نورالدين نديم
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

”العطارات” الاقتصاد في مهب ريح السياسة

نورالدين نديم
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بين مؤيد ومعارض عاد ملف اتفاقيّة العطارات إلى الواجهة من جديد، مع اقتراب النطق بقرار التحكيم الذي ذهبت له الحكومة وشركة الكهرباء الوطنية أواخر عام 2020، حيث تقدمتا بطلب تحكيم إلى غرفة التجارة الدولية في باريس.
وتتلخص قضية التحكيم بما طلبته كل من الحكومة الأردنية وشركة الكهرباء الوطنية من إعادة النظر بالاتفاقية نظراً “للغبن الفاحش” الناجم عن ارتفاع أسعار الكهرباء جراء الإتفاقية التي وقّعت عام 2013.
وفي تصريح لوكالة “بترا” أكّد مصدر مسؤول في وزارة الطاقة والثروة المعدنية أنّ إجراءات التحكيم فيما يُعرَف بقضية “العطارات” ما زالت مستمرّة، ومن المتوقّع أن تمتد جلساتها حتى مطلع العام المقبل على أن يصدر الحكم بعد ذلك التاريخ، أي نحو منتصف العام المقبل، مؤكداً ذات المصدر أنّ الاتفاقية وقّعت مع ائتلاف شركات صينية وماليزية وأستونية، وأن الحكومة الأردنية طلبت تخفيض أسعار الكهرباء المنتجة من مشروع العطارات باستخدام الصخر الزيتي، ولم تطلب فسخ العقد.
وللوقوف على تفاصيل الموضوع أجرت “صدى الشعب” لقاء مع النائب صالح العرموطي، استهلّه بقوله :
(الذهاب للتحكيم في مشروع العطارات له بعد سياسي وليس بعد قانوني)، مؤكداً أنّ اتفاقية العطارات لم تعرض على مجلس النواب، ولم تأخذ موافقته.
وتابع العرموطي : إنّ موضوع الصراع الأمريكي الصيني وارد كسبب في قضية العطارات، وهناك ضغوطات كبيرة على الأردن، فاتفاقية الغاز تمت بضغط من أمريكا لقبولها واتفاقية الماء مقابل الطاقة ايضاً.
وأكد العرموطي،أن مشروع العطارات لم يعرض على مجلس النواب بحجة ان الاتفاقية وقعت بين شركتين وليس بين حكومتين، مع العلم أن شركة الكهرباء مملوكة بالكامل للحكومة، مثله مثل اتفاقية الغاز رغم أن الاتفاقيات التي تخص قطاع الطاقة لا تنفذ الا بعد عرضها واقرارها على مجلس النواب.
وقال هذا مشروع ضخم جدا لماذا لا نستغله، و” المشروع لا زال يعمل ولم يتوقف والآن بدأ بالإنتاج وأبلغ الحكومة بذلك”
فما قصة “العطارات”؟ وما حقيقة خلافها مع الحكومة الأردنية؟
لطالما أكدت وزارة الطاقة (أن الثروة المعدنية من أهم المصادر التي تشكل القاعدة الأساسية التي يعتمد عليها التطور الاقتصادي والاجتماعي في أي بلد، حيث تشكل أهم الروافد للاقتصاد الوطني من خلال مساهمتها بشكل فعال في تشغيل الأيدي العاملة المحلية والعمل على تغطية حاجة السوق المحلي من الخامات الأولية ، إلى جانب التحديات لإيجاد بدائل محلية لإنتاج الطاقة من خلال استثمار الموارد الطبيعية، وذلك لتقليل المديونية وزيادة الدخل القومي وتعزيز التنمية المستدامة.
ورغم أن الأردن يعتبر بلداً غنياً بثرواته المعدنية نتيجة التنوع المتميز في جيولوجيته والمتمثل في التنوع الصخري، إلا أنه يستورد أكثر من 95% من الطاقة المستهلكة، مما يزيد من عبء الموازنة وتحمل قدر أكبر من المغامرة والمخاطرة، ومما يوجب علينا جميعاً أن نبحث عن طرق محلية بديلة لإنتاج الطاقة.
هذا الامر دفع الحكومة الى زيادة الأبحاث والدراسات حول جدوى توليد الطاقة الكهربائية من الحرق المباشر للصخر الزيتي، للنظر في امكانية توسعة المشروع اقتصاديا في المستقبل، وذلك حسب ما ذكرته وزارة الطاقة على موقعها الرسمي، موضحة أن عملية الاستفادة من الصخر الزيتي تكون من خلال تسخين طبقة الصخر الزيتي الى حوالي 350 درجة مئوية، ما يؤدي الى إنتاج الزيت وارتفاعه الى الطبقة السطحية حيث يتم تحويله الى وقود ليتم استخدامه في توليد الطاقة الكهربائية.
وحيث أن عمليات البحث والتنقيب أثبتت أن الأردن يمتلك وفرة من الصخر الزيتي غير المستغل تعد من بين أكبر الموارد في العالم، وتقدر بأكثر من 70مليار طن، وذلك وفق ما ذكره التقرير الصادر عن شركة العطارات والمعنون ب(رحلة العطارات)، ودفع ذلك وزارة الطاقة والثروة المعدنية (بتاريخ 13تشرين الثاني2000) كممثل عن الحكومة إلى الإعلان عن استدراج عروض لتطوير محطة توليد كهرباء تعمل على حرق الصخر الزيتي بقدرة تشغيلية من100-300 ميجا واط على أساس البناء والتملك والتشغيل.
لم تستلم الوزارة وقتها أي عرض من الشركات المحلية، وفق ما ذكرته الوزارة ، الأمر الذي دفع الى تجديد الحكومة إعلانها لاستدراج العروض مرة أخرى حتى وقع الاختيار على شركة “العطارات للطاقة” والتي ارتبط إسمها بأول مشروع لتطوير منجم بالصخر الزيتي في الأردن، وهو مشروع العطارات لإنتاج الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي والذي يقع في منطقة عطارات أم غدران، على بعد 110 كم جنوب شرق عمان.
ووفق ما ذكره تقرير الشركة (رحلة العطارات)، وما أكده موقع وزارة الطاقة ، بدأ المشروع أولى خطواته بعد توقيع إتفاق مبدئي في عام 2006، لتستمرشركة العطارات في أعمال التطوير والتمويل لمدة تقارب 11 سنة، اتسعت خلالها رقعة الشراكات فوقعت الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة مذكرة تفاهم مع شركة أينيفت من أستونيا وذلك في (30تشرين أول2007 )، كما انضمت مجموعة شركات YTL ومقرها ماليزيا، الى المشروع بتاريخ 13كانون الأول2010.
وخلال الفترة الممتدة من العام 2010 ولغاية العام 2017 انضمت شركة GPEC الصينية بتاريخ 26تموز2012 الى المشروع من خلال فوزها بالعطاء الدولي للهندسة والشراء والانشاء، كما فازت شركة العون BCM الأردنية الأسترالية بالعطاء الدولي المتعلق بعمليات التعدين المتعلقة بالحفر والتنقيب والتفجير والذي قسم الى ثلاثة عقود وذلك لضخامته وهي:

  • عقد انشاء المنجم.
  • عقد الصخر الزيتي.
  • عقد التعامل مع المخلفات.
    وبتاريخ 10أيلول2015 كانت أهم الخطوات باتجاه تعزيز المشروع، حيث تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية في بكين بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الصيني شي جين بينغ، قال عنها وزير الطاقة الأسبق الدكتور ابراهيم سيف في معرض حديثه عن الانجازات التي تحققت لقطاع الطاقة خلال لقاء له مع وكالة الانباء الأردنية (بترا) وقتها:
    (ان توقيع اتفاقية تمويل مشروع توليد الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي التابع لشركة العطارات للطاقة (اينيفيت الاستونية) يعد من الانجازات التي تحققت للقطاع ، حيث تم توقيع اتفاقية التمويل بقيمة 6ر1 مليار دولار.
    وذكر تقرير الشركة (رحلة العطارات) أنه بتاريخ 11كانون الثاني2016 تم توقيع العقود المالية بحضور رئيس الوزراء الأردني د. عبدالله النسور، حيث استمرت الشركة خلال تلك الفترة (منذ العام 2006 ولمدة تقارب 11 سنة)، في أعمال التطوير والتمويل كنتيجة تعاون بين الأردن وكل من الصين وماليزيا واستونيا، لتصل لمرحلة الانشاء، ولتعلن بتاريخ16آذار2017 الإغلاق المالي للمشروع حيث وقعت الإتفاقية في مكتب رئيس الوزراء هاني الملقي.
    وقد تضمن الإتفاق وقتها بحسب ما ورد في الاتفاقية الموقعة بين شركة العطارات والحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الطاقة وشركة الكهرباء الوطنية، ما ينص على إخلاء مسؤولية الحكومة الأردنية عن أي مخاطر تتعلق بالوقود أو امدادات المياه أو البنية التحتية.
    وحسب ما قاله السفير الصيني في عمان وقتها بان ويفانغ ، أن أعمال البناء والإنشاء لأكبر مشروع تعاون بين البلدين في المجال الاستثماري والتمويلي، “مشروع عطارات” لتوليد الكهرباء بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي قد بدأت وان الصين هي المستثمر والممول والمنشئ لهذا المشروع، ويبلغ مقدار التمويل الصيني فيه 1.6 مليار دولار أميركي، وسيوفر هذا المشروع 5500 فرصة للعمل في المجتمع الأردني.
    لكن الفرحة في بدء إنفاذ العمل بالمشروع لم تستمر، حيث قطعها لجوء الحكومة الأردنية ممثلة بشركة الكهرباء الوطنية باللجوء الى التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية في فرنسا بدعوى تعرضها للغبن الفاحش، والتي صادفت طلباً رسمياً من البنك الدولي وجهه للحكومة الأردنية عبر مذكرة رسمية، طالبها فيها “بإعادة النظر بالكلفة المرتفعة لفاتورة الطاقة والكهرباء الناتجة عن مشروع العطارات بسبب عدم جدوى المشروع وغياب إنتاجيته.
    وقد انقسم المراقبين للمشروع على إثر ذلك بين مؤيد ومعارض فمنهم من رأى فيه منجز وطني في طريق الاعتماد على الذات، ومنهم من رأى أن المشروع فيه من الغرر والضررأكثر مما فيه من الفائدة، ومن وجهة نظرالمعارضين أن كلفة الطاقة المولدة من مشروع العطارات ستكون مرتفعة وستسبب خسائر فادحة وعجز كبير على موازنة الدولة، مما سينعكس على أسعار الكهرباء التي سترتفع بنسبة قد تصل ٢٠٪.
    وأما المؤيدون للمشروع فذهبوا الى اعتبار مستقبل المشروع سيعود بالنفع على الأردن من باب مزيد من الاستثمارات في مجال استثمار الموارد الوطنية، وأن ما حدث من تشويش على المشروع ما هو إلا صراع أمريكي صيني على الاستحواذ على المشاريع وتمدد النفوذ في المنطقة.
    وأكد رئيس لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية في مجلس النواب الثامن عشر (حسين القيسي) حسب ما أورده موقع مجلس النواب الرسمي، أن لجنة الطاقة النيابية والتي اجتمعت بناء على طلب إدارة الشركة، ستوصي بإلغاء جميع العقود التي يثبت انها مجحفة بحقوق الخزينة او أنها مشوبة بالغبن والتغرير، وأنها ستطلب من الحكومة بضرورة محاسبة جميع من شارك في هذه الإتفاقيات، مع الإشارة الى أن اللجنة ستسعى مع اطراف هذه الاتفاقيات الى الوصول لأسعار وشروط عادلة قبل التوصية بإنهاء مثل هذه الاتفاقيات.
    وفي ردها خلال اجتماع لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية قالت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية السابقة هالة زواتي: هنالك اتفاقية مع العطارات، نلتزم بها، لكن في شق موازٍ نحن رفعنا قضية التحكيم، وفي حال الانتهاء من القضية سيدخل مشروع العطارات حيز العمل كونه جاهز للربط على الشبكة الكهربائية.
    وأكد مراقبون أن من الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة هي عدم عرضها للاتفاقية على مجلس الأمة، والمماطلة في كشف تفاصيلها مما ترك الباب مشرعاً للإشاعات وإثارة الشبهات، في ظل تداول معلومة مفادها أن المشروع سيحتم على خزينة الدولة دفع مبلغ ( ٢٠٠ مليون دينار ) سنوياً ثمناً للطاقة المنتجة وسيرتفع المبلغ حتى نصف مليار دينار أردني ولمدة تقارب ال 25 عاماً.
    فهل تعجلت الحكومة في توقيع الاتفاقية وهل درست جدوى المشروع بتروي ولماذا لم تعرض المشروع للمصادقة عليه من قبل مجلس الأمة ؟
    هذا ما أجابت عنه الحكومة من خلال ردها على سؤال للنائب صالح العرموطي ذكرت فيه أنها قامت من خلال شركة الكهرباء الوطنية بدراسة متأنية لاتفاقية شراء الطاقة الموقعة مع شركة العطارات قبل اللجوء لغرفة التجارة الدولية في باريس لطلب التحكيم على أرضية الغبن الفاحش من قبل خبراء مختصين في القانون الدولي والاتفاقيات لدولية.
    وأنها (أي الحكومة ) قامت بتعيين مكتب محاماة دولي (Vinson&Elkins)، وبالتعاون مع مكتب محاماة محلي (مكتب بكر وعودة)، لتمثيل الحكومة وشركة الكهرباء الوطنية في هذا النزاع المحال الى التحكيم الدولي.
    وعن تكلفة أتعاب هيئة التحكيم قالت أنه سيتم تحديدها من قبل غرفة التجارة الدولية في باريس، وكذلك أتعاب المحامين والخبراء القانونيين والفنيين والنفقات الأخرى، ومن المتوقع أن يكلف التحكيم ما يقارب (5-8 مليون دولار).
    وأن الاتفاقية حددت سعر شراء الطاقة الكهربائية من المشروع بحوالي ال 100 فلس/ك.و.س مع الأخذ بعين الاعتبار خضوع بعض أجزاء التعرفة للمتغيرات الاقتصادية الخاصة (عوامل التضخم)، بينما بلغ معدل سعر شراء شركة الكهرباء الوطنية للطاقة الكهربائية من مختلف المصادر لعام2019م (71.64) فلس/ك.و.س.
    أما شركة العطارات فترد عبر تقريرها (رحلة العطارات) بقولها أن قيمة المشروع 2.1 مليار دولار أمريكي، كانت معروفة للطرف الأردني منذ البداية، بعد أن كانت مقدرة سابقاً ب3 مليار دولار أمريكي.
    وتبرر التكلفة العالية للإنتاج لأسباب عديدة منها الطبيعة المعقدة للمشروع والحاجة لإنشاء منجم ضخم وبنية تحتية في الصحراء، وبأن الوقود الأردني متدني الجودة، وأن البنوك الصينية فقط من استعد لدعم المشروع، في ظل تخوفات البنوك الدولية والمحلية واعتبارها أن مشروع الصخر الزيتي الأردني محفوف بالمخاطر.
    كما تذكر الشركة أن الاتفاقية نصت على حق الحكومة الأردنية بشراء المشروع في أي وقت اعتقدت فيه أن تكاليف التشغيل والصيانة وتكلفة التعدين وتكلفة التمويل المتوقعة من قبل شركة أبكو غير معقولة أو ذات هامش مرتفع.
    وفي حديث لوكالة الأنباء الأردنية بترا قال عضو مجلس إدارة الشركة محمد المعايطة :
    (أنه في حال فسخت الحكومة الاتفاقية، فسيكون هناك غرامة مقدارها 3 مليارات دولار أميركي”.
    أما المستشار القانوني للشركة خالد بطارسة فقد أكد للجنة الطاقة النيابية في المجلس الثامن عشر، على عدم تأثر سعر منتج الشركة من الكهرباء بأسعار البترول سواء بالارتفاع أو الانخفاض.
    وفي حديث خاص ل “صدى الشعب” أكد النائب موسى هنطش أن الحكومة تسرعت في رفع قضية التحكيم ضد شركة العطارات وأنه تم العرض على الحكومة من قبل النواب لمفاوضة الشركة والتوصل لاتفاق مناسب، وأن ميزات المشروع وإيجابياته كثيرة.
    تتضارب الآراء وتتعدد زوايا النظر، ليبقى ملف العطارات مثله مثل العديد من ملفات الطاقة التي يكتنفها الغموض في تفاصيلها، والتي تفردت الحكومة بإقراره، ولم تعرضه على مجلس الأمة لمناقشته وإقراره.
    وبين رواية الحكومة ورواية الشركة، يتفق الجميع أن مشروع العطارات هو المشروع الاستراتيجي الأضخم والوحيد في مجال استثمار الموارد الوطنية لغايات توليد الطاقة وبناء البنية التحتية ، وأن استمراره من عدمه يترتب عليه انعكاسات ليست بالسهلة على قطاع الطاقة والاستثمار لعقود قادمة.
    ليبقى باب النقاش مفتوحاً على الجوانب الفنية، أما القضائية فنتوقف لحين صدور قرار التحكيم الفصل في تحديد وجود غبن فاحش في الاتفاقية من عدمه.

(صدى الشعب)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts