الحوارات لـ “البوصلة”: هذا أخطر ما في “مشروع الربط القارّي”

الحوارات لـ “البوصلة”: هذا أخطر ما في “مشروع الربط القارّي”

عمّأن – رائد صبيح

أكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات أنّ “مشروع الربط القاري” الذي تمّ الإعلان عنه إبان قمّة العشرين التي انعقدت في الهند مؤخرًا، مشروعٌ  استراتيجيٌ بالغ الخطر، لا سيما وأنّه سيعطي الكيان الصهيوني المحتل مزيدًا من الشرعية السياسية والشرعية الاقتصادية ويجعله دولة الارتكاز في المنطقة الأمر الذي من شأنه أن يغيّر الوجه الجيوسياسي للمنطقة برمّتها.

وقال الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ هذا المشروع الخطير يتكون من شقين، وفي شقه الأول ممرٌ من الهند إلى دول الخليج العربي والشق الثاني هو العبور من الخليج العربي إلى الموانئ في فلسطين المحتلة ومنها إلى كافة دول الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أن هذا المشروع سيشكل بديلاً للمشروع الصيني “الحزام والطريق”، وهذا التفكير الأمريكي غايته فك عرى التواصل بين الهند والصين، هذا أولاً، وإيجاد مشروع مشترك بين الهند وأوروبا يرفع نسبة الصادرات الهندية إلى أوروبا بما يعادل 40%.

د. منذر الحوارات: مشروع الربط القاري سيجعل دولة الاحتلال جزءًا أصيلاً من المنظومة السياسية والاقتصادية للمنطقة وهذا خطرٌ جيوسياسيٌ بالغ الخطورة

الكيان الصهيوني دولة ارتكاز في المنطقة

كما لفت إلى أنّ “هذا المشروع سيشكل وجه المنطقة في المستقبل، وسيكون له تداعيات سياسية اقتصادية جوهرية، وأول هذه التداعيات أنه يضعف نفوذ الصين في المنطقة، ويضع (إسرائيل) كنقطة ارتكاز أساسية في عملية العبور هذه”.

وأوضح الحوارات بالقول: لأنه يستثني قناة السويس أولاً، ويمر مباشرة من الخليج العربي إلى الأردن  إلى موانئ فلسطين التاريخية، وهذا سيؤدي إلى نتائج إستراتيجية حقيقة خطيرة، لأنّه على مدى فترة طويلة كانت الممرات هي عنصر حيوي، والآن ستصبح هناك طريق آمنة للعبور إلى أ وروبا لا أحد يتهددها، وستصبح المضائق محدودة التأثير والأهمية، هذا من ناحية.

وتابع حديثه بالقول: من ناحية أخرى فإنّه يضعف دور مصر الإستراتيجي في التجارة الدولية، فيما يتعلق بالهند والبضاعة القادمة إلى أوروبا من دول الخليج العربي، وهنا يضاف إليها البضاعة القادمة من الهند.

وأضاف، بالتالي هذا سيشكل تغيرًا استراتيجيًا جيوسياسيًا في المنطقة، يعطي “إسرائيل” مكانة إستراتيجية تضاهي مكانة مصر.

دور عربية متضررة

ولفت إلى أنّ “هذا المشروع قد يكون مفيدًا للأردن من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية، ولكنّه سيضعف موانئ مهمّة مثل موانئ البحر الأبيض المتوسط في سوريا ولبنان وسيضعف دور العراق ويخرجه من لعبة التبادلات هذه”.

وقال الحوارات: بالتالي هذا سينعكس سياسيًا بعلاقات وطيدة ما بين دول الخليج العربي ودولة الاحتلال، وهذا مؤشر لخطط ونقاشات حقيقية حول عملية تطبيع متناهية الأبعاد، بحيث لن تكون فقط عملية ترطيب للأجواء أو عملية استعادة للعلاقات أو عملية تطبيع تعطي “إسرائيل” بعدًا ثقافيًا في المنطقة.

وأضاف بالقول: لا، هنا ستضع (إسرائيل) كقاعدة ارتكاز في أي مشروع اقتصادي للمنطقة، وهذا سيعطيها قوة وتأثيرًا في صناعة القرار السياسي والاقتصادي في المنطقة.

مشروع الربط القاري المفترض سيربط الهند بدول الخليج العربي والأردن وموانئ فلسطين التاريخية ومنها إلى أوروبا

وحذر من أنّه “معلوم أن دول الارتكاز في عمليات التبادل الاقتصادي، يصبح له دورٌ محوريٌ في صناعة الكثير من القرارات السياسية في المنطقة، وهذا الذي دعا نتنياهو للترحيب بهذه الخطوة الأمريكية التي ستشكل نقلة نوعية لأهمية كيان الاحتلال في التجارة الإقليمية وفي العلاقات الدولية في آنٍ معًا”.

وتابع الحوارات: “هذا بدون شك سينعكس سلبًا على القضية الفلسطينية، وينعكس سلبًا على مدى تفاعل المجتمع الدولي ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق هذا الشعب الأعزل”.

وختم الحوارات حديثه لـ “البوصلة” بالقول: بالتالي هذا المشروع ذو بعدٍ اقتصاديٍ كبيرٍ، ولكن هذا البعد سيصب في مصلحة دولة الاحتلال التي تمرست على القمع واستخدام القوة بمواجهة شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى ويعطي هذا الكيان المحتل شرعية سياسية وشرعية اقتصادية وهذا سينعكس بالضرورة على الشرعية القيمية والأخلاقية لوجوده ويصبح جزءًا أصيلاً من المنظومة السياسية الاقتصادية الاجتماعية في المنطقة، وهذا حقيقة أخطر ما في الموضوع.

نتنياهو يحتفي بمشروع الربط القاري

من جانبه احتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء السبت، بإعلان كل من الهند والولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى، انطلاق مشروع يربط شرق آسيا ودول الخليج بأوروبا، من خلال خط سكك حديدة وكابلات كهرباء ومنظومة أنابيب لنقل الطاقة “الخضراء”، تمر بإسرائيل.

وفي فيديو نشره عبر حسابه على منصة “إكس”، اعتبر نتنياهو أن هذا الإعلان الذي جاء على هامش انعقاد قمة العشرين في نيودلهي، سيكون بمثابة “بشرى هائلة لشعب إسرائيل”، مشيراً إلى أن تل أبيب تمثل “مكوناً اقتصادياً مهماً في هذا الممر” الذي يربط أوروبا بكل من الخليج وشرق آسيا.

ووصف نتنياهو المشروع بأنه “تجسيد لحلم راوده منذ سنين طويلة”، مشدّداً على أنه سيغير واقع منطقة الشرق الأوسط وصورة إسرائيل.

وأضاف: “موانئ إسرائيل وخطط سكك الحديد فيها ستمثل بوابة لربط أوروبا بآسيا، مروراً بالأردن والخليج والعكس”.

وتعهد نتنياهو بأن يساهم هذا الممر في ضمان اندماج إسرائيل في المنطقة والاقتصاد العالمي.

بايدن يعلن عن مشروع الربط القاري

وأعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن خطط لبناء ممر للسكك الحديدية والشحن يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، يهدف لتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون السياسي لدى الأطراف.

ومن شأن الممر، الذي جرى تحديده في القمة السنوية لمجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات في العالم، السبت 9 من أيلول، أن يساعد في تعزيز التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي.

وقال مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، جيك سوليفان: إن الخط سيشمل الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.

وأضاف سوليفان أن الشبكة تعكس رؤية بايدن “لاستثمارات بعيدة المدى” تأتي من “القيادة الأمريكية الفعالة” والرغبة في احتضان الدول الأخرى كشركاء، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

في مواجهة “الحزام والطريق”؟

من الجدير بالذكر أنّ هذا المشروع يأتي في سياق مواجهة اقتصادية متنامية  بين الولايات المتحدة والصين، في الوقت الذي تسعى فيه بكين لاستكمال مشروعها لربط الشرق بالغرب تحت مسمى “الحزام والطريق”.

ويطلق اسم “حزام واحد، طريق واحد” أو “مبادرة الحزام والطريق” على مبادرة صينية قامت على أنقاض ما يعرف تاريخيًا باسم “طريق الحرير” في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في التاريخ.

ودمجت الصين في عام 2017 هذه المبادرة في الدستور الصيني، وتصفها الصين بأنها “محاولة لتعزيز الاتصال الإقليمي واحتضان مستقبل أكثر إشراقًا”.

ويرى خبراء بأنّ المشروع من شأنه أن يمس بمكانة مصر الاقتصادية والاستراتيجية فضلا عن عدد من الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان، حيث إن الممر سيقلص من حجم البضائع التي ستعبر قناة السويس بشكل كبير، ويتم الاستغناء عن المرافق والموانئ في العراق ولبنان وسوريا.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: