مـنـيـر رشـيــد
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

بلفور.. سرقةُ أرضٍ وتشريدُ شعب

مـنـيـر رشـيــد
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

في الثاني من تشرين الأول لعام ألفٍ وتسعمائةٍ وسبعةَ عشر، أرسلَ وزيرُ خارجيةِ بريطانيا (آرثر بلفور) رسالة ًإلى أحدِ زعماءِ الحركةِ الصهيونيةِ (روتشليد) تعهدَ خلالها بإنشاءِ وطنٍ قوميٍ للشعبِ اليهوديِ في فلسطين.

رسالة الشؤمِ لم تكن وليدةَ لحظةِ عطفٍ كما وردَ فيها، إنما نتيجةٌ لمخططٍ وجهودٍ ومتابعةٍ وتنسيقٍ من زعماءِ الحركةِ الصهيونيةِ وأصحابِ القرارِ في بريطانيا، بعد نشوةِ الإنتصارِ في الحربِ العالميةِ، استطاع زعماء ُالحركةِ الصهيونية ِإقناع ساسةِ بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهدافها والحفاظ على مصالحها، بعد مفاوضاتٍ استمرت سنواتٍ، نجحت بريطانيا انتزاع قرار من عصبةِ الأمم إنتدابها على فلسطين بعد أن إحتلتها، يتبعها قرارُ الكونجرس ومجلسُ النوابِ الأمريكي تقديم الدعمِ بإنشاء وطنٍ قوميٍ لليهود في فلسطين.

  قرارُ عصبةِ الأمم هو نقطةُ الإرتكازِ لتهويدِ فلسطين، بحسبِ نصّ المادةِ الثانيةِ لصكِ الانتدابِ على مسؤوليةِ الدولةِ المنتدبةِ عن (وضع البلاد في أحوالٍ سياسيةٍ وإداريةٍ واقتصاديةٍ تضمن إنشاءَ الوطنِ القوميّ اليهودي) وفقاً لما جاءَ في ديباجةِ الصكِ إضافةً إلى المادةِ الرابعةِ والتي نصت على إنشاءِ وكالةٍ يهوديةٍ معترفٌ بها وعنصراً من عناصرِ الحكمِ في فلسطين لإسداءِ المشورةِ إلى إدارةِ فلسطينَ والتعاون معها في الشؤونِ الإجتماعيةِ والإقتصاديةِ.

  فتح التصريحُ المشؤوم البابَ على مصراعيه لعصاباتِ اليهودِ لغزوِ فلسطين واحتلالِها، وهو شرارةُ البدءِ لإدخالِ المنطقةِ في حالةِ من الفوضى وعدمِ الإستقرارِ، إضافةً أنَّه بمثابةِ الضّوءِ الأخضرِ لعصاباتِ الهاجانة والأرجون وشتيرن للتنكيل بالشّعبِ الفلسطينيّ وارتكاب المجازرِ بحقِّ أطفالِه ونساءِه وشيوخِه لتهجيرِه وتشريدِه من أرضِه ووطنِه وإقامةِ دولةِ الإحتلالِ الصهّيونيِ.

  ما لحقَ بالشعبِ الفسلطينيّ من معاناةٍ وويلاتٍ ولا زالت هي نتاجًا لهذا التصريحِ، أصدرهُ من لا يملك حقّ إصدارِه لمن لا يستحقُه، إضافةً لما جرى للمسجدِ الأقصى المباركِ بدءً من إحراقِه مروراً بإقتحاماتِ المستوطنين المتكررةِ ومحاولةِ إقامةِ شعائرٍ وصلواتٍ تلموديةٍ ومحاولةٍ تقسيمه مكانياً بعد نجاحهم بتقسيمه زمانياً إلى حدٍ ما.

الإنتدابُ البريطانيّ لفلسطين أحدُ أوجهِ الإستعمارِ وأدواتِه وأشكالِه، حيثُ سهلّت سلطاتُ الإنتدابِ الهجرةَ اليهوديةَ وإغراقِ البلادِ بالمهاجرينِ اليهودِ، وتسهيل إنتقالِ الأراضي إليهم وتطويرِ القوةِ العاملةِ الماهرةِ والمدربةِ لصالحِ اليهود، وصولاً للسطيرةِ على الاقتصادِ إضافةً إلى تدفقِ السلاحِ إلى عصاباتِهم وتدريبِ أفرداها في الوقتِ الذي كانت حكومةُ الانتدابِ تحكمُ بالإعدامِ أو بالسجنِ لسنواتٍ طويلةٍ لمن يمتلكُ قطعةَ سلاحٍ أو عتادٍ من أبناءِ الشَّعبِ الفلسطيني.

  الشعبُ الفلسطينيُ أدرك َخطورةَ الإنتدابِ، و أنّه أحدُ أوجهِ الاستعمارِ، وعلى الرغمِ من إختلالِ موازينِ القوى وميلها لصالحِ اليهود إلا أنّ البلاد شهدَت العديدَ من الثوراتِ، فازدادت حركةُ المقاومةِ الشعبيةِ، وتحولَّت إلى ثورةٍ شعبيةٍ مسلحةٍ،  بعد أن كانت تدافع عن المواطنين في المدنِ والقرى والأريافِ من الاعتداءاتِ وبطشِ الجيشِ البريطاني وعصابات اليهود، أصبحت تُهاجمُ وتَضربُ مواقعَ الجيشِ البريطانيَّ والمستعمراتِ الصهيونيةِ، والتي نشأت تحت سمعِ وبصرِ حكومةِ الإنتداب، والتي أمّعن جيشها بطشا ًوتنكيلاً وقتلاً بالفلسطينين بطائراتِه ودباباتِه ومدافعِه.

  هذا التصريحُ ومنذُ إعلانِه فجرَ حروباً وصراعاتٍ ليس على أرضِ فلسطين وحدَها بل المنطقةِ بأكملِها وما زالت تداعياتُه تتوالى، وأسهمَ قرارُ الجمعيةِ العموميةِ للأممِ المتحدةِ عام 1947 تقسيمَ فلسطينَ إلى دولتينِ عربيةٍ ويهوديةٍ وبجلسةٍ إستثنائيةٍ بناءً على طلبِ بريطانيا، ولا شكَّ أنَّ قراراتِ الجمعيةِ العموميةِ تحكمُها مصالحُ القوى الدَّوليةِ وإزداوجيةِ المعايير، حيثُ صَّوتت الجميعةُ نفسُها على قرارٍ يُدين روسيا لضمِها أراضٍ أوكرانية ، كانت من أراضي روسيا سابقا ً، واعتبرت الجمعيةُ أن َّالضَّمَ غيرُ قانونيٍّ.

  الشعبُ الفلسطينيُّ لم يستسلْم لواقعٍ ظالمٍ فُرضَ عليه، فهوَ مُدركٌ أنّ قضيتُه قضيةُ وجودٍ، يَمتلِكُ الأرضَ والتاريخَ والإرثَ والتُراثَ، ثارَ ضدَّ الإنتداب وقاوَمَ الاحتلالَ ولا زالَ، مؤكدًا حق عودتِه على كاملِ ترابِ وطنِه مراكماً لقوتِه وتحقيقِ إنجازاتِه النّوعية في مواجهةِ الاحتلالِ على أرضِ فلسطين، وبإسنادِ فلسطيني الخارج بتكاملِ الأدوارِ وحشدِ الطاقاتِ، إضافةً إلى دورِ أبناءِ الأمةِ في دعمِ وإسنادِ الشعبِ الفلسطيني كلٌّ حسبَ طاقتِه وجهدِه ومقدرتِه ، فالشعبُ الفلسطينيُّ مؤمنًا بعودتِه وتحريرِ أرضِه لإعمارِها وإدارتِها وحُكمِها.

   مضى على هذا التَّـصريحِ المشؤومِ مائة وخمس سنواتٍ، وعليه أدعو الشعوبَ العربيةِ والمسلمةِ ومؤسساتِ المجتمعِ المدنِّي والقُوى الحيّة إلى مواقفَ جادةٍ تؤكدُ رفضها لهذا المشروعِ الاستعماريِّ البغيضِ دعمًا للشعبِ الفلسطينيِّ وقضيتِه العادلةِ.

*عضو الامانة العامة للمؤتمر
الشعبي لفلسطيني الخارج

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts