الكشف عن خطة صهيونية لاستبدال “حماس” بتجّار غزيين في شمال القطاع

الكشف عن خطة صهيونية لاستبدال “حماس” بتجّار غزيين في شمال القطاع

 تُواصل الإدارة الأمريكية تصعيد النبرة في انتقاداتها للاحتلال الإسرائيلي، دون القيام بخطوات عملية لردعه عن مواصلة انتهاك تقلقها، زاعمة أنها تدفع نحو صفقة تبادل ووقفٍ طويل للنار.

خلال مؤتمر صحفي، الليلة الفائتة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه مارسَ ضغطاً شديداً على رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو لإدخال مساعدات لغزة، حيث يتعرّض الناس هناك لتجويع وموت بطيء، ويجب وقف ذلك.

رداً على تقرير لمحقق أمريكي خاص حول مدى صحة ذاكرته، قال بايدن، خالطاً بين المكسيك ومصر، إن “رئيس المكسيك- السيسي لا يريد فتح الحدود، وإدخال مساعدات إنسانية، فتحدثت معه، وأقنعته. كما تحدثتُ مع نتنياهو ليفتح الحدود من الجانب الإسرائيلي”.

 كما قال بايدن إنه كان، قبل السابع من أكتوبر، على اتصال مع السعودية، وكانت على وشك الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها، وجعلها جزءاً من المنطقة “مقابل بعض الأمور التزمنا بفعلها”.

عندما سئل عن هذه “الأمور” اكتفى بايدن بالقول إنها ترتبط بنقطتين: الأولى تتصل بالدفاع مقابل عدوتهم من جهة الشمال– الشرق، والثانية تزويدهم بالسلاح والموارد للدفاع الذاتي، لكن ذلك تزامنَ مع انفجار الحرب.

وتابع: “من غير المستبعد الاشتباه بأن “حماس” أدركت أن هذا سيتحقق فرغبت بكسره قبل أن يحدث”.

في هذا المضمار، كشفت مصادر إسرائيلية، اليوم الجمعة، أن وزير الأمن في حكومة الاحتلال يوآف غالانت قد طرح نموذجاً لتحييد “حماس” إدخال مساعدات إنسانية مباشرة للغزيين في شمال القطاع. وحسب “يديعوت أحرونوت”، التي كشفت عن الخطة المزعومة، فقد طرحها غالانت في مجلس الحرب، حيث سيبدأ في تطبيقها في حي الزيتون من خلال معبر بيت حانون ومعبر كارني بدلاً من معبر رفح، حيث سيتم تسليمها لتجار من شمال غزة على أن تتم حراسة عملية توزيعها من قبل جيش الاحتلال نفسه لمنع سيطرة حماس عليها.

 وحسب هذا النموذج، من غير المستبعد أن تتم حراسة المساعدات الإنسانية من قبل مسلحين غزيين بموافقة الجيش، وربما يكونون من موظفي أجهزة السلطة الفلسطينية سابقاً. ويبدو أن حكومة الاحتلال تراهن في هذه الخطة التي تشرف على صياغتها، ودفعها المخابرات العامة (الشاباك)، على لجان تجار محلية تتولى توزيع المساعدات الإنسانية لتكون نواة لسلطة بديلة لـ “حماس” في شمال القطاع.

وتنوّه صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن أعضاء مجلس الحرب، بمن فيهم نتنياهو، لم يبدوا معارضة للنموذج الجديد الذي طرحه غالانت، ومن المرجح أن يخرج لحيز التنفيذ خلال أسابيع، ما يعني أن سلطات الاحتلال تفترض أن تستمر الحرب فترة طويلة.

 استخباراتيون أمريكيون: إسرائيل ليست قريبة من تدمير “حماس”

 في سياق متصل نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن ضباط استخبارات في الجيش الأمريكي تقديراتهم بأن إسرائيل ليست قريبة من تدمير “حماس”، وأن هذه فقدت ثلث مقاتليها فقط، بخلاف التقارير الإسرائيلية الرسمية التي تتحدث عن “تحييد” نحو ثلثين من هذه القوات بين قتيل وجريح وأسير.

ونوّهت الصحيفة إلى أن الضباط المذكورين كانوا قد تطرّقوا لذلك خلال أحاديث لهم مع نواب في الكونغرس الأمريكي، خلال الأيام الأخيرة. يتقاطع هذا التقرير الصحفي الأمريكي مع ما يؤكده عددٌ من المراقبين الإسرائيليين، منذ أسابيع طويلة، منهم محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، الذي يوضح، اليوم الجمعة، أن المكاسب التكتيكية التي يحققها الجيش في جنوب القطاع لا تضمن انتصاراً إستراتيجياً لإسرائيل، منوهاً أنه بخلاف الانطباع العام لدى الجمهور الإسرائيلي، يبدو أن رد “حماس” يبقى مجالاً للمناورة من أجل صفقة. ويضيف هارئيل: “حتى بعد خطاب نتنياهو، المفاوضات من أجل صفقة لم تنته، بل انتقلت لمرحلة أخرى.

 مناورة سياسية

 كما يُواصل عددٌ من المراقبين الإسرائيليين توجيه الاتهام لنتنياهو بأنه غير معني بصفقة تبادل، ولا باستعادة المحتجزين أصلاً، وأن ما يهمه إطالة الحرب من أجل الحفاظ على ائتلافه.

هذا ما تؤكده المعلقة السياسية البارزة في صحيفة “يديعوت أحرونوت” سيما كادمون، اليوم، معتبرةً أن شعار نتنياهو الفارغ “النصر المطلق” لا يشمل بالضرورة استعادة المخطوفين”.

وهذا ما تعتقد به أوساط رسمية أمريكية أيضاً. كما يؤكد القنصل الإسرائيلي الأسبق في نيويورك، المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأمريكية ألون بينكاس، منوهاً أن زيارة بلينكن السادسة كشفت عن عمق الخلاف بين البيت الأبيض ونتنياهو، وعن قلة الثقة والصبر لدى الإدارة الأمريكية.

في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” اليوم، يوضح بينكاس أن الفجوات بين نتنياهو وواشنطن ليست خلافاً سياسياً، بل هي تصادم إسرائيل مع المصالح الأمريكية. ويضيف: “عندما يتصرف أعضاء في الائتلاف الحاكم بفظاظة، ويتطاولون بتصريحاتهم على بايدن، فإنهم يؤججون قلة الثقة بنتنياهو من قبل الأمريكيين الذين يفهمون أن نتنياهو يستصعب  قبول شروط “حماس”، لكنهم يعتقدون أنه يريد إطالة الحرب لدواع غريبة “.

قالت الخارجية الأمريكية إن واشنطن لم ترَ دليلاً جدياً على خطة لعملية إسرائيلية في رفح، وأكد البيت الأبيض أن توغلاً دون تخطيط وتفكير مليّ في منطقة مزدحمة باللاجئين يعني كارثة

وكانت عائلات المحتجزين قد سلّمت بلينكن، قبيل مغادرته تل أبيب، تقريراً باللغتين العبرية والإنكليزية أعدّه مركز “فيك ريبورتر” يمسح معالم حملة شيطنة يطلقها نتنياهو للمساس بهم كجزء من محاولاته تهيئة الشارع الإسرائيلي للتنازل عنهم، واعتبارهم “كبش فداء”، خدمة لمصالح عليا لإسرائيل، وعقب بلينكن على ذلك بالقول: إن هذا مؤسف”، وفق ما كشفت عنه الإذاعة العبرية العامة، أمس.

مسألة رفح

وفي إطار الانتقادات الأمريكية المخفّفة الواردة بالتلميح، وأحياناً بالتصريح، لإسرائيل المدعومة من قبل الولايات المتحدة منذ بدء الحرب على غزة بكل مستلزمات الحرب، كرّرت الخارجية الأمريكية، الليلة الفائتة، ما قاله وزيرها بلينكن، قبيل مغادرته تل أبيب أول أمس، بأن واشنطن تبدي قلقاً عميقاً حيال فكرة التوغل الإسرائيلي في رفح ومحور صلاح الدين.

وقالت الخارجية الأمريكية إن واشنطن لم ترَ دليلاً جدياً على خطة لعملية إسرائيلية في رفح، وتبعها في ذلك البيت الأبيض، الذي قال، في بيان، إن توغلاً إسرائيلياً دون تخطيط وتفكير مليّ في منطقة مزدحمة باللاجئين يعني كارثة.

في تحذيره الدبلوماسي، قال نائب الناطق بلسان البيت الأبيض فادنت فتال إن “واشنطن لن تدعم عملية كهذه دون مخطط جدي، ودون الأخذ بالحسبان تبعات مثل هذه العملية على المساعدات الإنسانية، والخروج الآمن لمواطنين أجانب من القطاع” منوهاً بأن بلينكن أخبر إسرائيل بقلق بلاده حيال عملية برية في رفح.

في التزامن، حذّرَ السكرتير العام للأمم المتحدة غوتيريش هو الآخر من هجوم الجيش الإسرائيلي على رفح، مشدداً على أن ذلك “سيعمق الكابوس الإنساني في غزة”.

يشار إلى أن بعثة مصرية وصلت تل أبيب، أمس، من أجل التباحث في الصفقة المقترحة، ولكنها ستبحث ما لا يقل أهمية، وهو موضوع النوايا والتهديدات الإسرائيلية المعلنة باحتلال رفح ومحور صلاح الدين الحدودي.

 ويتفق مراقبون محلّيون أيضاً مع التقدير بأن بطاقة حمراء مصرية تنمّ عن موقف صارم من القاهرة بهذا الصدد ستشوّش مخططات نتنياهو بمواصلة الحرب على غزة، لأن رفح ستتحوّل لملجأ آمن للمقاومة وللمحتجزين.

(القدس العربي)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: