المحادين: هذه العوامل ضبطت سلوك المجتمع الأردني مع كورونا

المحادين: هذه العوامل ضبطت سلوك المجتمع الأردني مع كورونا

التزام المجتمع بالتباعد الجسدي

عمان – خاص

على عكس كثير من سلوكيات المجتمعات الأوروبية والغربية في الدول المتقدمة والتي كانت قليلة الالتزام بإجراءات حكوماتها في التعامل مع وباء كورونا، شكّل تعامل الأردن بالجانب الحكومي والشعبي أنموذجا جديدا في الوعي الاجتماعي والثقافي المتعامل مع الجائحة.

البوصلة” حاورت عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة، الدكتور حسين المحادين، حول العوامل التي ساهمت بتشكيل السلوك الاجتماعي المنضبط في التعامل مع الوباء.

ضبابية الحدث

وقال المحادين إنه من حيث المبدأ فإن التحديات المجهولة التي تتصف بالغموض المعرفي لدى المتلقين تقودهم إلى التضامن الغريزي في وجهها تماما كما يتضامن الطلبة قبل الامتحانات، مشيرا إلى أن الأردنيين كانوا جزءا من النسيج الإنساني الذي واجه الوباء.

وأضاف المحادين أن ضبابية المعلومات حول الفيروس وسرعة انتشاره عالميا كلها ساهمت في تشكيل الوعي الإنساني العالمي والأردني في مواجهة الوباء.

حسين المحادين
الدكتور حسين المحادين: عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة

عوامل أردنية

ورغم أن التحدي كان عالميا، إلا أن الالتزام بإجراءات الحجر المنزلي كانت متفاوتة بين المجتمعات، وهو ما قال الدكتور المحادين إنه يأتي في الأردن بسبب عدة عوامل، أبرزها عامل الضغط الخارجي وعامل الوعي الداخلي.

وبيّن أن عامل الضغط الخارجي تمثل بإجراءات الحكومة متمثلة بتفعيل قانون الدفاع وضبط إيقاع سلوك المجتمع.

وقال المحادين إن عامل الوعي تشكل من خلال استثمار الأردن في ارتفاع نسبة التعليم والثقافة لدى أبنائه وانفتاحهم على وسائل التفاعل اللحظي وتأثرهم بما يعرف “ثقافة الصورة” التي كانت تأتيهم عبر وسائل الإعلام العالمية عبر صور وأرقام عدد الوفيات في الدول الأخرى.

وأوضح أن هذه العوامل جسدت الجذر الأساسي في بناء السلوك المنضبط في الدفاع عن النوع الإنساني (البعد الغريزي في الدفاع عن النفس).

ولفت إلى أن الأردني وقع في حيرة بين الغموض المعرفي حول الوباء وبين ما يشاهده في وسائل الاعلام عن أعداد الموتى واحتمالية وصول هذا الوباء له.

مركزية الأردن في التفكير

وذكر المحادين أن الوباء ساهم في تغيير نمط الثقافة السائد قبل أزمة الوباء والتي كانت تتمثل في مقارنة الأردن بشكل دائم إما في دول الجوار أو الدول المتقدمة وكأن الأردن ليس مركزيا في تفكير الأردني.

وأضاف أن النجاح الأردني حتى اليوم في التعامل مع الوباء، زرع نمطا جديدا في الاعتقاد بأن الدولة الأردنية تعمل على مستوى الطموح وليس على مستوى الواقع.

السلوكيات المستحيلة

وطرح الدكتور المحادين قضية تأقلم الأردنيين مع سلوكيات كان من المستحيل أن يتقبلها الأردني من أي سلطة كانت قبل أزمة كورونا ومن ضمن هذه السلوكيات ما يتعلق بإغلاق دور العبادة.

وقال إن الأردنيين آثروا الحفاظ على حياتهم واستبدال الحيز العبادي من دور العبادة ونقلها إلى المنزل لتصبح العلاقة الدينية أكثر فردية وهو ما عزز علاقة الإنسان بربه.

وأشار إلى أن المجتمع الأردني تقبل التغير في ما يتعلق بدورة الحياة مثل الأفراح والأتراح فدور العزاء اقتصرت على قلة قليلة، كما انتشر مفهوم التباعد الجسدي بدل التلاصق الدائم والعناق.

ولفت إلى أن مصطلح التباعد الاجتماعي ليس صحيحا والصحيح هو التباعد الجسدي، فالعلاقة الاجتماعية مستمرة بشكل دائم وهي تتعلق بإيماءة أو رد السلام عن بعد أو حتى التراسل الالكتروني.

وقال المحادين إننا كمجتمع أمام منظومة قيمية متجددة ومتحولة تتمثل في التباعد الجسدي والارتقاء بقيم التكافل الاجتماعي.

شكل جديد

وبين عميد كلية العلوم الاجتماعية حسين المحادين، أن الأزمة ستؤدي إلى تغير في شكل الدولة للتكيف مع الوضع الجديد ومواجهة الوباء.

وقال إن هيبة الدولة ظهرت بشكل جلي خلال الأزمة رغم أنها كانت أقل حضورا قبل الوباء، بسبب سياسات الخصخصة وغيرها.

عيد الفطر

مع اقتراب عيد الفطر صدرت عدة تصريحات حكومية متخوفة من سلوك المواطنين خلال العيد وتخليهم عن الحذر بعد مرور أسبوع تقريبا دون تسجيل أي إصابة، وهنا حذر المحادين من التخلي عن الحذر والتباعد الجسدي مبينا أن أصحاب الاختصاص الطبي متخوفون من موجات أخرى.

وأكد المحادين على أهمية فكرة أيام الحظر الكلي وضرورة استمرارها، فالدولة هي من يضبط إيقاع السلوك والحيلولة دون اندفاعهم أو غرورهم بعدم تسجيل إصابات جديدة.

وأشار إلى أن الأردن بلد منفتح على العالم والكثير من الأردنيين موجودون في دول أخرى، وهو ما يعني أننا لسنا بمعزل عن أي موجة وباء أخرى.

ودعا الحكومة لإعادة السعي المتدرج للتغلب على الصدمة النفسية الناجمة عن الحظر ومنع الأفراد من التنقل وبقائهم في المنازل بعد اعتيادهم على حرية التحرك والتصرف وفق إرادتهم.

وقال إن معالجة هذه الجائحة ليس عنوانا طبيا صرفا وإنما له رأس ثاني يتعلق بالمفهوم الاجتماعي والثقافي لدى الناس. (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: