عمّان – البوصلة
تسلط الخبيرة التربوية هدى العتوم وفريق البحث الذي أنجز كتاب “دراسات المناهج المدرسية الأردنية” من خلال عمل دؤوب تم على رصد الاختلافات والاختلالات التي حصلت للمناهج منذ العام 2016 وحتى العام 2024.
ويرصد الكتاب في سبع دراسات خلال تلك المدة، بدأت فكرتها بحسب مؤلفي الكتاب الذي اطّلعت عليه “البوصلة”، بعد صدور كتب التربية الإسلامية واللغة العربية والاجتماعيات خلال العام 2016، وما طرأ عليها من تغيرات كبيرة تم متابعتها أولاً بأول والخلوص إلى النتاجات التي توصلت إليها.
“البوصلة” تسلط الضوء على “ملخص دراسة ٢٠١٦”، التي يؤكد فيها مؤلفو الكتاب أن كتب التربية الإسلامية واللغة العربية والدراسات الاجتماعية عام ٢٠١٦ للفصل الدراسي الأول، صدرت لتحدث جدلاً لدى الأسرة التربوية وأولياء الأمور لكثرة المحذوفات التي أجريت عليها، وقد برز على إثر ذلك الكثير من التعليقات والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي مما حدا بمجموعة من التربويين دراسة التغييرات بشكل أكاديمي، وبدأ فريق من المهتمين في مختلف محافظات المملكة ممن كان لهم نشاط على صفحات التواصل بجمع الملاحظات، إذ تم تجميعها وصياغتها بطريقة يسهل معها رصد المتغيرات التي طرأت على عينة من الكتب التي توفرت لدى الباحثين.
ووفقا لمؤلفي الكتاب تبين من خلال الدراسة عمليات القص والبتر التي طرأت على الكتب المدرسية وعمقها خاصة في المباحث الثلاثة، فحذف عدد كبير من صفحات بعض المواد، وبمجملها متعلقة بحذف الآيات القرآنية. والأحاديث النبوية، ومضامين أخرى متعلقة بالعقيدة الإسلامية، والسيرة النبوية، وسير الصحابة ومقاومة الاحتلال في القدس وفلسطين، وكل ما يتعلق بالهود.
وظهر شكل آخر من أشكال الحذف، إذ حذفت الفقرات والجمل والأسئلة والتمرينات والصور ذات الدلالات الدينية والوطنية، وتلك التي تحوي قيما وطنية ودينية، وحذفت موضوعات خاصة بالجهاد وفلسطين، وظهر جليا التركيز على إدخال مفهوم الجندر في الكتب بشكل موسع، وظهر التوجه نحو تخفیف محتوى الكتاب، كل ذلك أدى إلى خلل في منظومة الكتب التي تعتمد على النتاجات العامة والخاصة التي وضعت أصلا ومسبقا في الإطار العام، ومن البديهي أيضا أن يحدث ذلك خللا في مصفوفة المدى والتتابع في الإطار العام للمواد الثلاث.
واعتمدت الدراسة أسلوبين لشرح التغييرات التي حدثت إما بإيراد جداول المقارنة، أو المصورات المقارنة فتقارن سنة ٢٠١٥ بسنة ٢٠١٦ صفحة بصفحة كي يظهر لكل قارئ نوعية وحجم التغييرات التي أجريت، أو تحويل المقارنة إلى جداول ترصد محتوى الكتاب من الغلاف إلى الغلاف.
وقد حوت هذه الدراسة على جداول تتعلق بـ (۲۳) كتابا ومصورات تتعلق بـ (۸) كتب، بالإضافة إلى مصورات (١٤) كتابا، وضعناها على موقع دراسات الأمة، بحسب الكتاب.
وأشار الباحثون إلى أنّ الدراسة هدفت إلى الكشف عن التغيير الذي جرى على التربية الإسلامية واللغة العربية والاجتماعيات، مقارنة مع المناهج القديمة نسخة ٢٠١٥ ومناهج التربية الإسلامية واللغة العربية والتربية الاجتماعية لطبعة عام ٢٠١٦ لبيان ملامح هذه المناهج، وقد خلصت الدراسة إلى أن هذه المناهج لا تلتقي مع المناهج القديمة ولا تصب في بوتقة واحدة من ناحية الأهداف والغايات، فعلى مستوى التربية الإسلامية بدا جليا اتجاه الكتاب الجديد إلى نزع المصطلحات والأفكار التي تتعلق بمضامين مهمة تدور حول حقيقة التوحيد والجهاد والولاء والبراء والكافرين واليهود والمقدسات الإسلامية، والتعامل مع غير المسلمين. ولم يقع هذا سهوا أو محض صدقة، وإنما جرى وفق رؤية وفلسفة مقصودة: نظرا لأن هذا الملمح يشيع وتزخر به مناهج التربية الإسلامية مما يؤكد أن هناك توجها فكرنا مقصودا.
وأشار مؤلفو الكتاب إلى المنهاج الجديد (۲۰۱٦) اتجه إلى إضفاء الطابع العمومي على (منهاج التربية الإسلامية): من خلال استبدال عبارات وكلمات من سياقات ذات دلالة إسلامية واستبدالها بالفاظ ذات طابع عمومي يدخل في حيرها المؤمن والكافر واليهودي والمجوسي فاستبدلت الفاظ مثل: (المسلم والمؤمن بألفاظ أخرى كالناس والصديق والصاحب، وأسقطت مفردة (المسجد) واستعيض عنها بمفردة المرافق العامة، واستبدلت عبارات كاملة ذات طابع ديني بعبارات أخرى ذات طابع عمومي، حتى أسماء الأعلام العربية الأصيلة) التي ارتبطت بمن حمل لواء الإسلام وسطر أعظم بطولات التضحية والشجاعة استبدلت بأسماء عصريةجديدة لم يسم بها الرعيل الأول البتة.
وبحسب الكتاب: لعل الجانب الأهم الذي أخذ حيزا كبيرا وملمحا واضحا في مادة التربية الإسلامية في المنهاج الجديد التغيير الذي طرأ على القيم والاتجاهات، فمن يتلبع الدراسة يجد أن القيم والاتجاهات الدينية أخذت في الانحسار، فضلا عن شيوع القيم العامة التي يشترك بها المؤمن والكافر وإحلالها عوضا عن القيم الإسلامية والدينية، مما يؤكد أن هذه المناهج نتجه للتعميم وإلغاء الخصوصية الإسلامية.
وشدد مؤلفو الكتاب على أن مثل هذه الفكرة التعميم تلغي خصوصية الفرد المسلم وانتمائه لدينه، وتكرس المصطلح (المدنية) الذي لا يفرق بين مسلم وغيره، ويساوي في الحقوق والواجبات بينهما على حد سواء. وتبين من خلال مقارنة المنهاج الجديد بالمنهاج القديم، أن المنهاج القديم يجمع بين النظرية والتطبيق. إذ يسعى لجعل الدين ممارسة في حياة الفرد وضرورة في حياة المسلم، تحقق له التوازن والسعادة في الدنيا. في حين نجد المنهاج الجديد يسير عكس هذا الاتجاه، ويسعى إلى هدم ما في المنهاج القديم واجتنائه من جذوره، ويكفي أن تستشهد هنا كيف أسقطت الأدعية والأذكار والجوانب التعبدية بكثافة لا نظير لها في كتب التربية الإسلامية وهذه الفكرة في أساس الفكر العلماني التي ينطلقون منها لأنهم يرون – من منطلقهم أن الدين هو أساس تخلف الأمم وانحطاطهم.
وتابعوا بالقول: وإذا تفحصنا مادة اللغة العربية (۲۰۱٦) وجدناها زاخرة بحذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من الطبعة القديمة (۲۰۱۵)، والنصوص الدينية الأخرى التي تمحورت حول مضامين دينية وأحداث تاريخية وشخصيات ذات بطولة فريدة.
ملاحظات على مادة اللغة العربية والتاريخ
وأكد المؤلفون أنّ مما لوحظ في مادة اللغة العربية الجديدة تغيير المصطلحات وفق التصور الإسلامي الصحيح إلى مصطلحات أخرى تحمل دلالات سلبية لا سيما في مجال الجهاد والعدو الصهيوني، بل وصل هذا الأمر إلى إعادة صياغة الجمل القديمة صياغة جديدة وذلك من أجل حذف كلمة أو عبارة غير مستساغة – في نظرهم مع أن حذف هذه الكلمات يجعل النص مينا لا حياة فيه ويحسن أن نستشهد بشيء من هذا القبيل ففي درس عقبة بن نافع في المنهاج القديم حلقت هذه العبارة في المنهاج الجديد ” والله يا رب لولا هذا البحر المضيت مجاهدا في سبيلك”. وهذا المسلك ينبئ عن توجه فكري خطير في المنهاج الجديد.
ولفتوا إلى أننا إذا استعرضنا مادة (التاريخ) فقد اتخذ التغيير اتجاها سلبيا، فقد حذفت تقريبا حقبة الخلفاء الراشدين التي تعد من أهم الحقب التاريخية في التاريخ الإسلامي، وذلك لأن هذه الحقبة تمثل صورة الإسلام الصحيح والنموذج المثالي والتطبيق الصحيح المنهاج النبوة، الذي تتمناه الأمة الإسلامية في هذا الوقت، وما زالت سيرهم قصصا يتداولها الناس إلى يومنا هذا. إن حذف مثل هذه الحقبة مدعاة للتساؤل. فلماذا يتم هذا النوع من الحذف ؟ مع أن الطالب بحاجة ماسة في هذا الوقت الراهن إلى التعرف على دينه والاعتزاز به في وقت كثرت فيه سيام الأعداء الموجهة للإسلام والنيل منه، وإثارة الشيبات والنعرات حول الإسلام وهذا لا يكون إلا بنقل الصورة المضيئة والجوانب المشرقة من الإسلام، والتي من أهمها حقبة الخلفاء الراشدين التي بنيت على الكتاب والسنة بفهمها الصحيح وسارت على منهاج النبوة وتضمن الحذف مضامين ميمة عن الجهاد والتضحية، واقصاء مضامين تتعلق بالمقدسات الإسلامية والصحابة رضوان الله عليهم.
عينات من التغييرات التي حصلت بحسب الكتاب:
حذف كلمات بعينها مثل: ( الكفر، الشرك الضلال).
الجمل والعبارات المحذوفة مثل: أؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى أحرص على تعلم القرآن الكريم، أراعي آداب تلاوة القرآن الكريم، أحرص على تحسين وضوئي، أتقن أعمال الوضوء، أتوضاً للصلاة إذا بطل وضوئي، أحرص على الإكثار من الصلاة وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء في ليلة القدر. الله تعالى قادر على كل شيء، أعبد الله تعالى وحده ولا أشرك به أعتاد على ذكر الشهادتين بعد أن أتوضاً، وغيرها من عشرات الجمل.
حذف عشرات الآيات والأحاديث والأدعية.
حذف عشرات الدروس كليا بما فيها من مفاهيم، وقيم، وآيات، وأحاديث.
حذف عشرات المفاهيم والمصطلحات مثل التوحيد الصهاينة، والاحتلال، وبني إسرائيل، والصليبين.
والغزوة، والجهاد، والكثير من الشواهد في العديد من المحاور
أما في مادة (اللغة العربية فكان الأمر على نسق ما حدث في التربية الإسلامية، مما يؤكد أن المقص واحد، ومن الأمثلة على ذلك:
استبدلت قصيدة في مدح الرسول () بقصيدة: (التكنولوجيا تتكلم)
استبدل نشاط أرجع لكتاب (رجال حول الرسول) بـ (الغاز حاول حلها).
استبدل حديث إني أعلمك كلمات) بـ (دورة حياة الصقر من أطول الطيور عمرا).
في درس بطولة وفداء استبدلت جملة انتصر جنودنا الشجعان على العدو الصليبي الصهيوني) بـ (عاد العدو مهزوما) (وجاهد الأردنيون بأموالهم وأنفسهم) غيرت إلى (شارك الأردنيون بأموالهم وأنفسيم).
حظي القائد محمد الحنيطي بشرف الجهاد في فلسطين) بدلت إلى (لما أسندت إلى القائد محمد الحنيطي مهمة قيادة حامية حيفا).
حذف نشيد للشاعر يوسف العظم للجيل المسلم عن الإنفاق وشكر النعمة.
ومن المحذوفات سؤال تحضيري: كيف نحرر فلسطين من الاحتلال؟
التعبير: أسترشد بالآيات التن شكرتم لأزيدنكم)، وحذفت (خذ من أمواليم).
اية ١٠ من سورة الجمعة عن الصلاة
حديث: (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده).
حديث: (خير الناس أنفعهم للناس)، وأفضل القول لا إله إلا الله).
من التدريبات: قال تعالى وأن هذه أمتكم أمة واحدة) وهذه أمة تاريخيا مشرق، وتعبير استرشد بالحديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
آية ١٨ من سورة (ق)، وحديث ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر).
تعبير: أسترشد بالآية ٢٤ من سورة إبراهيم.
حديث: (سلوا الله علما نافعا).
حديث: (طلب العلم فريضة).
نشاط الكتابة نص عن تلاوة القرآن، وطيارة الملابس، والاستعاذة
نشاط الكتابة عن آداب الطريق.
درس الاتحاد قوة
ثلاث آيات تدعو للاعتصام بحبل الله.
نص يتحدث عن معركة الأحزاب وحفر الخندق، والأخذ برأي سلمان الفارسي، واستبدل بنص: صفات المعلم الناجح
محفوظات: الآيات من ۱۰۵۰۱۰۳ من سورة آل عمران، واستبدلت بمحفوظات: قصيدة.
حذف من درس ابن سينا: (حتى أنه حفظ القرآن الكريم)، واستبدلت جملة (شاركت حنين في دورة التلاوة) بجملة شاركت حنين في دورة الإسعافات الأولية).
تعبير: أسترشد بحديث طلب العلم فريضة على كل مسلم).
حديث: (الغدوة في سبيل الله)
نشاط: عد إلى الشبكة العالمية وابحث عن العالم ابن الهيثم استبدل بنشاط عد إلى الشبكة وابحث عن أرخميدس.
درس أمني وهو يتحدث عن المعتصم بالله، وكيف حرك جيشا لبثار الامرأة مسلمة.
قصيدة نداء للأمة: تدعو القصيدة لرفع الهمم، وتستذكر المعتصم بالله
عشرات الآيات والأحاديث والنصوص القيمة، والتي تحمل أبعادًا في النواحي الدينية والوطنية والأخلاقية.
وأما كتب الدراسات الاجتماعية فلم تسلم من التغييرات التي جاءت بالحملة على الدروس والفقرات والجمل والصور والمصطلحات والمفاهيم ومنها حذف وظيفة التكاثر، وظيفة الإنجاب من وظائف الأسرة
الحديث الشريف إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه…..
حديث (كلكم راع).
جملة (الأسرة في الإسلام مسؤولة عن تنمية المبادئ والقيم الإسلامية بين أبنائها).
جملة (أوجب الإسلام المساواة في المعاملة بين الأبناء)
(آية وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه).
جداول مقارنة
لمطالعة الكتاب كاملا:
(البوصلة)
