بعد 8 سنوات من انتظار الإعدام.. من الصحفيون الأربعة المفرج عنهم في اليمن؟

بعد 8 سنوات من انتظار الإعدام.. من الصحفيون الأربعة المفرج عنهم في اليمن؟

 وقفت الطفلة توكل ذات الـ13 ربيعا في مطار تداوين العسكري بمحافظة مأرب، وهي تراقب حركة الطائرات التي تنقل الأسرى عبر مطار العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في انتظار لحظة حُرمت منها منذ 8 سنوات.

سيبقى مشهد هبوط الطائرة الصغيرة التي تحمل شعار الصليب الأحمر على أرض المطار وترجل الأسرى منها محفورا في ذاكرة الطفلة، إذ تُوجت تلك المشاهد بعناق والدها الصحفي توفيق المنصوري الذي اختُطف يوم أن كانت في ربيعها الخامس.

وسيطرت على المطار حالة مختلطة من مشاعر الفرح والألم والحزن والسعادة، فمعظم المُفرج عنهم كانوا مدنيين خُطفوا حين اندلعت الحرب في اليمن بداية 2015، من بينهم الصحفيون الأربعة توفيق المنصوري وعبد الخالق عمران وحارث حُميد وأكرم الوليدي.

وكان الصحفيون قد حُكم عليهم بالإعدام من قِبل الحوثيين، وتعرضوا خلال فترة السجن لصنوف من التعذيب والتغييب القسري والإهمال الطبي والحرمان من لقاء أهاليهم أو الاتصال بهم، وفق تقارير حقوقية وإفادات أهاليهم.

مقابل سميرة مارش

ورفض الحوثيون مرارا الإفراج عنهم، حتى ضمن صفقة التبادل التي رعتها الأمم المتحدة عام 2020، حين أفرجوا عن 5 من الصحفيين ضمن الصفقة.

وجاء الإفراج عنهم في عملية تبادل 880 أسيرا إثر اتفاق بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، قضى بإطلاق الجماعة سراح 181 أسيرا، من بينهم 15 سعوديا و3 سودانيين، مقابل 706 أسرى من الجماعة لدى الأطراف الأخرى.

وقال مصدر في وزارة الدفاع اليمنية للجزيرة نت، إن إفراج الحوثيين عن الصحفيين الأربعة تحديدا كان مقابل إطلاق القوات الحكومية سراح سميرة مارش، وهي المرأة الوحيدة في صفقة التبادل.

واعتُقلت مارش قبل 5 سنوات بعد اتهامها بزرع عبوات ناسفة في عربات قادة عسكريين حكوميين بمحافظة الجوف، بعد أن تخفت كعاملة تنظيف، حسبما يوضح المصدر.

وأضاف أن الحوثيين جندوها بعد مقتل زوجها وهو يقاتل في صفوفهم، وحين طالبتهم بمستحقات زوجها عرضوا عليها العمل معهم، وبعد ذلك أدارت عددا من الخلايا النسائية التي زرعت العبوات الناسفة وحددت الإحداثيات.

وسبق أن عرضت القوات الحكومية فيديوهات لاعترافات خليتين من النساء أُلقي القبض عليهن في مأرب والجوف، وذلك بعد إلقاء القبض على سميرة مارش.

عبد الخالق عمران

واختطف الحوثيون الصحفي عبد الخالق عمران مع الصحفيين الآخرين في صنعاء بعد أشهر وجيزة من اندلاع الحرب، وخلالها تنقل بين عدة سجون ومعتقلات سرية قبل أن يُعرض على المحاكمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وحُكم عليه مع رفاقه الصحفيين الأربعة بالإعدام، وفي نهاية العام 2021 رحل والده متأثرا بمتاعبه الصحية التي فاقهما تغييب وتعذيب نجله.

وكان عمران مسؤولا عن تقرير يومي يرصد انتهاكات الحرب من قِبل جميع الأطراف، قبل أن يقتحم الحوثيون الفندق ويختطفونه مع جميع الصحفيين.

وخلال سنوات السجن، حُرمت أسرته من زيارته في سجن الأمن المركزي، عدا السماح له بالاتصال بهم بين فترة وأخرى لمدة لا تزيد عن 10 دقائق مقابل مبالغ مالية كبيرة وبوجود مشرفين حوثيين، حسب إفادات سابقة لأسرته للجزيرة نت.

ومع تزايد الحملات المطالبة بالإفراج عنه ورفاقه، أخفاه الحوثيون قسرا منذ منتصف 2021، ومُنع من الاتصال بأسرته لتنقطع أخباره بشكل كامل.

توفيق المنصوري

خطف الحوثيون الصحفي توفيق مع عبد الخالق وبقية الصحفيين، وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي والإخفاء القسري قبل أن يعترف الحوثيون بأنه لديهم، وكان من ضمن المحكوم عليهم بالإعدام.

وعمل المنصوري مخرجا صحفيا ومصمما لأبرز الصحف اليومية التي كانت تُطبع قبل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، مثل صحيفة المصدر.

وخلال فترة سجنه تُوفي والده منتصف 2020، ومُنعت أسرته من زيارته في أكثر من مناسبة، حسبما يقول شقيقه للجزيرة نت.

ويضيف “في إحدى المرات، طالبنا الحوثيين بالسماح لنا بأن ندخل طعاما له ورفاقه في يوم العيد، وبعد توسل ورجاء من أمي قبلوا الأمر، وحين جاء العيد ووصلت أمي بالطعام إلى باب السجن، ألقوه على الأرض أمام عينيها”.

وكان المنصوري أكثر الصحفيين تعرضا للتعذيب، وقال رفيقه الصحفي هشام طرموم الذي أُفرج عنه عام 2020، للجزيرة نت “شاهدت بعيني اليوم آثار الجرح على رأس زميلنا توفيق، وهذا كان نتيجة الضرب الذي تلقاه مباشرة من رئيس لجنة الأسرى الحوثي عبد القادر المرتضى”.

ويضيف “كانوا من قبل يعذبوننا وهم ملثمو الوجوه، أما مؤخرا كان الأمر إمعانا في الإذلال”.

أكرم الوليدي وحارث حميد

كان الوليدي مع رفيقيه توفيق وعبد الخالق حين خُطفوا، وعانى ما عاناه رفيقاه، إلا أنه كان أكثر المختطفين الذين عانوا بسبب التعذيب والإهمال الطبي، ومنع الحوثيون إسعافه خارج السجن.

وكان في مناسبات عدة بحاجة إلى إجراء عمليات عاجلة في العينين، بعد أن تدهورت قدرته على الرؤية، ومعاناته من صداع شديد بسبب المرض.

وقال زميلهم الصحفي هشام اليوسفي -أُفرج عنه عام 2020- إن الوليدي وحُميد تعرضا لصنوف من التعذيب مثل الركل والضرب والحرمان من النوم والسجن الانفرادي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف اليوسفي “تعرضنا جميعا للتعذيب والعنصرية، وفرقونا عن المساجين، وكنا دائما تحت الرقابة، حتى لا نكون شهداء على عمليات التعذيب، ورغم ذلك كنا ضحايا وشهود على الجرائم”.

ويتابع اليوسفي “في إحدى المرات غيبونا قسرا وكنا منسيين تماما لمدة تزيد أكثر من سنة، حتى أنه في بعض الأحيان يتركوننا دون طعام”.

عدالة لن تسقط بالتقادم

ويقول الصحفي هشام طرموم إن “جماعة الحوثيين تعادي الصحفيين وحرية الصحافة تماما، ووظفت ملف الصحفيين المختطفين للابتزاز السياسي، وحين حُوكموا جرى ذلك وفق محاكمات خارج القانون تفتقر لحيثيات العدالة والإنصاف”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف طرموم “بعد محاكمتنا، بدأت الجماعة في تجزيء ملف الصحفيين حيث حُكم على 5 بالإعدام والسجن على 5 آخرين، لتفرج علينا نحن الخمسة في وقت لاحق، وبعد فترة أفرجت عن أحد المحكومين بالإعدام”.

وعبر طرموم عن سعادته بعملية الإفراج، لكنه في الوقت ذاته قال إن البحث عن العدالة والإنصاف لن يسقط بالتقادم.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: