“الانتحار”.. أقسى صرخة احتجاج يمكن أن يسمعها الجميع

“الانتحار”.. أقسى صرخة احتجاج يمكن أن يسمعها الجميع

عمّان – البوصلة

أكد الكاتب حسين الرواشدة أنّ إقدام بعض المواطنين على الانتحار ما هو إلا أقسى وأبلغ صرخة “احتجاج” يمكن للإنسان أن يسمعها في أيّ مجتمع من المجتمعات.

وقال الرواشدة متسائلاً: لماذا ينتحر هؤلاء المواطنون، وما هي الاسباب التي تدفعهم إلى اختيار الموت والخلاص من الحياة، أليست صرخة الانتحار هي أقسى وأبلغ صرخة “احتجاج ” يمكن للإنسان أن يسمعها في أي مجتمع من المجتمعات؟

أزمة بحاجة لوقفة

وتأكيدًا لما ذهب إليه الرواشدة، قال خبير علم الجريمة وأستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ مثل هذه الممارسات قد تحدث، وبأشكالٍ جديدة؛ لأنّ الأشخاص الذين يودون التذكير بأنفسهم سواءً بشكلٍ قاتلٍ عبر الانتحار، أو عبر الصراخ، أو عبر النماذج التي يقدمها البعض في العنف، “كلها مؤشرات على أنّ لدينا أزمة داخلية بحاجة لوقفة علمية”.

واضاف محادين أنّ الذي نشاهده من حيث الدقة العلمية أعراضٌ ظاهريةٌ للمشكلة، وهي مستفحلة في جوهرها الاقتصادي والقيمي، وبالتالي طرق التعبير عنها تختلف بين شخصٍ محبط، وآخر مغترب، وثالث يتوق للتعبير بأنّه يعاني.

وحذر من أن وجود حالة انتحار واحدة، جديرة باستنفار المجتمع، لأن مثل هذه السلوكات الغريبة تمثل نواة أولية، يُخشى أن تتحول إلى تفاعل متسلسل (عدوى)، أي أن كل حالة انتحار جديدة تستثير آخرين يعيشون نفس حالة المنتحر، ما يجعلهم يقتفون نهج المنتحر، كتعبير رفض منهم لما يجري من ارتفاع وتيرة ضعف الوازع الديني وزيادة الضغوطات الاقتصادية وذوبان المعايير الاجتماعية.

وقال محادين: إن عملية الانتحار تشكل تهديدًا مستمرًا مع ما تشهده من تصاعد في مجتمع، إلا أن الأخطر هو غياب أو إهمال الدراسات العلمية من قبل الحكومة لتحليل الدوافع التي تجعل المواطن مشروعًا للانتحار.

واعتبر هذا السلوك ترجمة موازية لحالة الرفض التي يعيشها الأفراد، مشيرًا إلى أنه “رغم حرمتها إلا أن فاعليها كانوا الأجرأ بالتعبير عنها”.

وكانت حادثة انتحار طبيبة في مستشفى الجامعة الأردنية اثارت ردودًا واسعة وتعاطفًا بين أبناء المجتمع الأردني، على الرغم من إصرار الغالبية العظمى على أنّ الإنسان يجب عليه أن يتشبث بالإيمان والأمل ومواجهة المشاكل والتحديات مهما كانت صعوبتها، دون إغفال واجب الدولة والجهات المسؤولة في توفير ظروف العمل المناسبة والكريمة وتقديم العون والدعم والمساعدة النفسية لكل من يحتاجها.

بدوره علق الإعلامي ياسر أبو هلالة إنّ على المجتمع الأردني أن يتعامل مع قضية انتحار الطبيبة المقيمة في مستشفى الجامعة بجدية، لا بد من خط ساخن للإبلاغ عمّن يفكرون بالانتحار، فقدنا طبيبة بعمر الزهور (25عاما) ووحيدة والديها ، بعد أن عانت إثر وفاة  والدتها وكتبت منشورات وداعية على الفيسبوك.

وعمّت أجواءٌ من الحزن في مواقع التواصل الاجتماعي على الحادثة وأنهى الجدل الدائر بيانٌ صادرٌ عن عائلة الفقيدة يطالب الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي باحترام فترة الحزن التي تمرّ بها العائلة واحترام خصوصيتها والدعاء للفقيدة بالرحمة.

65 حالة انتحار في النصف الأول من 2022

وكان رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور رائد المومني كشف عن أن العدد الكلي لحالات الانتحار في المملكة بالنصف الأول من العام الحالي 2022 بلغ (65) حالة.

وبين في مقابلة مع «الرأي» انه بحسب إحصائية الانتحار للنصف الأول من العام الحالي لمديرية الطب الشرعي، أي من تاريخ (1/1 2022-30/6 2022)، فإن معدلات قتل النفس (الانتحار) بالمملكة كانت متقاربة مع السنوات الماضية، حيث بلغت العام الحالي (65) حالة، منها (45) حالة من الذكور و (20) من الإناث، في حين بلغت العام الماضي لنفس الفترة (68) حالة، منها (49) حالة من الذكور، و(19) من الإناث.

واشار المومني الى ان حالات الانتحار لهذا العام، كان يغلب على معظمها وسيلة «الشنق»، فكانت هناك (35) حالة انتحرت عن طريق الشنق، و (10) حالات سقوط، و (7) حالات عيار ناري، و (4) حالات لتسمم وتناول أدوية، و (4) حالات حروق، و حالتاتسمم بالغاز، وحالة واحدة لكل من استنشاق مواد كيماوية وتسمم مبيد حشري وجرعة مخدرات.

وفيما يتعلق بأعمار حالات الانتحار، أكد على انها متفاوتة، إلا ان أصغر عمر سجل كان لذكر (13) عاما، وأكبر عمر للذكر أيضا (83) عاما، بينما كانت الفئات العمرية من العشرينيات والثلاثينيات هي النسبة الأكبر من هذه الحالات، حيث سجلت (36) حالة لها، أما تحت عمر (20) عاما كانت هناك (9) حالات، وفئة الأربعينيات (12) حالة، والستينات فما فوق (8) حالات.

وتوزعت حالات الانتحار في عدة محافظات من المملكة وفق المومني، فكانت (22) حالة في العاصمة عمان، و (10) حالات في إربد، و (7) حالات في جرش، و(6) حالات في السلط، و (4) حالات في العقبة، و (4) حالات في الكرك، و (4) حالات في الزرقاء، وحالة في المفرق، وحالة في مادبا، وحالتين في طب شرعي مستشفى الأمير حسين بن عبدالله، و (4) حالات في طب شرعي مستشفى الأمير فيصل.

يذكر أنّ الحكومة سعت إلى تجريم كل من يحاول الانتحار وفرض عقوبات عليه، فيما طالب المركز الوطني لحقوق الإنسان والمختصون الحكومة بإلغاء هكذا عقوبات والسعي لمراجعة شاملة لإيجاد حلولٍ جذرية لما يعانيه المجتمع الأردني وافراده من مشكلات تعمقت بعد أزمة جائحة كورونا.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: