في البداية لا بد أن نقر أن المشاريع الكبرى تثير دائما موجة من الجدل المجتمعي، الذي يصل أحيانا إلى التشكيك بجدواه دون حتى سماع التفاصيل.
ومع ذلك، وبعيدا عن التشكيك من قبل معارضين لأجل المعارضة، أو طبقة المسؤولين السابقين الذين لا يرون سوى أنفسهم القادرين على مثل هكذا مشاريع، أو فاقدي الثقة بالحكومات، وهم كثر، وبعيدا حتى عن الموالين الذين إن قيل لهم إن الشمس تشرق من الغرب قالوا سمعنا وأطعنا، فإن هناك أسئلة مشروعة يطرحها متخوفون.
لعل أهم هذه الأسئلة هو تمويل المشروع؛ من الذي سيمول المشروع؟ لا أحد يعتقد أن الحكومة قادرة على تمويل مثل هكذا مشروع، فهل ستذهب للاقتراض؟ وممن؟ هل ستميل على صندوق الضمان الاجتماعي كما مالت عليه في مشروع الباص السريع بين عمان والزرقاء؟ الأسئلة هنا متشعبة، والتخوف هو من مصير العاصمة الإدارية في مصر، خصوصا أن تصريحات صدرت من رئيس الوزراء تشيد بالتجربة المصرية، لكن تلك التجربة جرّت وبالا على الاقتصاد المصري، وها هو الجنيه يهبط هبوطا حرا، والشعب المصري يعاني من التضخم وارتفاع الأسعار، وذلك بالرغم من التصريحات الرسمية للحكومة المصرية من أن تمويل المشروع ليس من خزينة الدولة!
سؤال آخر حول القدرة على تنفيذ مشروع ضخم، ويستحضر كثيرون هنا مشروع الباص السريع، وهذا السؤال ناتج عن الثقة المهزوزة في المؤسسات الرسمية، وينتج عنه سؤال آخر عن المصلحة من المشروع، وهل يستحق المبالغ الضخمة التي ستصرف عليه؟ وهل هناك مصلحة حقيقية لا يمكن تحقيقها إلا بتنفيذ المشروع.
(السبيل)
