بعد خطوبة 14 عاما.. الموت في سجون الاحتلال يفرق بين غادة وسامي

بعد خطوبة 14 عاما.. الموت في سجون الاحتلال يفرق بين غادة وسامي

البوصلة – “أحلامي تحطمت.. كنت أنتظر سامي عريسا ووصلني خبره شهيدا”، بكلمات قليلة ومتقطعة غلب عليها النحيب والدموع، قاومت خطيبة الأسير الشهيد سامي العمور أحزانها على فراقه، إثر الإعلان عن استشهاده فجر أول أمس الخميس في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وارتبطت غادة بسامي بعد اعتقاله عام 2008، وتواعدا على الزواج بعد تحرره من السجن الذي يقضي فيه حكما بـ19 عاما، وقالت هذه الفتاة المكلومة للجزيرة نت “لقد تواعدنا على البقاء معا حتى الموت، ولا أتصور حياتي من بعده”.

وكانت قوات الاحتلال اعتقلت سامي برفقة شقيقه حمادة، خلال عملية اجتياح للمنطقة الشرقية من مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، ومحاصرة منزلهما في أبريل/نيسان عام 2008، ووجهت لهما تهم تقديم المساعدة لفصائل المقاومة، وتحرر حمادة من السجن بعد 12 عاما، وترك خلفه شقيقه سامي يكمل مدة محكوميته.

الشهيد سامي العمور

استشهاد عريس

واختلطت كلمات غادة مع بكائها، وهي لا تكاد تصدق أن خطيبها الذي تنتظره منذ 14 عاما -كي يكوّنا معا بيتا وأسرة- قد رحل، ولم يتوقف لسانها عن تكرار “يا رب صبرني على فراقه.. والله فراقه صعب”.

وقالت الفتاة الثلاثينية -بينما كانت تحتضن بين كفيها هاتفها النقال وتظهر على شاشته صورة لخطيبها الشهيد- “كنت أعد الساعات بانتظار لحظة الإفراج عن سامي، حتى تكتمل فرحتنا، ونبني معا أسرتنا، وأعده أنني سأعيش على ذكراه حتى نهاية العمر”.

ظلت علاقة غادة بسامي مقتصرة على مكالمات هاتفية متباعدة، بسبب منع سلطات الاحتلال لها من زيارته في السجن، وتقول “كنا نتحدث ونتناقش في تفاصيل الفرح وحفل الزفاف، وحتى أسماء أطفالنا في المستقبل.. اتفقنا أن نسمّي طفلتنا الأولى فلسطين”.

واستشعرت غادة الخطر المحدق بحياة سامي خلال آخر مكالمة بينهما، قبل يومين، عندما أخبرها بنقله إلى سجن عسقلان الإسرائيلي، وهو مكبل اليدين والقدمين، تمهيدا لتحويله إلى مستشفى قريب لإجراء عملية جراحية.

وقالت “شاب شارف على الـ40 من عمره ووزنه 35 كيلوغراما فقط.. سامي لم يمت، لقد قتلوه بالإهمال الطبي”، وسيطرت عليها نوبة من البكاء الشديد، وهي تردد “قتلوه وحرموني منه.. حسبي الله ونعم الوكيل”.

أمل ووداع

وجلست والدة سامي السبعينية في أحد زوايا المنزل المتواضع، واضعة يدها على خدها، والدموع تملأ عينيها، وقالت “والله يمّا يا ريت (ليت) أعطيك عمري”.

ولم تزر والدة سامي نجلها في السجن سوى بضع مرات، قبل أن تقرر سلطات الاحتلال منذ سنوات طويلة منعها من الزيارة، أسوة بغالبية ذوي الأسرى من غزة.

وقالت الأم المكلومة للجزيرة نت “حرموني من زيارته ورؤيته وهو حي، وخايفة (أخشى) يحرموني من وداعه بعد موته”.

ودأبت سلطات الاحتلال على احتجاز جثامين شهداء غزة، ورفض تسليمها لذويهم من أجل دفنها، وتتهم مؤسسات حقوقية فلسطينية إسرائيل باستخدام الجثامين كورقة ابتزاز ومساومة في أي مباحثات لإنجاز صفقة تبادل أسرى محتملة مع المقاومة الفلسطينية.

وقالت والد سامي إنه كان يمني نفسه بالتحرر من السجن قبل انتهاء مدة محكوميته، في إطار صفقة تبادل.

باستشهاد الأسير سامي العمور ارتفعت قائمة شهداء الحركة الأسيرة من غزة إلى 62 شهيداً-رائد موسى-الجزيرة نت

إعدام أسير

وأكدت الحركة الوطنية الأسيرة -في بيان مسرب من داخل سجون الاحتلال- أن الأسير الشهيد تعرض لـ”عملية إعدام حقيقية”، جراء سياسة الإهمال الطبي.

وقالت إن استشهاد سامي يؤكد من جديد على “مدى نازية هذا المحتل الذي يتفنن في تعذيب وقتل أسرانا”.

ودعت الحركة الوطنية فصائل المقاومة للاستمرار في سعيها الحثيث لإتمام صفقة تبادل تضمن تحرير كافة الأسرى، والتي تمثل “السبيل الوحيد لنا للخلاص من هذا العدوان المستمر علينا، سواء بالقتل أو التنكيل أو القمع”.

وأوضح “مركز فلسطين لدراسات الأسرى” أن الأسير الشهيد بدأ يعاني من مشكلات في القلب منذ أكثر من عام، ولم يتلق أي رعاية طبية من قبل الاحتلال، إلى أن تفاقمت حالته الصحية في الفترة الأخيرة، وأصيب بانسداد 4 من شرايين القلب، وبعد ضغط شديد من الأسرى نقل من سجن عسقلان إلى مستشفى “سوروكا” قبل يومين، حتى الإعلان عن استشهاده.

ودلل المركز الحقوقي على جريمة القتل العمد التي تعرض لها العمور، بشهادة الأسير جميل عنكوش الذي التقى مع العمور في سيارة البوسطة (نقل الأسرى) التي نقل بها، واستفزته المعاملة القاسية التي يتلقاها والمماطلة في نقله للمستشفى رغم خطورة حالته، فاحتج بقوة على وحدات القمع المرافقة لهم، وتعرض للضرب والتنكيل والقمع فور عودته إلى سجن “ريمون”.

وقال مدير المركز رياض الأشقر -للجزيرة نت- إنه باستشهاد العمور يرتفع عدد شهداء الحركة الفلسطينية الأسيرة إلى 227 شهيدا، من بينهم 62 شهيدا من غزة.

ولا يستبعد الأشقر ارتفاع أعداد الشهداء بين الأسرى، حيث ارتفعت خلال العامين الماضيين أعداد المصابين بأمراض خطيرة كالسرطان، والجلطات القلبية، في ظل انعدام الرعاية الطبية المناسبة، واستهتار سلطات الاحتلال بحياة الأسرى المرضى.

وأكد أن “شبح الموت” يخيم فوق رؤوس الأسرى في سجون الاحتلال، وأكثرهم خطورة 130 أسيرا يعانون من أمراض مصنفة بأنها “مزمنة وخطيرة جدا”، وهم بحاجة ماسة سواء لعمليات جراحية عاجلة، أو عناية طبية خاصة، في الوقت الذي تماطل فيه سلطات الاحتلال لشهور وأحيانا لسنوات كي تسمح للأسير بإجراء فحص مخبري أو صور أشعة، الأمر الذي يؤدي إلى استفحال الأمراض في أجساد الأسرى.

ويقبع في سجون الاحتلال زهاء 5 آلاف أسير فلسطيني، من بينهم 300 طفل ونحو 34 امرأة، في ظل أوضاع تصفها منظمات حقوقية بأنها “بالغة القسوة والسوء”.

الجزيرة

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: