الشحروري: الأمّة مدعوةٌ لتكريم المُسنّين وتخليص حياتهم من المنغصات

الشحروري: الأمّة مدعوةٌ لتكريم المُسنّين وتخليص حياتهم من المنغصات

أكدّ أنّ الإسلام قد لهذه الفئة حظًا وافرًا من العناية

عمّان – رائد صبيح

تحلّ الذكرى السنوية للاحتفال باليوم العالمي للمسنّين مطلع أكتوبر في ظلّ ظروف تملؤها الحروب والمنغصات التي تعاني فيها هذه الفئة بشكلٍ كبيرٍ مع غياب الاهتمام الحقيقي والتعزيز التشريعي والقانوني الذي يضمن لكبار السنّ حياةً كريمةً وآمنة.

وبهذه المناسبة، قال أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري في تصريحاته لـ “البوصلة“: إنّ احتفال العالم بيوم المسنين يفتح عيوننا نحن اليوم على واقعٍ أليمٍ تعيشه البشرية جمعاء، وإذا تحدثنا عن البشرية فالمسلمون جزءٌ منها.

وأضاف الشحروري: لقد كان للمسنين في الإسلام حظٌ ٌ وافرٌ من العناية، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم، في توجيهٍ عظيمٍ يقول لنا: (ليس منّا من لم يحترم كبيرنا)، وقضية الاحترام هذه قيمةٌ من قيم الإسلام العظيم، فهذا الكبير الذي أخذت منه السنين مأخذها، وذبل جسده، ورقّ عظمه، وأصبح بحاجةٍ لمساعدة كل من حوله.

تكريم المسنّين في الإسلام غاية إنسانية

ولفت إلى أنّ هذا المسنّ يحتاج منا اليوم إلى أن نستروح ريح الإسلام للعناية به، والإسلام لم ينظر للمسنّ باعتبار لغته أو دينه أو لونه إنّما نظر إليه باعتبار إنسانيته.

وتابع حديثه بالقول: فذلك هو فاروق الأمّة الذي وجد يهوديًا مسنّا يتكفف الناس على باب المسجد، فقال له: أخذنا منك الجزية شابًا وأضعناك شيخًا كبيرًا، وجعل له راتبًا من بيت مال المسلمين.

د. أحمد الشحروري:

وشدد الشحروري على أنّه هكذا تكون العناية بالمسن، ولذلك إذا انقلبنا إلى واقعنا العمليّ اليوم، فإنّنا نتساءل أين العناية الطبية الواجبة بالمسنّ؟ وأين العناية الاجتماعية، ولماذا تكون دور المسنين مليئةً اليوم، بمن ضيعهم أبناؤهم، وضيعهم مجتمعهم وأصبحوا يلوذون بالسراب بعد أن ربوا واعتنوا وأنفقوا وعملوا وجهدوا، ولكنّ ذلك كلّه قوبل بالنكران البشع

ولفت إلى أنّ الاحتفال العالمي بيوم المسنين اليوم يخاطبنا بأن نلتفت إلى هذه الفئة كيف تسير في الطريق، وهل مهدنا لها مكانًا تسير فيه، وتبتعد عن خطر الدهس بالسيارات، وهل استطعنا أن نحترم إنسانية هذا الكبير الذي قد لا يجد سبيلاً للتنقل اليوم، فما حقه في المواصلات، وما حقه في حياة كريمة يعاني فيها الكدّ والجهدّ والمشقة والتعب.

وشدد على أنّ القضية ليست قضية شعار ولا قضية يوم، ولكنها قضية حياة مليئة بالمنغصات، نحن شاركنا بطريقة أو بأخرى في صنعها بحياة ذلك المسنّ.

وختم بتوجيه رسالة، قال فيها: لذلك فإنّ الأمة مدعوة للعودة لثقافتها وإلى حضارتها وإلى سابق عهدها في العناية كل فئات المجتمع ومن أهمّها فئة المسنّين.

توحيد الجهود الوطنية على قضايا كبار السن

من جانبه أكد الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد مقدادي، ضرورة توحيد الجهود الوطنية والمؤسسية وتعزيز التشبيك بين مختلف الجهات العاملة على قضايا كبار السن، وتعزيز قدرات مقدمي الخدمات لهذه الفئة.

جاء ذلك خلال اجتماع اللجنة الوطنية لكبار السن، الذي عُقد في مقر المجلس الأحد، تزامناً مع اليوم العالمي لهذه الفئة، الذي يأتي هذا العام تحت شعار” الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنين عبر الأجيال”.

وقال مقدادي، إنّ المجلس لم يغفل منذ تأسيسه الأهمية المجتمعية لهذه الفئة، حيث كانت قضايا كبار السن ضمن أولويات العمل، حيث تم وضع استراتيجية وطنية لكبار السن يتم تحديثها بصورة دورية بناءً على مخرجات التقارير التحليلية لمحاور هذه الاستراتيجية.

ونوه مقدادي، إلى أن المجلس أطلق في بداية العام وبالتعاون مع منظمة “الاسكوا”، التقرير التحليلي لتقييم الاستراتيجية الوطنية لكبار السن للأعوام (2018-2022)، الذي جاءت توصياته لتؤكد أهمية إقامة نوادٍ نهارية لكبار السن، ورصد مخصصات مالية استجابة لاحتياجات المسنين وإجراء مسوحات ميدانية محدثة مصنفة وفق الفئات العمرية، للوقوف على مؤشرات كبار السن في مجالات، الصحة، التعليم، الفقر، العمل، لتكون هذه المسوحات بمثابة خارطة طريق للجهات المعنية في صياغة استراتيجيات مستجيبة لمتطلبات كبار السن.

وأشار إلى أن الهدف من التقرير الذي جاء إعداده بالتعاون مع اللجنة الوطنية لكبار السن، التي يُمثل أعضاؤها مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، للوقوف على ما تم إنجازه خلال الأعوام (2018-2022)، وذلك لتلبية احتياجات كبار السن في المجتمع، خاصة أن هذه الفئة تُشكل (5.4) بالمئة من تعداد السكان الإجمالي.

الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنّين

وفي هذا السياق اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التاريخية قبل 75 عاما، وساهم ممثلون من جميع أنحاء العالم من ذوي خلفيات قانونية وثقافية ولغوية مختلفة، في كتابة هذا  الإعلان  الذي يعتبر أول وثيقة توضح حقوق الإنسان الأساسية التي من المفترض أن تكون تصان عالميًا.

وجاء في البيان الصادر عن الأمم المتحدة إنّه واعترافاً بهذا الحدث المهم، وتطلعاً إلى مستقبل يفي بالوعد بضمان تمتع جميع الأشخاص، بما في ذلك جميع المسنين، تمتعاً كاملاً بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بهم، يركز الاحتفال ال 33 لليوم الدولي لالمسنيين على أهمية “الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنيين عبر الأجيال”. كما وسلط الفعالية  الضوء على المكانة الخاصة لالمسنيين في جميع أنحاء العالم، واهمية تمتعهم بحقوقهم والتصدي للانتهاكات المرتكبة ضدهم، وتعزيز التضامن من خلال الإنصاف والمعاملة بالمثل بين الأجيال الذي من شانه توفير حلولاً مستدامة للوفاء بوعد أهداف التنمية المستدامة.

وأكدت الأمم المتحدة أنّ جهود المجتمع الدولي المتعلقة بقضية التضامن بين الأجيال، شددت على أهمية ومساهمة الحلول المشتركة بين الأجيال، التي تسترشد بمبادئ حقوق الإنسان المتمثلة في المشاركة والمساءلة وعدم التمييز والمساواة والتمكين والشرعية في إحياء إرث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأهميته ونشاطه من خلال تمكين كل من الشباب والمسنيين في التأثير على وفاء لإرادة السياسية بوعود الإعلان لجميع الناس عبر الأجيال.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: