الشحروري لـ “البوصلة”: لدى أمّتنا المكلومة قضايا أهمّ من الجدل حول “ليلة النصف من شعبان”

الشحروري لـ “البوصلة”: لدى أمّتنا المكلومة قضايا أهمّ من الجدل حول “ليلة النصف من شعبان”

عمّان – البوصلة

قال أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور احمد الشحروري، في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ أمّة الإسلام المكلومة لديها ما هو أهمّ بكثير من تضييع الأوقات في الجدل حول الصيام والعبادة في يوم النصف من شعبان وليلته، مؤكدًا على ضرورة أن تتوحد الأمة الإسلامية على الفهم الصحيح للإسلام وشرائعه وصرف الأوقات والجهود في مكانهما الصحيحين.

وتابع الشحروري بالقول: نحن في شعبان ونوشك أن ندخل على ليلة النصف من شعبان، وهنا يحلو لكثيرٍ من الناس أن يناقشوا ويجادلوا في مدى مشروعية صيام يوم النصف من شعبان أو صيام شعبان كله، أو بدعية هذا الأمر أو موافقته للسنّة، وهكذا بدلاً أن نقضي أوقاتنا كلها في هذا الشهر وغيره في العبادة والتبتل والطاعة فإننا نصرف كثيرًا من الوقت في الجدل والنبي صلى الله عليه وسلم وعد ببيتٍ في أعلى الجنّة لمن ترك الجدال وهو محق، كما ورد في الحديث الصحيح.

وأضاف، “لذلك أتوجه للمسلمين في كل مكان بهذه المناسبة برسالة لكي نتحد حول مفهوم العبادة التي يريدها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم”.

د. أحمد الشحروري: لماذا نضيق على أنفسنا ولماذا نحتكر القول في العبادة بمظاهر ومراسيم؟

وأشار إلى انّه “صحيح أيها الإخوة في مشارق الأرض ومغاربها، أن رسولنا عليه السلام ندبنا إلى العبادة وأنّ الأمر بالعبادات المختلفة المتنوعة يزخر به القرآن من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، ونحن إذا فهمنا روح الشريعة فإننا في عبادةٍ يومنا كله وليلنا كله، وكل نفس يخرج منا إذا كان إذا قصدنا منه إرضاء الله عزو وجلّ فهو عبادة وكل سكونٍ إذا قصدنا أن يكون لله فهو عبادة، وكل حركة إذا أردناها في مصلحة هذا الدين فهي عبادة”.

العبادة ليست مظاهر ومراسيم

واستدرك الشحروري بالقول: فلذلك لماذا نضيق على أنفسنا ولماذا نحتكر القول في العبادة بمظاهر ومراسيم ولا ننكرها إذا ثبتت ونكون من روادها إذا صح الحديث بها، ولكنّنا لا نتوقف عندها ولا نسمح لأنفسنا أن نضيع أوقاتنا في المجادلة والمناقشة.

وشدد على القول: “نحن اليوم يا أيها المسلمون في كل زمانٍ ومكان أحوج إلى أن نكون عبادًا أوفياء لله عز وجل وأن نخلع من رقابنا العبودية للهوى والعبودية لما سوى الله”.

ولفت إلى “أننا أبناء قضية ومسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم في خطر ويحتله أراذل الناس، وأقول دائمًا: إذا كنا نشكي من الكلاب الضالة فإنّ شكوانا من الخنازير القابعة في ساحات المسجد الأقصى المتمثلة بقطعان المستوطنين من هؤلاء اشدّ وامرّ”.

الفهم الحقيقي لروح العبادة

وأكد الشحروري أنّ الأمة اليوم مطالبة بأن تأخذ طريقها إلى الله عبادة حقيقية بحبس النفس على مراعاة شعائر الله في اوقاتها، وعلى أن تفهم معنى العبادة الحقيقية وهي أن نطيع الله عز وجل في حفاظنا على المقدسات والدين ومقاومة المطبعين والمشككين ومقاومة الدين الإبراهيمي الذي أشهروه في وجوهنا شرًا مستطيرًا ويريدون من خلاله  وبه أن يطمسوا معالم ديننا واستقلالية ديننا وشعائر ديننا، ويريدون أن يخلط المسجد بالكنيسة، والكنيس، لمسح آثار هذا الدين العظيم.

وأضاف، “لأنهم يعلمون أنّ الخطر القادم عليهم يتمثل في فهم المسلمين لدينهم وأن الفهم الحقيقي للإسلام هو الاستسلام لله سبحانه وتعالى، فإبراهيم كان مسلما، وموسى كان مسلما، وعيسى المسيح كان مسلما، ولكنّ شرائعهم مختلفة، ولذلك لا دين إلا الإسلام ولا ملة لنا إلا الاستقامة على هذا الدين، وعلى هذا التوحيد”.

وقال: نحن مطالبون اليوم في شعبان وقبل أن يقبل علينا رمضان، أن نتوحد على هذا الفهم، وان ننبذ خلافاتنا حتى ولو كانت في سبيل إفهام الناس أو إقناع الناس بالعبادات، فإنّ هذه الأمّة مكلومة وإنّ ما لديها من وقت لا يكفي لمقارعة عدوها، فلماذا نهدر الوقت ونسرف في الجهد ونضع الوقت والجهد في غير موضعهما ونحن الأمّة التي تحتاج إلى كل لحظة من لحظات حياتها تجعلها في المعركة والجهد الذي ينبغي أن يبذل لتوحيد الأمّة وتوحيد همّها لأنّ تاريخها واحد، وواقعها واحد، ولأنها مطالبة أن تبني مستقبلاً واحدًا يعزّ فيه الإسلام ويذلّ فيه أعداءه من كل ملة ونحلة.

وختم الشحروري حديثه لـ “البوصلة” بالقول: “ندعو الله أن يتقبل منّا طاعاتنا في شعبان وفي رمضان وأن نكون من خرّيجي هذه المدرسة الكريمة المباركة ربانيّين لله نحن المسلمين الذي امتدحنا الله في كتابه العزيز: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا)، نسأل الله أن نكون منهم”.

حكم صيام شعبان

وكانت دائرة الإفتاء العام أكدت أن صيام شهر شعبان كله أو بعضه جائز شرعاً، مبينةً أنه يستثنى من ذلك تخصيص النصف الثاني منه بالصيام، فهذا حرام شرعا.

وبينت أنه يستثنى من التحريم هنا الصيام في حالات معينة وهي:

أولاً: من كانت عادته الصيام، فيستمر على عادته كمن اعتاد صيام الاثنين والخميس، أو صيام أيام البيض.

ثانياً: من شرع في صيام شعبان من بدايته، وذلك كأن يصوم أياماً من النصف الأول من شعبان وأياماً من النصف الثاني منه.

ثالثاً: من نوى قضاء صيام واجب أو نذر أو كفارة.

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: “هذه الأحاديث لا تنافي الحديث المحرم لصوم ما بعد النصف من شعبان؛ لأن محل الحرمة فيمن صام بعد النصف ولم يصله؛ ومحل الجواز بل الندب فيمن صام قبل النصف وترك بعد النصف أو استمر؛ لكن وصل صومه بصوم يوم النصف؛ أو لم يصله وصام لنحو قضاء أو نذر أو ورد” انتهى. الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 82). والله أعلم.

فضل ليلة النصف من شعبان

ورد في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث صحح بعض العلماء بعضًا منها وضعفها آخرون وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال.

ومنها حديث رواه أحمد والطبراني “إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر من شَعْرِ غَنَمِ بني كلب، وهي قبيلة فيها غنم كثير”.وقال الترمذي: إن البخاري ضعفه.

ومنها حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الليل فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قُبِضَ، فَلَمَّا رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: “يا عائشة ـ أو يا حُميراء ـ ظننت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد خَاسَ بك”؟ أي لم يعطك حقك . قلت: لا والله يا رسول الله ولكن ظننت أنك قد قبضتَ لطول سجودك، فقال: “أَتَدْرِينَ أَيُّ ليلة هذه”؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال “هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عز وجل يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين ، ويرحم المسترحِمِينَ، ويُؤخر أهل الحقد كما هم” رواه البيهقي من طريق العلاء بن الحارث عنها، وقال: هذا مرسل جيد. يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: