الحقوقية عطا: هكذا نخفف من سطوة قانون الجرائم الإلكترونية على الحريات

الحقوقية عطا: هكذا نخفف من سطوة قانون الجرائم الإلكترونية على الحريات

انتقدت الدور الضعيف الذي أظهرته النقابات المهنية في الوقوف بوجه “قانون تكميم الأفواه”

عمّان – رائد صبيح

أكدت الناشطة الحقوقية والمحامية ليلى عطا أنّه وعلى الرغم من سطوة قانون الجرائم الإلكترونية على الحقوق والحريات العامّة للشارع الأردني، إلا أنّ الأردنيين لن يعدموا الوسيلة في التعامل مع هذا القانون بشكلٍ صحيٍ يضمن عدم الوقوع في فخ المصطلحات الفضفاضة التي حواها القانون.

كما عبّرت عطا في تصريحاتها لـ “البوصلة” عن أملها الكبير في أن لا تتوسع السلطات القضائية في التجريم عبر هذا القانون وتضيّق التعامل مع مصطلحاته إلى الحد الذي يخفف جدًا من وطأته على حرية الأردنيين وحقهم في التعبير عن آرائهم.

وقالت عطا: إنّ كل المخاوف المرتبطة بإقرار قانون الجرائم الإلكترونية هي مخاوف صحيحة ومحقة، ودار نقاشٌ واسعٌ حولها، وعلى رأسها أنّ المصطلحات التي حواها القانون فضفاضة جدًا وتترك المجال واسعًا لتعريفاتٍ وتكييفاتٍ يكون غايتها فقط منع الناس من التعبير عن آرائهم أو توجيه انتقاداتٍ سواءً للحكومات وسياساتها أو للشخصيات العامّة، وحتى لو انتقدت الفساد يمكن اعتباره “اغتيالًا للشخصية”.

وتابعت بالقول: لن نتحدث عن المبالغ الخرافية والغرامات الكبيرة التي احتواها القانون، وكأنّ الحكومة تسعى للجباية، بل كذلك حوى القانون مصطلحات جديدة لم تكن سابقًا في قوانين العقوبات ابتداءً، مثل “اغتيال الشخصية” وغيرها.

ولفتت إلى أنّنا نريد تجاوز الملاحظات التي تحدث الجميع عنها بشأن القانون وأصبح الأردنيون يعرفونها.

المحامية ليلى عطا: نأمل أن لا تتوسع السلطة القضائية في التجريم بناءً على قانون الجرائم الإلكترونية


تعامل النقابات مع مراحل إقرار القانون

وأكدت أنّ المشكلة الحقيقية التي جرت خلال مراحل إقرار هذا القانون الموقف الضعيف الذي أظهرته جميع النقابات المهنية بما فيها نقابة المحامين وعدم التعامل بجدية مع خطورته وعدم الوقوف بوجهه إلى أبعد مدى، موضحة في الوقت ذاته أنّ نقابة المحامين تحديدًا تعاملت مع موضوع القانون من خلال القنوات التشريعية، فالتقت بمجلس النواب واجتمعات باللجان المختصة، وقدمت مقترحات، وهذا الإجراء قامت به النقابة.

واستدركت عطا بالقول: لكن اكتشفنا في الساحة أنّ القنوات القانونية، وإبداء الرأي للسلطة التنفيذية أو التشريعية، ليس له اذن صاغية فقد اعتادت الحكومة على فتح باب النقاش وابداء الرأي دون ان يكون هناك جدية في الاخذ بها، فأصبح هذا الأسلوب المتبع غير مجديًا ولم يقدم شيئًا.

ونوهت إلى أنّ تاريخ العمل النقابي أثبت أن التصعيد وأخذ الموقف المعارض للقانون كان ينجز أكثر بكثير، وهذا الأمر جدًا مؤسف، لأنّه من المفترض، التعامل مع الحكومة ومجلس النواب من خلال تلك القنوات القانونية، وما قامت به نقابة المحامين كان صحيحًا من حيث تقديم الملاحظات والاعتراضات، وكان الأصل نقاش النقابة فيها وتقديم التبريرات لرفضها.

“لكن فعليًا، الحكومة أثبتت لنا بوجهٍ قاطعٍ أنّ ما تطرحه من مسائل شكلية في حوار النقابات ونقاشها، لا يجدي نفعًا، والتصعيد هو الذي يمكن أن يحدث الفارق”، على حد قولها.

وعبرت عن أسفها الشديد من أنّ النقابات المهنية اليوم في وضعٍ لا تريد أن تتخذ فيه قراراتٍ جريئة بالتصعيد ضد القانون والنزول للشارع.

وأشارت إلى أنّ نقابة المحامين ليست وحدها فقط المطالبة بالنزول للشارع لرفض القانون والضغط لتعديله، ولكنّه في الحقيقة يحتاج لكل النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، ولكن كون النقابة المعنية بالقوانين والتشريعات بالإضافة لوزارة العدل المعنية بتطبيق القانون، ولم يتخذوا مواقف جدية وحاسمة، فأسلوب نقابة المحامين كان صحيحا فيما يتعلق بواجبها كأحد اجنحة العدالة برفض القانون ، لكن الجانب الآخر الذي كان يجب اتخاذ موقف معارض كان يجب أن ينضمّ لها باقي النقابات من أجل اتخاذ موقف نقابي موحد رافض للقانون.

وشددت على أنّ هذا التراجع في موقف النقابات جميعها من الشأن العام انعكس بشكلٍ سلبيٍ في كل المفاصل والأحداث، الأمر الذي أوصلنا لمشهد إقرار القانون بالصورة التي هي عليها اليوم.

إسكات الشارع لا يصب في مصلحة الوطن

وتابعت عطا حديثها بالقول: بعيدًا عن مصالح النقابات والأحزاب وغيرها والضرر الذي سيقع عليها بسبب القانون الجديد، لكن الحقيقة أنّ تطبيق هذا القانون لن يصب بمصلحة الوطن، فحين يقود المشهد جهة واحدة وتجعل الشارع الأردني بأكمله يصمت فإنّ ذلك لن يحقق المصلحة العليا للوطن حين يتمّ التفرد بالقرار، في الوقت الذي نرى فيه الحكومة ذاتها لا تملك رؤية واضحة وتجر الشعب بطريقة غير صحيحة وباتجاهات تزيد حجم المشكلات السياسية والاقتصادية، فيما تسعى لمنع الأردنيين من انتقادها أو الحديث عن سياساتها العامة.

وأشارت إلى أنّ الإشكالية أنّ هذا القانون وقد أصبح موجودًا فنحن مجبرون على تطبيقه، ولكن السؤال: أليس هذا القانون بشكله الحالي يوقع الظلم على الإنسان وعلى حقوقه.

وتساءلت عطا: هل يلجأ الأردنيون للمنظمات الدولية لمواجهة هذا القانون الذي يعادي حقوق الإنسان ويشوه صورة الأردن الحقوقية.

هل نستسلم لقانون تكميم الأفواه؟

الإشكالية الحقيقية أنّ القانون واجب التنفيذ في كل الحالات هو وغيره من القوانين، ولا يمكننا تجاوز هذه المسألة.

وتابعت حديثها بالقول: لكن الآلية التي نعول عليها بالنسبة لتطبيق القانون ومنع وقوع ضرر كبير من ذلك، أولاً نأمل من السلطة القضائية أن لا تتوسع في التجريم، والسعي لتضيق ذلك بقدر ما تستطيع في المفاهيم والمصطلحات الموجودة، وهذا سيساعد في أنّ القانون يصبح أقل سطوة على المجتمع.

وأضافت أنّ الأمر الآخر يتمثل في أنّ الشعب يجب عليه أن لا يصمت ويخاف من القانون وينتبه لاستخدام الألفاظ والمصطلحات المناسبة، وتكون بشكلٍ عام، دون تحديد أشخاص، دون استخدام ألفاظ نابية أو مسيئة، وهذا شيء صحي.

وتابعت بالقول: كما يجب أن يبقى العمل على طلب الغاء القانون مستمرا من خلال الاجراءات القانونية كالطعن بدستورية القانون، على امل ان يضع القضاء قانون الجرائم الكترونية في موقعه الصحيح من كونه مخالف مخالفة صريحة للدستور وما ضمنه للشعب من حريات.

وختمت عطا حديثها لـ “البوصلة” بالتأكيد على أنّ هذه الطريقة يمكن من خلالها تلافي بعض أضرار القانون، وعلى أرض الواقع إذا كان هناك حراكات نقابية وحزبية، فكما تعدل هذا القانون يمكن فتح الباب لتعديله مرة أخرى بضغطٍ من الشارع.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: