الإبادة التعليمية.. كيف يسحق الاحتلال الوعي الفلسطيني في غزة بتدميره لمعظم الجامعات والمدارس؟

الإبادة التعليمية.. كيف يسحق الاحتلال الوعي الفلسطيني في غزة بتدميره لمعظم الجامعات والمدارس؟

الإبادة التعليمية.. كيف يسحق الاحتلال الوعي الفلسطيني في غزة بتدميره لمعظم الجامعات والمدارس؟

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قام الاحتلال الإسرائيلي بتدمير ممنهج للجامعات والكليات والمدارس في قطاع غزة، كنوع من الانتقام والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومسح وعي أجيال كاملة. وتعرضت جميع الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة والبالغ عددها 12 جامعة لتدمير كامل أو جزئي، وذلك بفعل الغارات الجوية أو القصف المدفعي أو حتى النسف المباشر بعد تفخيخها خلال الاجتياح البري لمدن قطاع غزة.

خبراء أمميون: الاحتلال يرتكب “إبادة تعليمية متعمدة” في غزة

وحذر خبراء أمميون الشهر الماضي من “إبادة تعليمية متعمدة” في قطاع غزة، عقب تدمير أكثر من 80% من المدارس فيه على مدار نصف عام من الحرب المدمرة على القطاع. وفي بيان مشترك، قال 19 خبيراً ومقرراً أممياً مستقلاً، إنه مع تضرر أو تدمير أكثر من 80% من مدارس غزة، قد يكون التساؤل معقولاً عما إذا كان هناك جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم “الإبادة التعليمية”.

يشير مصطلح الإبادة التعليمية إلى المحو الممنهج للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية. 

وأوضح الخبراء أن الهجمات القاسية المستمرة على البنية التحتية التعليمية في غزة لها تأثير مدمر طويل الأمد على حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية، ما يحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم ويسحق الوعي لديهم.

وذكر البيان أنه بعد 6 أشهر من الحرب، “قتل أكثر من 5 آلاف و479 طالباً و261 معلماً و95 أستاذاً جامعياً، وأصيب أكثر من 7 آلاف و819 طالباً و756 معلماً، مع تزايد الأعداد كل يوم. كما لا يحصل ما لا يقل عن 625 ألف طالب على التعليم”.

كما تم تدمير أو تضرر 195 موقعاً تراثياً، بما في ذلك الأرشيف المركزي لغزة الذي يحتوي على 150 عاماً من التاريخ، إضافة إلى 227 مسجداً و3 كنائس. كما تضررت أو دمرت 13 مكتبة عامة، وهدم جيش الاحتلال جامعة الإسراء في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، وهي آخر جامعة متبقية في غزة، وفق البيان.

وأكد الخبراء أنه حتى مدارس الأمم المتحدة التي “تؤوي المدنيين النازحين قسراً تتعرض للقصف، بما في ذلك في المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي على أنها آمنة”. وشددوا على أن هذه الهجمات ليست حوادث معزولة، إنما “تمثل نمطاً ممنهجاً من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني”، وقالوا: “عندما يتم تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك”.

وقال الخبراء إنهم فزعوا بنفس القدر من سحق القطاع الثقافي في غزة، من خلال تدمير المكتبات ومواقع التراث الثقافي، وأضافوا أن “أسس المجتمع الفلسطيني تتحول إلى أنقاض، ويتم محو تاريخه”. وأضافوا في بيانهم: “لا يمكن التسامح مع الهجمات على التعليم. ويجب على المجتمع الدولي أن يبعث برسالة واضحة مفادها أن أولئك الذين يستهدفون المدارس والجامعات سيتحملون المسؤولية”، مضيفين أن المساءلة عن هذه الانتهاكات تشمل الالتزام بتمويل وإعادة بناء النظام التعليمي.

عشرات الأساتذة الجامعيين تم اغتيالهم من قبل “إسرائيل” في غزة

وفقاً للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، فإن هجمات الاحتلال ضد قطاع غزة أدّت إلى تدمير البنية التحتية للتعليم العالي. ويُقدر المرصد أن الأضرار التي لحقت بالجامعات تبلغ كلفتها أكثر من 200 مليون يورو، وأن ما لا يقل عن ثلاثة رؤساء جامعات وأكثر من 95 عميداً وأستاذاً جامعياً، قُتلوا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما اضطر نحو 88 ألف طالب إلى تعليق دراستهم، ولم يتمكن 555 طالباً من حاملي المنح الدولية من السفر إلى الخارج بسبب الانتهاكات.

وأوضح المرصد أن الجيش الإسرائيلي “نفذ هجمات متعمدة ومحددة ضد شخصيات أكاديمية وعلمية وفكرية في قطاع غزة، العشرات منهم قتلوا في غارات مباشرة استهدفت منازلهم دون سابق إنذار، ليقتلوا سحقاً تحت الأنقاض مع أفراد عائلاتهم أو عائلات أخرى نزحت إليهم أو نزحوا إليها”.

بيّن المرصد أن القائمة التي وثقها تضم 17 شخصية يحملون درجة البروفيسور، و59 من حملة الدكتوراه، و18 بدرجة الماجستير، مشيراً إلى أن الحصيلة غير نهائية؛ إذ إن هناك تقديرات بوجود أعداد أخرى من الأكاديميين المستهدفين، مشيراً إلى أنهم موزعون على مختلف المجالات العلمية، وغالبيتهم يمثلون “مرتكزات العمل الأكاديمي في جامعات غزة”.

وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، تم قصف منزل في جباليا يعود لرئيس الجامعة الإسلامية، الفيزيائي المعروف البروفيسور سفيان التايه، وقتل معه جميع أبناء عائلته. وفي بداية ديسمبر/كانون الأول، قتل الكاتب والشاعر والباحث رفعت العرعير بإطلاق صاروخ موجه، كان عالماً في الأدب والكتابة الإبداعية في نفس الجامعة. وقتل معه شقيقته وعائلتها. 

وبحسب المرصد الحقوقي، فإن التقديرات الأولية تشير أيضاً إلى استشهاد المئات من طلبة الجامعات جراء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة.

سرقة وتدمير ممنهج

في أشكال الانتهاكات والإجرام بحق الجامعات، عمل الاحتلال على تحويل بعض الجامعات أو الكليات أو المدارس إلى ثكنات أو مراكز اعتقال قبل أن يتم هدمها، كما جرى في جامعة الإسراء التي دمرت في السابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي، نتيجة القصف، وانتشرت صورها على مواقع التواصل الاجتماعي. وحسب الإدارة، قبل الانفجار سرق الجنود آثاراً من المتحف الوطني الموجود في أحد أجنحة المؤسسة.

بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير الموقع الرئيسي لجامعة الأزهر في مدينة غزة وفرعها في منطقة المغراقة في غارات جوية متتالية في 11 أكتوبر/تشرين الأول و4 و21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وأخيراً في 2 مايو/أيار 2024.

وفي السياق ذاته، فإن جامعة “القدس المفتوحة” تعرضت إلى تدمير كبير في مقرها في مدينة غزة بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي لها في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، فضلاً عن استهداف فرعها في شمال القطاع.

وفي أكتوبر/تشرين الأول أعلن جيش الاحتلال، تدمير الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، التي ادّعى أنها تعمل كمركز تأهيل وتدريب رئيسي لمهندسي حماس، بينما نددت وزارة التعليم الفلسطينية بالاستهداف. وبعد ذلك عمد جيش الاحتلال لتدمير باقي الجامعات وإحداث أضرار بالغة فيها، ما يجعل استئناف الدراسة فيها أمراً صعباً للغاية.

خسائر بمئات ملايين الدولارات وتعليم معطّل حتى إشعار آخر

وفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن خسائر قطاع التعليم في قطاع غزة جراء الهدم والتدمير وتضرر 70% من المدارس والجامعات فيها تفوق 720 مليون دولار حتى شهر فبراير/شباط الماضي. في حين يقدر الأورومتوسطي أن الخسائر المادية التي لحقت بالجامعات فقط جراء التدمير لوحده تفوق حد 200 مليون دولار.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن الجرائم التي تنتهجها إسرائيل من تدمير واسع النطاق والمتعمد ضد المباني المخصصة للأغراض التعليمية والفنية والعلمية والدينية والآثار التاريخية تشكل بحد ذاتها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، وفقاً لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتأتي كذلك في إطار سياسات إسرائيل التي باتت علنية مؤخراً والداعية إلى جعل قطاع غزة مكاناً غير قابل للحياة والسكن، وطرد سكانه من خلال خلق بيئة قسرية مفتقدة لأدنى مقومات الحياة والخدمات.

وعلقت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التعليم في جميع المؤسسات التعليمية بقطاع غزة، ولم يتم استئنافها حتى الآن؛ نتيجة لاستمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة. ويرى خبراء أن استئناف العملية التعليمية في القطاع قد يحتاج لسنوات، وهو ما يهدد بإبادة الوعي لدى جيل فلسطيني كامل.

ويوجد في قطاع غزة 796 مَدرسة، منها 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، و70 مدرسة خاصة.

في حين بلغ عدد الأبنية المدرسية للعام الدراسي نفسه بالقطاع 550 مبنىً مدرسياً، منها 303 مبانٍ مدرسية حكومية، و182 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة غوث، و65 مبنى مدرسياً خاصاً.

عربي بوست

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: