“الموت جوعًا”.. كابوس يُطارد أهالي شمالي غزة ولا مغيث

“الموت جوعًا”.. كابوس يُطارد أهالي شمالي غزة ولا مغيث

مع صباح كل يوم، يخرج المواطن أحمد مصطفى من بيته في مدينة غزة عله يجد ما يسد جوع أطفاله الخمسة الذين يتضورون ألمًا، بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لشمالي القطاع. 

وتبدو علامات التعب والإرهاق ظاهرة على جسد مصطفى الذي التقته وكالة “صفا” في أحد الأسواق بمدينة غزة، وهو يبحث عن الدقيق والأرز ليطعم أطفاله. 

يقول مصطفى: “نعاني مجاعة حقيقية، وأوضاعًا مأساوية تتفاقم كل يوم، لا يوجد طعام ولا دواء ولا مياه صالحة للشرب، كل شيء بغزة منعدم، وإن توفرت المواد الغذائية تكون أسعارها مرتفعة جدًا، لا نقدر على شرائها”.

ويضيف “أطفالنا يبكون من شدة الجوع والعطش ولا نستطيع توفير أبسط احتياجاتهم وحتى إطعامهم لأجل البقاء على قيد الحياة، وما يزيد ألمنا ووجعنا أننا لا نجد ما نتسحره ونفطره في شهر رمضان المبارك”.

مأساة متفاقمة

​​​​ويعاني أهالي مدينة غزة وشمالي القطاع تحديدًا أوضاعًا معيشية وإنسانية قاهرة تُهدد حياتهم وتُفاقم أوجاعهم وآلامهم، نتيجة عدم توفر أبسط مقومات الحياة من الغذاء والمياه والدواء، فضلًا عن استمرار العدوان الإسرائيلي للشهر السادس على التوالي. 

ويتساءل مصطفى، في حديثه لوكالة “صفا”، “أين مؤسسات حقوق  الإنسان، أين العالم مما يجري في غزة من قتل ودمار ومجاعة، لماذا هذا الصمت على هذه الإبادة الجماعية والجرائم الإسرائيلية”. 

ولجا المواطنون للبحث عن أي شيء يسد جوع أطفالهم الذين يعانون الجفاف وسوء التغذية، عبر طحن الذرة وأعلاف الحيوانات كخبز لإطعامهم بديلًا عن الطحين الذي أصبح الحصول عليه مغمسًا بالدم. 

وبات الحصول على وجبة غذائية واحدة يوميًا يواجه خطرًا حقيقيًا وتحديًا غير مسبوق للغزيين، رغم كل سنوات الحصار الإسرائيلي التي لم تصل فيها الأوضاع إلى هذا الحد من الضغط الشديد عليهم.

خطر الموت

المواطنة أم أحمد الغول من مخيم الشاطئ غربي غزة، وهي أم لتسعة أبناء، تقول لوكالة “صفا”: “أجمع نبتة الخبيزة من أي مكان لإطعام أبنائي، فقد جربنا أكل الذرة والشعير بديلًا عن الطحين، الذي نسينا طعمه”. 

وتضيف والألم يعتصر قلبها “أطفالنا يموتون جوعًا، وأعجز عن توفير الطعام لهم وشراء الطحين، بسبب ارتفاع سعره إن وجد، وصعوبة الحصول عليه، فأنا أكابد وحدي في سبيل إطعام أبنائي، بعدما نزح زوجي إلى الجنوب”. 

وتتابع “لن أغامر بحياة ابني وأعرضه لخطر الموت من أجل الطحين والمساعدات التي ينتظرها الناس على دواري الكويت والنابلسي بغزة”.  

واستشهد العشرات من المواطنين وأصيب آخرون برصاص جيش الاحتلال ومدفعيته، أثناء انتظارهم وصول المساعدات الإنسانية عند دوراي النابلسي والكويت. 

وما يفاقم معاناة المواطنة الغول طفلها المريض بالقلب، الذي يحتاج إلى رعاية صحية خاصة، وتوفير الحليب والغذاء السليم والفيتامينات.

وتقول بهذا الصدد: “طرقت كل الأبواب والمؤسسات المعنية للحصول على الحليب لطفلي، لكن دون جدوى”. 

وتوجه الغول نداء استغاثة عاجل لكل المؤسسات الحقوقية والدولية وأحرار العالم بالتدخل الفوري والجدي للوقوف إلى جانب أهالي غزة، وإيجاد حل لمعاناتهم ووقف الحرب الهمجية بحقهم.

عواقب خطيرة

ويتهدد خطر الموت نتيجة الجوع والعطش حياة مئات آلاف المواطنين في محافظتي غزة وشمالها، ولاسيما الأطفال وكبار السن والمرضى، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الوفيات بشكل مخيف، واستمرار ارتكاب “إسرائيل” جريمة الإبادة الجماعية. 

وأعلنت وزارة الصحة بغزة عن استشهاد 25 مواطنًا بينهم 23 طفلًا في مشافي القطاع، بسبب الجفاف وسوء التغذية، مشيرة إلى أن المجاعة شمالي غزة وصلت مستويات قاتلة، وخاصة للأطفال والحوامل والمرضى المزمنين. 

وبحسب تقرير مشترك لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف، فإن الأطفال تحت سن 5 سنوات والحوامل والمرضعات يعانون من قصور كبير في الأغذية والمواد الأساسية لنجاتهم.

ويحذر التقرير من أن انعدام الأمن الغذائي يُعرض حياة كبار السن والمرضى للموت جوعًا وعطشًا، أو يهدد بمعاناة صحية ستؤدي إلى عواقب خطيرة تستمر لأجيال مقبلة.

ووفقًا للتقرير، وجدت فحوصات التغذية التي أجراها الخبراء في مراكز الإيواء والمراكز الصحية في شمالي القطاع أن واحدًا بين ستة أطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: