د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

العرب وقراءة الحدث وعلوم الحياة

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

نُشرَت مؤخرا نتيجة التصنيف العام لاختبار PISA لعام ٢٠٢٢، وقد حلّ الأردن في المرتبة ٧٥ من أصل ٨١ دولة مشاركة، والخامس من بين ست دول عربية شاركت، ويعزى هذا الأداء الضعيف إلى تراجع الأردن في مجالات الاختبارات الثلاث : القراءة والرياضيات والعلوم، وتراجع الأردن في الإلمام بالرياضيات فقد تبين أن ما نسبته ١٧% من طلبتنا حققوا مستوى إلمام فيها قدره ٢% فقط.

إلى هنا هذا خبر علمي، وهو يتناول نتيجة امتحان أبنائنا الصغار، الذين هم في موقع القلب من جسد أمتهم العربية عامة.

 إنه تقرير لا يستبعد عن جوه ما يسجل من إخفاق الكبار في قراءة الحدث من حولهم، فإن فتح المضموم في اللغة يحوله من فاعل إلى مفعول به، وهذه مشكلة، وإن جر المنصوب إذلال له وإقامة للسيد مقام العبيد، وهذا يعمق المشكلة.

أما العلوم بفروعها من رياضيات إلى كيمياء وأخواتها فإن إخفاق الصغار فيها منبئ عن فقدانهم للتأسيس الذي يبدأ بالبيت ويعود بعد المدرسة إلى البيت !

لم تكشف حرب غزة طوال ستة أشهر ما كشفته الضربة الإيرانية للعمق الصهيوني في ساعات، ويمكن أن نفهم حساسية هذه الساعات بفهمنا لطبيعة إيران وموقف العرب منها، فغالب الأنظمة ترى في إيران نظاما مشاكسا يحاول أن يسحب بساط الهيمنة من تحتها ويستأثر بالجو الإقليمي دون أن يغيب تأثيره على الجو العالمي، وهو نظام لا يهادن في سبيل مصالحه، فيهدد ويتوعد ويحمر عينيه في وجه كل من ينكر عليه (حقه) في أن يفعل ما يريد.

ضعف القراءة والحساب الباديان في أطفالنا ليس بعيدا عن الكبار في شتى طبقاتهم الثقافية والاجتماعية، فبرغم أن السياسة ليس فيها عدو أبدي ولا صديق أبدي إلا أن الحسابات العربية وفقا للقراءة على الأرض ما تزال تسجل أدنى من مستويات القراءة والحساب العالمية عموما.

إننا اليوم أمام امتحان كلما جربنا أن نخوضه في القراءة ألبست علينا النقاط والحركات، فهل يعقل أن نقرأ البأس “يأس”، وأن نرى الكُرَة “كُرْه”، وأن نعذر المقصر ونعاقب “القاصر”، أليست اللغة بيان غيب القلب؟! فلماذا نتعمد إهمال البيان ووضع الظن الملبس مكانه حتى تنقلب حياتنا إلى غبش بدل “عيش”؟!

إن العلوم التي أخفق أبناؤنا في امتحانها هي علامة إخفاقنا في علوم السياسة ورياضة المال وكيمياء الحياة، ألسنا مخفقين ونحن نُعنى بعدونا فنهابه ونحقق مطالبه “مرغمين”، في حين نعجز عن تحقيق مصالحنا بالغياب عن الوقوف في الصف الذي كان ينبغي أن نقف فيه؟

أليس من البدهي أن ضرب عدونا هو مصلحة لنا يجب أن نشجع من يحققها بدل هذا الاختباء خلف أضعف أصابعنا والدوران في فلك خوفنا من القادم برغم علمنا بأن واقعنا هو الأسوأ منذ كنا؟

إن كيمياء الحياة التي أخفق طلابنا في امتحانها مكونة من الصديق والعدو، فما أجهل من يخطئ في التمييز بينهما، وفيها المصلحة والمفسدة، ووضع أحدهما مكان الآخر هو مزج لمكونات متفجرة لن تجامل جهلنا إن عبثنا بها وستنفجر في وجوهنا.

إننا نرى مدى الفشل الذي يحققه العرب وقد أخفقوا منذ قرن في التعامل مع واقعهم، وأخفقوا في تكوين معادلات السلامة في سياساتهم، وأخفقوا في فن الحب وفن الكراهية، وأخفقوا في تحديد لحظات الجد ولحظات الهزل في معترك علاقاتهم البينية والخارجية، تُرى، هذا واقع نخبة عاشت الطفولة منذ عقود، فما حال من يعيشون الطفولة اليوم مخفقين في امتحانات مدرسة إذا صاروا بعد عقود في موقع القيادة؟! أم تراهم يمارسونها من المقعد الخلفي كحال من يعيش مترددا فيرى نفسه في المنام دائما في المقعد الخلفي سائقا؟؟!! وهل بات لزاما علينا أن نحبس أنفاسنا لنرى هذه الفئة من طلبتنا تخفق في القيادة بعد أن أخفقنا في رعاية معلمهم واستعديناه ووقفنا في وجه طموحاته الإصلاحية للتعليم والحياة على حد سواء، أرأينا إلى أين تؤول الأمور بعد أن أحلنا أكفاء المعلمين على التقاعد والاستيداع نكاية بهم، وإذا بنا نعاقب أنفسنا لفشلنا في مبحث الكيمياء وعلم الحساب وفن القراءة، وسنظل فاشلين حتى يأتي من يبصرنا أننا في المسار الخاطئ وعلى هامش الحياة ولسنا بين سطورها الفاعلة.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts