الجرمي لـ “البوصلة”: على العقلاء التحرك عاجلاً لوقف منزلقات الجرائم المجتمعية

الجرمي لـ “البوصلة”: على العقلاء التحرك عاجلاً لوقف منزلقات الجرائم المجتمعية

عمّان – رائد صبيح

حذّر أستاذ الدراسات الإسلامية الدكتور إبراهيم الجرمي في تصريحاته لـ “البوصلة” من خطورة المنزلق الذي وصلت إليه الجرائم المجتمعية بهذا التوحش والبشاعة، مطالبًا الجميع وكل العقلاء بالتحرك العاجل لمواجهة مثل هذه المظاهر التي تنذر بخطرٍ عظيم.

وقال الجرمي: “إنّ كثرة الجرائم المجتمعة وتتابعها في هذه الأيام ينذر بخطرٍ عظيم، لا سيما بعد ما أصبحنا نلحظه بشدة من تغيّر في نظرة المجتمع إلى القيم الشرعية والمجتمعية والعرفية”.  

وشدد على أنّه يجب “على كل العقلاء ان يتحركوا، لأنّ الجرائم التي تقضّ مضاجعنا اليوم تنذر بخطرٍ عظيم، ومع كل حديث عن هذا الأمر ولكنّهم ما زالوا يستسهلون ذلك، لأنهم لا يعرفون أن في الشريعة ما يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا وهذا أمرٌ خطير”.

وتابع بالقول: “بمعنى أنّه إن حصل هذا الأمر فإنه ينذر بسوء العاقبة يوم القيامة، والعاقل لا تنتهي حياته هنا ولكن يقول يا ليتني قدمت لحياتي”.

د. إبراهيم الجرمي: المجتمع ورقابته هي الحلقة المفقودة في عالمنا اليوم لمواجهة مثل هذه الجرائم الفظيعة

ولفت إلى أنّه من هذا الباب فإننا نقول إنّ البعد الشرعي في هذا الأمر غايةٌ في الأهمية، وحدثنا عليه الصلاة والسلام عن آخر الزمان، وقال: تكثر الزلازل ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، قيل ما الهرج يا رسول الله، فقال: القتل”.

الشريعة والعرف يرفضان والبعض يصرّ

وأوضح الجرمي: على الرغم من أنّ الهرج معناه الاختلاط، لكن القتل هنا حيث اختلطت المفاهيم واختلطت الناس بصراعات فلا يدري القاتل لم قتل ولا يدري المقتول لم قُتل، حتى يقول بعض الصحابة: يا رسول الله وفينا عقولنا يومئذ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأنّ عقولهم في حينئد تكون عقول أناس سخفاء، فقال بعض الصحابة: لعلك تقصد قتل المشركين في الجهاد، فقال: لا ولكن يقتل بعضكم بعضاً ويقتل الرجل أخاه وأباه وعمه وجاره.

وحذر من أنّ “الموضوع أصبح بالغ الخطورة، ونحن مستهينون بشيء الله عز وجل فظّعه في كتابه (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفسٍ فكأنّما قتل الناس جميعًا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا)”.

وقال الجرمي: إذن الشريعة ترفض هذا السلوك وتنبئ بضعف في الدين، والأعراف ترفض هذا، وما كنا كمجتمع هكذا، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ الرجل كان كما ورد في الحديث: (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد)، لكن مع الأسف اليوم البعض هو من يقتل عرضه ويقتل ولده.

وأضاف: الشريعة تأمرهم وهم لا ينتهون، والأعراف تخلينا عنها، والعقل يقتضي أن يدافع الإنسان عن أهل بيته، والحيوانات لا تفعل ذلك أكرمكم الله وتدافع عن صغارها، حتى القط الوديع يصبح شرسًا قويًا عند المدافعة عن صغاره.

الأمّة والمسؤولية المجتمعية

وتساءل الجرمي إلى أين تسير الأمّة، على الجميع كلٌ في ميدانه، عالم الشريعة، والمعلم والإعلامي، ويجب أن تغلظ العقوبات في سبيل أن تنتهي هذه الظاهرة المجتمعية الخطيرة لنعود إلى أعرافنا وعاداتنا بعد أن أصبح الأمر غاية في الخطورة، وندعو الله عز وجل أن يفقه الجميع لما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة.

وشدد على أنّ المجتمع ورقابته هي الحلقة المفقودة في عالمنا اليوم، اين المجتمع، وعيه ورقابته ووقوفه بالضرب على يد الظالمين، أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، بالردع والتخويف هذا مهم جدًا.

وتابع الجرمي حديثه لـ “البوصلة”: قال الله سبحانه وتعالى في آية عجيبة لعل الكثيرين لم ينتبهوا إلى معناها: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، سيرى الله لأنه عليم خبير، وسيرى الرسول لأنه كان الحاكم والمسيطر على مقاليد الأمور في المدينة، لكن ما معنى (يرى المؤمنون) هي رقابتنا ورقابة العائلة إن وجدت سلوكًا شاذًا لأحد أفرادها، يجب أن تسعى لإصلاحه وإلا مقاومته وردعه، فرقابة المجتمع مهمة جدًا لوقف أي سلوك خارج عن الأخلاق والأدب والحشمة، والمجتمع فقط يقف يتفرج وينقل الأخبار المزعجة.

واستهجن بالقول: متى كنا نسمع عن مثل هذه الجرائم المتوحشة، كنا نسمع عنها كل 30 عامًا خبرًا من غير تفاصيل، لا اليوم أخبار متتابعة بتفاصيل ووصلت إلى أطفالنا وهذا منذر بخطر نفسي عليهم.

وأضاف، عندما يكون هناك اعتداء من أب على ابنه قتلاً أو من أب على ابنته بجريمة شرف، فما موقف الآباء والأبناء من أمهاتهم، ألا يخافون لعل أبي يفعل، فمن سنّ تلك السنّة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، فمجرد التخويف هذا منزلق نفسي خطير جدًا.

وختم الجرمي بتوجيه نصيحة للجميع قائلا: “فلنتق الله جميعًا فيما نقول وفيما ننشر وفيما نفعل فهذه مسؤولية جماعية”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: