د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الحج والجهاد توأمان

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

هذا يوم من أيام الله، يوم عرفة خير أيام السنة،”ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى من  تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر”. والوقوف بعرفة أعظم ركن في الحج، والحج  هو أشبه شيء بالجهاد، ففي الحج جود بالمال وطاعة يؤديها البدن، والجهاد سبيلان جهاد بالمال وجهاد بالبدن، الجهاد كفارة للذنوب، والحج كفارة للذنوب، الجهاد تواضع لله فيبذل المجاهد أغلى ما يملك خارجا من حظ نفسه،  والحج تواضع لله بإعلان الفقر بلبس الإزار والرداء رمز الكفن،  والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والمجاهد لتكون كلمة الله هي العليا مع النبيين والصديقين في الجنة، الجهاد فرض على المستطيع جسدا ومالا إذا اعتدى العدو على شبر من أرض المسلمين والحج فرض على المستطيع جسدا ومالا إذا بلغ الحلم. الحج عبادة أخلاقية يحظر فيه العدوان على الشجر والحجر والبشر “فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج” والجهاد عبادة أخلاقية يحظر فيه التعرض للمرأة المسالمة والعابد المنقطع في صومعته.

الحج جهاد لا شوكة فيه تحسنه النساء كما يحسنه الرجال، فإذا اجتمع للأمة موسم حجها وموسم جهادها فلتهنأ بهذه الأعطية الثمينة، أمة ترجم إبليس في منى وترجمه في عموم حياتها العملية بيعا وشراء وجوارا وشركة وحضرا وسفرا، جهادا لكل أدوات الشرّ في هذا الوجود، أمة ترجم إبليس في نفسها وترجمه على أرضها، فما أجدرها بالنصر والعزّ والتمكين.

حجاج بيت الله الحرام يطوفون بالبيت ومجاهدونا يطوفون حول هدفهم الأسمى دحر أعداء الله لإعلاء كلمة الله، ويسعون ليوم الخلاص من التبعية للشرق والغرب كما يسعى الحجيج بين الصفا والمروة. يعيش الحجيج يوم التروية للتزود بالماء والطعام قبل صعود عرفة، بينما يروّي المرابطون في أرض الإسراء بدمائهم أرضهم الطهور لتنبت من دمائهم بذرة التحرير الذي ما بعده رِقّ، والخلاص الذي ما بعده تبعية.

خرج الحجيج هذا العام من كل كل فج عميق، وأغلقت الأبواب دون أهل غزة، لكن الباب الذي دخلوه للفتّ في عضض الظالمين أرحب كثيرا مما كانوا عليه من قبل،وأوسع من أي باب سواه،  ووقوف الغزيين في وجه الظالمين  أعظم أجرا من الحج، فهو تبكيت لعدو  دخل أرضنا لاجتثاث مشروعنا الحضاري وللتضييق على فرص سيادتنا للدنيا التي يرشحنا لها تمسكنا بالدين وعزم متين وسلوك سيرة الصالحين.

هنيئا لكم يا أهل غزة، فما أنتم فيه من كرامة وسيادة وظفر أعلى سناما من عشر حجج وخمسين عمرة، وغداً يحلّ العيد، ولا عيد إلا لمن في بيته أسير أو جريح أو شهيد، فما قيمة العيد إن اقتصر على الأكل والشرب ولهو النساء، والأمة تعيش أردأ أيام عمرها بما قدمت أيديها، والله عليم بالظالمين ؟

اليوم تلقى خطبة عرفة، فليكن لكل واحد ممن يقرؤون هذا الكلام خطابٌ في نفسه يحدثها عن تقصيرها وإضاعة وقته فيما لا يخدم مشروع الأمة السيادي المحرِّر للأرض والإنسان، يا أيها الحجاج إن لكل واحد منكم حاجته عند ربه وعند الناس، وللناس عنده حاجات، فليعزم على أداء حقوق الناس ليفتح الله عليه باب البركة والتيسير في قضاء حاجاته وإقالة عثراته.

وإذا تبين لنا أوجه الشبه بين الحج والجهاد مما استعرضناه آنفا، فإن بينهما بعض الفروق أظهرها أن الذين يحجون في الشائع الغالب اليوم يعودون إلى أهلهم سالمين محملين بالهدايا الرمزية من أرض الحجاز، أما المجاهدون ففرصة عودتهم سالمين أقل من فرصة الحجاج، وهداياهم إلى أهلهم حقيقية غير متخيلة، وهي أثمن قيمة بكثير من هدايا الدنيا، إنها شفاعة بدخول الجنة تنال سبعين من أهل كل واحد منهم.

إن طريق الحج هي طريق الجهاد، فمن لم ينتصر على تبعيته لهوى نفسه في محصلة حجه لن ينتصر على مغتصب أرضه ومنكّس رايته، وإن الذي يرى في الحج ركنا من أركان الإسلام لا بد أن يرى في الجهاد سياجا يحمي إسلامه من عدوه كله في وقته كله، وهو الركن السادس من أركان الإسلام كما نص بعض الأقدمين.

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

اللهم يا من لباك عبادك الطامعون بمغفرتك، لا تحرمهم معيتك، ولا تردّ دعاء صالحيهم بنصر مؤزر على أعدائنا وأعدائك.

أما أنتم يا أهل غزة، فالعيد عيدكم والحج حجكم والظفر ظفركم، والله وليكم، وتوشك الأرض أن تخضرّ من ندى أكفّكم، والله متم نوره ولو كره المجرمون، وكل عام وأنتم بخير وعافية.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts