زيد العموري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الناس أسواق

زيد العموري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

في فتح مكة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المُنادي أن يعلن في الناس أن من دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، برغم أن دار أبي سفيان لم يكن لها ما يميزها عن دُور أهل مكة، وأن دخول هذه الدار أو غيرها سيّان، لكن كان شأنه صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه وتعليمهم أن يراعي أحوال من يتعامل معهم ويُنزل الناس منازلهم .

كذلك الأمر عند توزيعه صلى الله عليه وسلم بعض أموال الغنائم والفيء على أناسٍ دون أُناس، وتقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كُلٌّ بحسبه، فما أوكل إلى حسّان غير ما أوكل إلى مُعاذ ويصح ذلك مع أبي بكر وعمر و صهيب وخالد وبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين .

إنها المعرفة بنفسيات الناس وما يطيقون وما يحبون ومعرفة الدخول إلى قلوبهم، فالناس منذ خلقهم الله وهم مختلفوا الطبائع والرغبات والميول، ففي الحديث الصحيح يقول فيه الصادق المصدوق : “إنّ الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب”.

فكما أن لك عاطفة تسوقك في كثيرٍ من الأحيان إلى اتخاذ موقفٍ معين أو تبني رأي خاص، فإن للآخرين عواطف أيضاً، وكما يَسُرّك بأن يراعي الآخرين عاطفتك، فإنهم يَسُرّهم أن تراعي عواطفهم بنفس المقدار .

ومهما بدا الناس عتاةً قساةَ القلوب أو لامنطقيين، فإن طبيعتهم الإنسانية هي التي تسود آخر الأمر، إنهم ضعفاء، إنهم يطلبون التعاطف معهم بل والعطف عليهم، وإن استثارة العواطف النبيلة في قلوب الآخرين طريقةٌ ناجحةٌ تماماً في كسب الناس، كما أنها لن تؤدي إلى مضرَّةٍ لو قُدِّر لها الفشل .

سوق المستعمل عالمٌ غريب يكشف عن طبائع البشر وتعاملهم مع الأشياء، ستجد من يعامل الأشياء كأن لها روح، عناية فائقة وأمانة بالغة، اعتنَى بما يملك، ويدلك على المزايا والعيوب، وتراه حزيناً وهو يفارق قطعة أثاث أو أداة كهربائية أو سيارة أو حتى أدوات استخدام شخصي .

البعض الآخر لا يكلف نفسه عناء مسح الأتربة، درجة فريدة من الإهمال ورداءة في التعامل مع ما يملك ومع الناس، وتقييم الأشياء متفاوت، فالبعض يقارن الأسعار ويدرك أن الجديد يختلف عن المستعمل فيطلب سعراً معقولاً، والبعض يبالغ في الطلب، والبعض يريد أن يُخلي مكاناً أو يرحل مسافراً، فيتساهل .

للأشياء ذاكرة، بعضها يحمل محبة سابقة فتجد فيه بركة، وبعضها لا بركة فيه، سلسلة من الأعطال أو عدم توفيق في الاستعمال! والتعامل مع الناس كاشف للمعدن، فالبعض يهديك فوق ما اشتريت تلطفاً، والبعض يعطيك ما اشتريت وقد نقص منه شيء، أبَى إلا أن يجرده إلا من الأساس.. “لا فضل ولا عدل”!

كما أن “الناس أذواق” هنا أيضاً “الناس أسواق”، وليس أحدٌ من الناس إلا وفيه من كل طبيعةٍ سوء غريزة، وإنما التفاضل بين الناس في مغالبة طبائع السوء .

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts