الحوارات: خطاب الدفاع عن “قانون الجرائم الإلكترونية” فوقيٌ استعلائيٌ ولم يقنع طفلاً صغيرًا

الحوارات: خطاب الدفاع عن “قانون الجرائم الإلكترونية” فوقيٌ استعلائيٌ ولم يقنع طفلاً صغيرًا

عبّر عن رفضه الشديد لشيطنة الحكومة لمعارضي القانون ووضعهم في خانة أعداء الأردن

عمّان – رائد صبيح

عبّر المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارت في تصريحاته لـ “البوصلة” عن استهجانه الشديد للخطاب الاستعلائي الفوقي الذي مارسته الحكومة ومن تصدر الشاشات خلال الفترة الماضية من المدافعين عن “قانون الجرائم الإلكترونية”، مشددًا على أنّهم مخطئون إن ظنّوا أنّ هذا الخطاب المتغوّل على المعارضين للقانون والسعي لـ “شيطنتهم” ووضعهم في خانة أعداء الأردن لم يستطع إقناع طفلٍ صغيرٍ ولا أصغر الناس فكرًا ومنطقًا.

وقال الحوارات: ربما اعتقدت الحكومة ومن يمثلها أنّهم استطاعوا أن يقنعوا الرأي العام بوجهة نظرهم وسكتوا عن هذا التغوّل، لكن في الحقيقة ولأن الأردني يصون بلده ولا يريد أن يصعد الأمور أكثر من ذلك كظم غيظه ولم يقتنع.

وتابع، أنه وعلى الرغم من اقتناع من تصدروا الشاشات خلال الفترة الماضية مدافعين عن القانون، بأنهم ربما استطاعوا إقناع الشارع الأردني، أؤكد لهم أنّهم لم يستطيعوا إقناع طفلٍ صغيرٍ لأنّ خطابهم كان فجًا فوقيًا متعاليًا لا يُستمع إليه ولا يقنع أصغر الناس فكرًا ومنطقًا.

ليس موقف دولة تحترم مواطنيها

وعبر عن أسفه الشديد من الموقف الذي أظهرته الحكومة من الأردنيين خلال مناقشة هذا القانون، لافتًا إلى أنّه في الدول التي تحترم مواطنيها وتنظر باحترام للرأي العام وتعطي مكانته، يؤخذ بعين الاعتبار كل ما يقال ويجسد في قوانين وفي رؤية الدولة للمستقبل، لكن المؤسف بغض النظر عن حيثيات القانون وتفاصيله القامعة للحريات في مواد الرأي المتعلقة بالنقد والحديث وتوجيه الاتهام لهذا أو ذاك، وبغض النظر عن كل ذلك، في الحقيقة وجدنا أنّ تفسير رفض الناس لهذا القانون كان تفسيرًا فوقيًا استعلائيًا، وكأنّ من يمارسون صناعة القرار أكثر فقهًا ومعرفة باحتياجات هؤلاء الناس.

د. منذر الحوارات: طالما الناس مقيدة ولا تستطيع أن تعبر عن رأيها، فإنّ ثمن ذلك سيكون كبيرًا

وأكد أنّ المجتمع الأردني أصيب بالخيبة بسبب هذا الانفصام ما بين مؤسسات الدولة التشريعية أو التنفيذية، وهذا الانفصام تجلّى بطريقة تبرير توقيع القوانين من قبل مجلس النواب.

وأشار إلى أن نقاشات القانون أخذت مفهوم الشخصنة، وأنّ بعض النواب تحدثوا عن أنّه وجهت لهم هكذا اتهامات أو وجه لهم كذا وكذا وتحدثوا عن تجاربهم الذاتية، وتمّ إقرار القانون بناءً على رؤى شخصية، أو مواقف شخصية من مجموعة من السادة النواب أو الأعيان أو الوزراء أو غيرهم، وأقروا قانون بمحصلته هو انتهاك لحق الأردنيين في أن يعبروا عن أنفسهم، وانتهاكٌ للقوانين التي وقعها الأردن مع اليونيسيف والمؤسسات الدولية التي التزم فيها الأردن بعدم وضع القيود أمام حرية التعبير بغض النظر عن ماهيته.

وأوضح الحوارات أنّ هناك طريقة مسموح فيها بالحديث ويتمّ التغاضي عنها في وسائل التواصل الاجتماعي بكل دول العالم، وهذه قرأها الأردن وأقرها وقام بالتأكيد عليها.

الأردن لم يحترم تعهداته الدولية تجاه صون الحريات

وقال الحورات: الآن بهذا الإقرار للقانون حقيقة لم تحترم تعهدات الأردن مع المؤسسات الدولية، وهذا مهم، وثانيًا لم تحترم وجهة نظر مواطنيه، ولم يؤخذ بعين الاعتبار الكثير من النشطاء والحقوقيين والحزبيين الذين خرجوا رافضين لهذا القانون، وأحزاب قالت إنّ هذا القانون يشكل نقطة فارقة في التحول إلى حياة فيها كثير من القمع وحجب الرأي والتعبير.

واستدرك بالقول: رغم أنه صدعت رؤوسنا بأهمية الحزبية وأن تقف الموقف الذي تراه مناسبًا، لكن لاحظنا، أيضّا وهذا أخطر ما يمكن أن يوصف من قبل المدافعين والمتشدقين عن القانون والذين اعتبروا الرأي الآخر ليس رأيًا معارضًا، وأخرجوه من الملّة واعتبروه رأيًا نشازًا ورفضوا اعتباره رأيًا معارضًا يستند إلى منطق خاص بمن يعارضون.

ولفت إلى أنّ هذا يتجلى بموقف فعلاً رئيس الحكومة الذي اعتبر هؤلاء المعارضين أصحاب موقف وأنهم يجب أن يوضعوا في خانة الأعداء، ولا يمكن تفسير كلامه بغير هذا، وبعض النواب لا أريد تسميتهم تحدثوا عن أنّ هؤلاء المعارضين يقفون ضد الدولة وضد تطويرها وهم شوكة في حلق الدولة وهم يتآمروا على الدولة مع الخارج ويجب إسكاتهم.

وأضاف بالقول: نحن نتحدث عن دولة تتجه نحو الحزبية، ولنفترض جدلاً أنّ كلام هؤلاء كان خاطئًا وليكونوا كذلك، لكن يجب أن يؤخذ رأيهم بعين الاعتبار وأن ينظر لهم كأردنيين، وعملية شيطنة من عارض القانون، ولاحظنا أنه كان يُقال دائمًا بالمواربة أنّ هؤلاء الفئة هم يقفوا ضد الدولة وضد ما تريده.

من يقف ضد الدولة؟

وقال الحوارات: في الحقيقة لو جئنا نفسر بدقة من يقف ضد الدولة، هو من أقر هذا القانون، لأنه لا يمكن لدولة ما أن تتطور وأن تسير إلى الأمام وأن تنفتح وتقدم الكثير من طاقاتها الإبداعية وشعبها مقيد بالأغلال، لا يمكن، فهذا شيء مستحيل.

وحذر من أنّ وضع المعارض في خانة العدوّ الذي يقف بوجه الدولة، هذه نظرة عرفية استعلائية لا تذهب نحو الديمقراطية، بل تذهب نحو شيء واحد، هو مراكمة القضايا التي لا يحاسب عليها فاعلوها، وبعد زمن سنجد أنفسنا أمام جبل من الإخفاقات والأخطاء، لا نستطيع أن نزحزحه إلا إذا زحزحنا كل الجبل حقيقة، وهذا ما لا يريده أحد في الأردن.

وعبر الحوارت عن أسفه الشديد، من أنّ “السادة النواب والسادة الأعيان والسادة الوزراء عندما أقروا هذا القانون فإنهم أقروا حالة تسمح بأن يتكون هذا الواقع، وأن يتراكم الغضب في نفوس الناس وهذا ما يؤدي لانفجار الغضب وجعل الناس يتصرفوا حين ذاك بغضبهم وليس بعقلهم كما تصرف الأردنيون دائما، وهم الذين وضعوا الأردن والدولة دائمًا وأهدافها نصب أعينهم، وتراجعوا خطوات حفاظًا على هذا المنجز ولم يصنعه أحدٌ سواهم”.

وختم تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: “لكن الآن طالما الناس مقيدة ولا تستطيع أن تعبر عن رأيها، فإنّ ثمن ذلك سيكون كبيرًا”.

يذكر أنّ مجلس الأعيان على قرار مجلس النواب بالموافقة على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية كما عدله مجلس الأعيان، في جلسة اليوم الأحد برئاسة رئيس المجلس وحضور هيئة الوزارة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: