن يقول لنا في الواقع؟ هل أن مسؤوليته عن كوارث الشعب اليهودي أقل من مسؤولية هتلر؟ ألا يخجل؟ لا، فهو لا يخجل”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: