أكد أنّها إذا لم ترقَ إلى جانب من القيم التي تدّعي أنها تمثلها فلن يتغير الموقف
عمّان – رائد صبيح
أكد أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ الحرب على غزة لن تتوقف في ظل تبدل الأولويات العربية في استمرار مركزية القضية الفلسطينية كقضية تستحق التضحية من أجلها، مشددًا في الوقت ذاته على أنّه بدون أن ترفع الكلفة على الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي رفع التكلفة على “إسرائيل”، فإنّ العودة لخيارت الهدنة ووقف إطلاق النار أمرٌ بعيد المنال.
وتابع المومني بالقول: في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، لطالما كان الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل “إشكاليًا”، لكنّه وبغض النظر عن بعض الكلام الجزئي المنمّق إلا أنّه لم يكن قط موقفه إشكاليًا مثل ما هو الآن في هذه المواجهة.
ولفت إلى أنّ هذا الموقف “إشكالي” لأنه جعل من أمريكا جزءًا من المشكلة وليست جزءًا من الحل، وعلى العكس من ذلك في سياقه العام والإستراتيجي فهي متوافقة مع دولة الاحتلال، وهي من تطلق يدها في الحرب على غزة.
وشدد على أنّ إصرار أمريكا على أنّه لـ”إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها” والإصرار على أنّ أمريكا توافق على اجتثاث حماس، وفي بداية الأمر كان إصرارًا دون النظر إلى الكلفة البشرية.
واستدرك المومني بالقول: ولكن عندما حصلت كل هذه التطورات وفي سياق الضغوط الدبلوماسية التي مورست، والماراثونية الدبلوماسية التي تبنتها بعض الأطراف العربية وخاصة الأردن، بالإضافة إلى ذلك الصمود البطولي للمقاومة الفلسطينية، وهذا الثمن الهائل من الآلاف المؤلفة من الشهداء، فهذا صنع شيئًا من التغيير الجزئي، لكنّه مع الأسف لم يغادر المربع الإستراتيجي الأمريكي الداعم لـ”إسرائيل”.
وقال: الأمريكيون يوافقون على الهجوم الإسرائيلي والحرب البرية مع مطالبتهم بتقليل أعداد الضحايا من المدنيين، دون الأخذ بعين الاعتبار هذا التناقض وهذه الإشكالية غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع في ظل استمرار القصف على المدنيين.
وشدد على أنّه ما لم يحدث تغيير جوهري في الموقف الأمريكي، وإن لم كن فيه مزجة قيمية أخلاقية بعيدة عن الواقعية السياسية المطبقة الكريهة الداعمة للاحتلال، ما لم ترق أمريكا إلى جانب من القيم التي تدّعي أنها تمثلها لن يكون هناك تغيير حقيقي، والكل يعلم أن الموقف الأمريكي مهم لتطوير موقف دولي بشأن ضرورة وقف الحرب على غزة.
وأضاف، لا بد من موقف جريء من الدول العربية والإسلامية، لكننا نعلم مدى ارتباط التداخل الإستراتيجي في المصالح الأمريكية العربية.
قضية فلسطين ضحية تنافس الأولويات العربية
وشدد على أنّ القضية الفلسطينية بالغة الأهمية لكنها في العشر سنوات الماضية تعرضت لما يسُمّى “تنافس الأولويات” لكثير من الدول في المنطقة فلم تعد القضية الفلسطينية القضية المركزية وأصبح لديهم أولويات أخرى، ولا ننسى ما وصل إليه واقع عدد من الدول العربية التي أصبحت شبه فاشلة، فيما كانت تلعب في السابق أدوارا فاعلة.
وقال المومني: اليوم تبدلت الأولويات العربية، وهذا أكثر بشكل كبير جدا، حتى في سياق المنطق العقلاني سياسيا ودبلوماسيا يجب أن ترفع الكلفة على الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي رفع التكلفة على “إسرائيل”.
وتابع بالقول: لكن السؤال المركزي، مع الحالة التدميرية المرعبة التي تعيشها غزة اليوم والعدد الكبير من الضحايا والشهداء، هل في الحقيقة ستعود القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب كقضية على رأس سلم الأولويات تتطلب التضحية، فهذا السؤال المركزي.
وختم المومني حديثه بالقول: مع الأسف لا أعتقد أن الأمر وصل إلى هذا الحد، ونحن نعلم أن إحدى مشاكل القضية الفلسطينية، أنها عانت من تذبذب المواقف العربية لدرجة أصبحت بالنسبة للنظام الرسمي العربي “مختلفا عليها”، وفي مرات نادرة كان هناك نوعٌ من التوافق عليها.
(البوصلة)
