المومني لـ “البوصلة”: تصريحات بنيت ضد وصاية الأردن تكشف مأزق حكومة الاحتلال

المومني لـ “البوصلة”: تصريحات بنيت ضد وصاية الأردن تكشف مأزق حكومة الاحتلال

عمان – رائد صبيح

أكد أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ”البوصلة” أن تصريحات بنيت حول سيادة دولة الاحتلال على المسجد الأقصى والقدس تأتي في سياق الجوّ المحموم الذي تعيشه دولة الاحتلال وحفاظًا على الائتلاف الحكومي وإرضاءً للجانب اليميني الديني المتطرف الذي يسيطر على المشهد، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ هذه التصريحات المعادية للدور والوصاية الأردنية على المسجد الأقصى والمقدسات تعبر عن “مأزق حقيقي تعيشه دولة الاحتلال”.

وقال المومني: إن الوصاية الهاشمية الأردنية هي وصاية تأتي في سياق قانوني شرعي ديني تاريخي، حتى دولة الاحتلال تعترف بها  في معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، وهناك مادة خاصة بالدور الخاص الأردني في حماية المقدسات الإسلامية.

ولفت إلى أنه: “تاريخيًا الجميع يذكر الاتفاق الذي جرى ما بين الزعامات الفلسطينية والشريف الحسين بن علي، وكذلك الاتفاق الذي حصل في العام 2013 ما بين الرئيس محمود عباس والملك عبدالله الثاني لتأكيد الوصاية الهاشمية الأردنية في حماية الأماكن المقدسة في القدس”.

د. حسن المومني: القضية الفلسطينية أصبحت رهينة لاختلال موازين القوى الدولية والسياسة الداخلية لدولة الاحتلال

الوصاية وحماية المقدسات

وتابع بالقول: “الأمر الآخر، أنّ الوصاية الهاشمية الأردنية لطالما هدفت إلى حماية المقدسات، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن علينا أن “نفرق بين الوصاية والسيادة وأطرهما القانونية”.

ولفت إلى أنّ “القدس الشرقية حسب الشرعية الدولية هي أرض محتلة مختلف عليها”، منوهًا إلى أنه “في سياق المفاوضات ومسألة مدريد اعتبرت قضية القدس من قضايا الحل النهائي الخلافية، بغض النظر عن الإجراءات الإسرائيلية التي اتخذت بما فيها قرار الضم”.

وأكد أن “المجتمع الدولي لم يعترف بالضم الإسرائيلي، لكنّ دولة الاحتلال حاولت تكريس الأمر الواقع ولطالما هي تدّعي أن القدس بكامل شقيها الشرقي والغربي هي عاصمة إسرائيل ومسألة السيادة عليها ورأينا كيف تحرك ترامب بصفقته في سياق هذا الأمر، لفرض سيادة كاملة لدولة الاحتلال، على الرغم من أنّ القانون الدولي يؤكد سيادة الدولة الفلسطينية القادمة على القدس والوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات فيها”.

وقال المومني إن بنيت لم يأت بجديد في موضوع السيادة على القدس، لافتًا إلى أن معظم الحكومات الإسرائيلية بما فيها الحكومات اليسارية التي كانت أقرب إلى العملية السلمية شكل لهم موضوع السيادة على القدس أزمة حقيقية، وكلنا يذكر فشل المفاوضات سنة 2000 ووقتها كانت حكومة عمالية يسارية وطرح موضوع القدس والسيادة عليها، حتى لدرجة أنهم قسموها سيادة فوق الأرض وسيادة تحت الأرض.

وشدد على أن تصريحات بنيت تأتي في سياق الجوّ المحموم حفاظًا على الائتلاف الحكومي وإرضاءً للجانب اليميني الديني الذي أصبح له تأثير كبير.

وقال المومني في سياق تصاعد توتر العلاقة بين الأردن ودولة الاحتلال: إنه من الواضح أن هناك نوعًا من العلاقة غير السهلة بدأت تتشكل بين الاردن وحكومة دولة الاحتلال نتيجة للاستفزازات الحاصلة في القدس، وما ووجهت به من تصريحات “صقورية” من الجانب الأردني.

وشدد على أنّ مسألة الوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات أمرٌ لا شك فيه حتى الامريكان يتحدثون عن رفضهم لتغيير الوضع القانوني والوضع الراهن باتجاه القدس، على اعتبار أن مستقبل القدس يجب أن تقرره المفاوضات.

حكومة بنيت في مأزق

وأضاف المومني أن المتتبع للقضية الفلسطينية يستنتج أمرين رئيسيين، لطالما كانت القضية الفلسطينية ومسألة الحقوق الفلسطينية رهينة تداعيات السياسية الداخلية لإسرائيل.

وتابع بالقول: إنّ القضية الفلسطينية أصبحت رهينة لاختلال موازين القوى التي دائمًا تكون لصالح إسرائيل إضافة لعوامل أخرى.

وأشار المومني إلى أنه إذا أردنا تحريكًا في العملية السلمية وحل القضية الفلسطينية لا بد من إحداث تغير في دينماكيات السياسة الداخلية الإسرائيلية لصالح السلام، وإحداث جانب من التوازن الإستراتيجي، إضافة لأمور أخرى تتعلق بالوحدة الفلسطينية والبيئة الإقليمية والدولية الحاضنة.

ولفت إلى أنه “دائما كانت مسألة السلام وحقوق الشعب الفلسطيني خاضعة لتجاذبات السياسة الداخلية، لدرجة أنه في التحليلات يقولون إنّ إسرائيل ليس لديها سياسية خارجية، لديها سياسة محلية، هي التي تقرر كل شيء، مشددًا على أن “اليمين هو المسيطر، وفي السنوات الأخيرة وبالذات في عهد حكومات نتنياهو أعطى مساحة كبيرة للجانب الديني الأيدولوجي العقائدي الذي بدأ يتضح أكثر في الصراع”.

الدبلوماسية الأردنية هي الأقدر

ولفت المومني إلى أنّ الأمور في داخل دولة الاحتلال تسير نحو مزيدٍ من التعقيدات والانغلاق الأمر الذي من شأنه أن يفتح الفرصة أمام دولة لقيادات أكثر تطرفًا مثل نتنياهو الذي يسنّ أسنانه بانتظار سقوط حكومة بنيت وفشلها.

وأشار إلى أنه حتى الأطراف العربية التي تشارك في العملية السلمية والتطبيع مع دولة الاحتلال تترقب الخيار القادم بعد بنيت، الأمر الذي سيجعل الأوضاع أكثر تعقيدًا.

أما بالنسبة للأطراف الفلسطينية وخاصة حماس وفصائل المقاومة، فأكد المومني أنها تسعى للإبقاء على حالة الزخم في موضوع القدس وخاصة الحفاظ على الدور الأردني والوصاية الهاشمية كورقة ضغط قانونية على العالم والاحتلال.  

وتابع المومني بالقول: فضلاً عن الدور القانوني الأردني، فإن الأردن كذلك الأقدر على التحرك، فهناك مشكلة في السياسة الداخلية الفلسطينية متمثلة بعدم والوحدة متمثلة وسياقات العلاقة مع أمريكا والقوى المؤثرة.

وقال: يمكن أن نتحدث هنا عن دبلوماسية ودور أردني، قد يكون من الفعالية أكثر من الدور الفلسطيني في الوقت الحالي، وهنا نتحدث دبلوماسياً وسياسيًا، وأرى في ذلك خطوة ذكية من الجانب الفلسطيني وفصائله بأنّ الجانب الأردني أيضًا يحمل أوراقًا قانونية ملزمة أيضًا للاحتلال”.

تأكيد فلسطيني على الوصاية الهاشمية

وقال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس عزت الرشق لـ”حسنى” اليوم إننا في فلسطين نتابع ما تتعرض له المملكة الأردنية الهاشمية من ضغوطات وتهديدات بشأن موقفها التاريخي من فلسطين والقدس، ونؤكد على الدور الأردني الهام والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.

وأضاف الرشق أن تصرفات الأدارة الصهيونية وتصريحاتها الأخيرة ما هي إلا محاولة لطمأنة المجتمع الصهيوني بعد الذعر الذي أصابه جراء فشل منظومتهم الأمنية، والتي ظهرت بوضوح خلال العمليات الأخيرة في الداخل الفلسطيني.

تصريحات بينيت تدل على عقلية همجية

بدورها رفضت لجنة الشؤون الخارجية النيابية، تصريحات رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، بشأن القدس والمسجد الأقصى المُبارك، مؤكدة أنها تدل على عقلية همجية سمتها الأساس الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية وفرض أمر واقع.

وأكدت، في بيان صحفي أصدرته اليوم، أن مثل هذه التصريحات، من شأنها إثارة مئات الملايين من المُسلمين في مُختلف بقاع الأرض، معتبرة ذلك انقلاب على الواقع التاريخي والديني في “الأقصى” والقدس الشريف.

وكان بينيت قال، في اجتماع لحكومة الاحتلال، “إن القرارات بشأن المسجد الأقصى والقدس ستتخذها الحكومة الإسرائيلية”، مضيفًا “أن إسرائيل ترفض أي تدخلات خارجية بشأن القدس”.

وأكدت “خارجية النواب” أن موقف الأردن تجاه تغيير الوضع القائم في القدس والمُقدسات “كان وما يزال وسيبقى واضحًا، لا لُبس فيه، ولا يكتنفه أي ضعف”.

وأوضحت، على لسان رئيسها النائب خلدون حينا، أن القدس هي أساس السلام، والعبث فيها ومحاولة المساس بمقدساتها خطر يهدد الأمن والسلم الدوليين.

وشددت اللجنة على “أن السيادة على القدس الشريف فلسطينية، وإن الوصاية على مُقدساتها هاشمية، يتولاها جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يكرس كل إمكانات المملكة لحمايتها”.

وأضافت “لكن مسؤولية الدفاع عن القدس وهويتها ووضعها القانوني أردنية فلسطينية عربية إسلامية دولية”.

وحذرت “الخارجية النيابية”، دولة الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في التوغل في التصرفات غير المسؤولية، والتي تُوصف بأنها “عنجهية، تضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: