الحوارات لـ “البوصلة”: الغربة الداخلية أخطر ما يواجهه المجتمع الأردني (فيديو)

الحوارات لـ “البوصلة”: الغربة الداخلية أخطر ما يواجهه المجتمع الأردني (فيديو)

في تعليقه على نتائج استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية بعد مرور عام ونصف على تشكيل حكومة الخصاونة

عمّان – رائد صبيح

حذر الخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” من خطورة الأرقام التي كشفها استطلاع الرأي الذي أصدره مركز الدراسات الإستراتيجية وما أظهره من حالة انعدام الثقة بين أبناء المجتمع بعضهم البعض مؤكدًا في الوقت ذاته ضرورة الانتباه لهذا الأمر لأنه أخطر بكثير من أرقام انعدام الثقة بالحكومة فهو أمرٌ أصبح اعتياديًا لدى الأردنيين.

وقال الحوارات إن حالة السوداوية التي ألقت بظلالها على المستطلعة آراؤهم كانت ملفتة للنظر، بالذات فيما يتعلق بثقة المجتمع ببعضه البعض، محذرًا من أنه “إذا كان هذا مستوى الثقة داخل المجتمع فمعنى ذلك أن أواصر الترابط بين هذا المجتمع ضعيفة وقليلة وغير قادرة على أن تبني وحدة اجتماعية تستطيع أن تعبر اللحظات الصعبة التي تمر بها البلد”.

ويتابع بالقول: “ليس الأردن لوحده تمر بهذه اللحظات بل كل المنطقة شريكة في المعاناة بل وكل العالم، وهذه ملفتة وبحاجة لإعادة نظر، ونظرة متأنية، لماذا ثقة الأردنيين منحدرة ببعضهم البعض، هل هي ثقافة السوشيال ميديا، هل هي عدم اجتماعهم بشكل ودي مع بعضهم البعض، هل هي القضايا السياسية في المنطقة والإقليم الملتهب والعالم ألقت بظلالها على المجتمع”.

ويتساءل الحوارات: هل هو الواقع الاقتصادي والسياسي، وغياب الثقة بشكل كبير في الحكومة وما يتعلق بإجراءاتها وخططها الاقتصادية والثقة بالمستقبل بأن يكون مشرقًا، ومعنى ذلك بسبب ربما غياب المشاركة الشعبية الحقيقية والإحساس أن الأمور تدار من فئة قليلة من الناس والسياسيين يرسمون الأمور وفق مصالحهم وأهوائهم، مشيرًا إلى أنه “ربما هذه ألقت بظلال من الشك العميق داخل المجتمع الأردني”.

نظرة مغلوطة للحزبية

ويقول: “أضف لمحاولة إلقاء القتامة على فكرة أنّ الناس تنتمي للأحزاب، فليس بالضرورة أن ينتمي المجتمع كل للأحزاب، من ينتمي للأحزاب قد لا يشكل من 1% إلى 10%، والأشخاص الذين يكونون داخل بنى الأحزاب هم قيادات يطرحون مشاريع على المجتمع ليتبنّاها”.

ويوضح: “مثلا في الولايات المتحدة لو أخذت عدد المنتسبين للحزبين الكبيرين والأحزاب الأخرى، ستجدها نسبة ضئيلة جدًا، ولكن حينما تقرأ تأثير هذه الأحزاب على أرض الواقع تجده كبيرًا، لأن هذه الأحزاب تطرح رؤي سياسية واقتصادية واجتماعية، على المجتمع، وهو إما يوافق عليها أو لا يوافق عليها.

ويتابع بالقول: “نحن لا نريد أحزابًا شمولية، تأخذ كل المجتمع كحزبيين، فهذا زمنٌ تولى، من يؤمنوا أن يكونوا أعضاء في الأحزاب ليسوا بالضرورة أن يكونوا عددًا كبيرًا، وهؤلاء تناط بهم قيادة المجتمع وليس حشر الناس في الأحزاب كأعداد”.

ويستدرك بالقول: للأسف فكرة النظر إلى الأحزاب والحزبية ككم هي التي بترت مفهوم الحزبية وجعلته يتمحور كم عدد المشتركين فيها، لذلك كانت دائما تطعن في هذا الرقم لأنه قليل، لكن لو أتيح لهذه الأحزاب أن تكون شريكة في صنع القرار، وشريكة في رسم السياسات العامّة، وأن تكون شريكة في صناعة الرأي العام، كما هي الدولة والحكومة، كانت برأيي تتغير الحكومة.

من يتحمّل المسؤولية؟

ويستغرب الحوارات أن الحكومات المتعاقبة تقول نريد الحزبية وفي الوقت ذاته تطعن في الحزبية وتقلل من شأن الحزبيين على أنهم هامشيون وعابرون على المجتمع، وفي كل المقابلات تحاول أن تقلل من شأن هؤلاء الناس، متسائلا: “إذن كيف نطلب من الناس أن يسيروا خلف الأحزاب”.

“أنا لا أطلب أن يصبح المجتمع حزبيًا ولن أطلب ذلك، لكن 1% رقم معقول لقيادة المجتمع، وليس بالضرورة أن يكون كل المجتمع بالصف الأول يقود، فعدد محدود هو من يقود ويرسم الخطط للمجتمع، لكن ميزة هؤلاء أنهم يقدمون للمجتمع خططهم ليوافق أو يرفض”، على حد تعبيره.

ويقول الحوارات: “اليوم من يرسمون الخطط لا يعرضونها على المجتمع وهم معينون، يرسمون وينفذون من بنات أفكارهم، ولا يطرحون مشاريعهم قبل أن يصلوا إلى صناعة القرار”.

ويشير إلى أنه في الغرب من يريد أن يصبح مسؤولا، يجب أن يترشح للانتخابات ويطرح برنامجه في الضرائب والخارج والتأمين والضمان الاجتماعي ورؤاه، ثم المجتمع يصوت بالموافقة أو الرفض وهكذا يحصل.

ويضيف: نحن نريد الحزبية كمًا ولكنّها لا تشارك في صنع القرار، كي يقال إن عدد الحزبيين كبير، لاحظ أن قانون الأحزاب ركز على الكم ولم يركز على المشاركة، بالتالي من الطبيعي النتيجة تكون هكذا.

ما هو أخطر من الثقة بالحكومة؟

ويشدد الحوارات على أنه “ليس الخطير عدم الثقة بالحكومة، فالأردنيون أصبح طبيعيًا جدًا أنهم لا يثقون بالمسؤولين، لأنه ليس شريكًا في صنع القرار”.

ويختم تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: “الملفت عدم ثقة المجتمع ببعضه البعض، وهذه أخطر شيء في هذا الاستطلاع، لأنه إن عبر عن شيء يعبر عن غربة داخلية بين الناس وعدم اتساق في الرؤى وحالة من التناحر الداخلي وهذا شيء خطير يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أكثر بكثير من عدم الثقة بالحكومة”.

64 % من الأردنيين لا يثقون بالحكومة

وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية، أن غالبية الأردنيين يعتقدون أن الحكومة نجحت في ملفات دعم الفلسطينيين (63%)، ودعم القوات المسلحة (61%) كمهام محددة في كتاب التكليف السامي، و(42%) فقط يعتقدون أنها نجحت في: تحسين النظام الصحي وزيادة المشمولين به، وتطوير منظومة المراكز الصحية (48%)، وترسيخ مبدأ سيادة القانون (49%) وفقط (9%) يعتقدون أن الحكومة نجحت في توفير فرص عمل.

وبين استطلاع الرأي الذي نشره المركز بعد مرور عام ونصف العام على تشكيل حكومة رئيس الوزراء بشر الخصاونة،أن (36%) من الأردنيين يثقون بالحكومة، مقابل (33%) أفادوا بأنهم يثقون بها في استطلاع تشرين الأول 2021، بالمقابل (64%) لا يثقون بحكومة بشر الخصاونة بعد عام ونصف على تشكيلها. ولكن (40%) من أفراد عينة قادة الرأي يثقون بالحكومة بعد عام ونصف على تشكليها مقابل (44%) كانوا يثقون بها في استطلاع العام على التشكيل.

الثقة المجتمعية: استمرار لفقدان الثقة بين الأردنيين

الغالبية العظمى من الأردنيين لا تثق بأغلبية الناس في الأردن (80%) اليوم، مقارنة بـ(71%) في استطلاع التشكيل، الأمر الذي يعني أن الأردنيين والمقيمين في الأردن لا يثقون بعضهم ببعض وهذا مؤشر خطير على استقرار المجتمع ونذير خطرٍ لبناء سياسات اندماج اجتماعي ونمو اقتصادي وإصلاح سياسي.

بالمقابل، فإن ثقة الأردنيين محصورة بعائلاتهم، حيث أفاد 96% بأنهم يثقون بالعائلة، وأن ثقتهم بالدرجة الثانية تمتد إلى جيرانهم (70%) وإلى معارفهم وأصدقائهم (69%)، وإلى أفراد العشيرة (66%).

تجلى انعدام الثقة المجتمعية في الأردن في حجم ثقة الأردنيين بأسعار السلع والخدمات والتنزيلات على هذه الأسعار، حيث إن الغالبية العظمى من الأردنيين لا تثق بأسعار السلع والخدمات (20% فقط يثقون) مقارنة بـ(33% يثقون في استطلاع التشكيل)، ولا بالتنزيلات على أسعار السلع في الأردن (24% فقط يثقون) مقارنة بـ(32% فقط يثقون) في استطلاع التشكيل؛ وهو مؤشر هام لقياس الثقة المجتمعية.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: