بنغلاديش.. التعليم حلم صعب المنال لأبناء الروهنغيا

بنغلاديش.. التعليم حلم صعب المنال لأبناء الروهنغيا

– رئيسة “مجلس الروهنغيا الأوروبي”: التعليم ليس ترفا، بل حق أساسي لكل إنسان.
– مسؤول بنغالي: لم يتم إغلاق أي مراكز تعليمية في المخيمات لأطفال الروهنغيا.
– شاب روهينغي: نحن محاصرون تقريبا داخل المخيمات، ولا يمكننا الوصول إلى التعليم العالي.

يعمل الشاب الروهنغي سيف الله محمد، بدوام كامل في كندا، ويتابع بشكل متزامن دراسته للحصول على درجة الماجستير في دراسات السلام والصراع من جامعة “واترلو”.

منذ أكثر من ثلاثة عقود، وبالتحديد في عام 1991، فرّ محمد مع والديه من الاضطهاد في “أراكان” بميانمار، ولجأ إلى بنغلاديش، التي تضم الآن ما يقرب من 1.2 مليون مسلم روهنغي، هرب معظمهم من حملة عسكرية وحشية في أغسطس/آب 2017.

نشأ محمد في مخيمات اللاجئين المزدحمة في منطقة “كوكس بازار” جنوبي بنغلاديش، كفرد في مجتمع “بلا جنسية”، حيث خاض رحلة طويلة حتى وصل إلى وضعه الحالي، في قصة مليئة بالصراع والعقبات والمحن.

وفي حديث للأناضول، قال محمد: “بينما كان يأتي آباء زملائي بالصف لزيارتهم في المدرسة محملين بالهدايا، كنت أتسلل من حين لآخر إلى المعسكرات لزيارة والداي سرا لفترة قصيرة”.

وأضاف: “بعد تحدٍ كبير، تمكنت من الخروج من المخيمات والالتحاق بمدرسة ثانوية، وواصلت دراستي حتى حصلت على مرتبة الشرف في بنغلاديش”.

وتابع: “لقد كنت محظوظا لأنه أتيحت لي الفرصة للحصول على التعليم، وهو شرف حرم منه الكثيرون، ولا سيما أطفال الروهنغيا في ذلك الوقت”.

وزاد “لولا الفرص التعليمية النادرة بالمدارس البنغالية، لا أعرف كيف كان بإمكاني الوصول إلى هنا”، مضيفا أن التعليم منحه امتيازا في 2006 لشق طريقه إلى ما وراء الأفق الضئيل بمخيم اللاجئين.

وأردف: “أنا ممتن للمنحة الدراسية التي سمحت أن تطأ قدماي جامعة (شيانغ ماي) شمالي تايلاند (..) لسوء الحظ، لم تسير الأمور بسلاسة كما كنت آمل، وكان علي الانتقال إلى ماليزيا”.

وذكر أن العديد من أفراد مجتمعه أُجبروا على العودة إما إلى ميانمار أو إلى بنغلاديش لأسباب قانونية، لكن لحسن الحظ، تم تسجيله من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهرب بطريقة ما من رحلة العودة، موضحا أنه في النهاية حظي بالسفر إلى كندا في 2016.

واستطرد: “في كل مرة أتحدث فيها إلى والداي، كنت أشعر بالقلق من البؤس الذي أخفياه عني، وقصص العار والإهانة التي كانوا يحجبونها عني”.

** تجاهل التعليم

محمد حميد الله، شاب آخر من الروهنغيا، كان طالبا في المرحلة الثانوية عندما فر من الحملة العسكرية لجيش ميانمار في أغسطس2017.

وقال حميد الله للأناضول، إن قادة العالم فعلوا الكثير من أجلهم، “لكنهم يتجاهلون مسألة التعليم”.

وأضاف: “نحن محاصرون تقريبا داخل المخيمات، وليس لدينا إمكانية الوصول إلى التعليم العالي”، مضيفا أن “سلطات الدولة المضيفة فرضت أيضا قيودا جديدة”.

في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الحكومة البنغالية إلى “التراجع بشكل عاجل عن قرار إغلاق الآلاف من المدارس المحلية والمدارس المجتمعية لطلاب الروهنغيا اللاجئين”.

وقالت المنظمة في بيان، إنه إذا لم تلغ بنغلاديش هذه الخطوة (أعلنتها في 13 ديسمبر)، “فسيفقد ما يقرب من 30 ألف طفل (من الروهنغيا) فرصة الحصول على التعليم”.

شاب روهينغي آخر، طلب عدم نشر اسمه حفاظا على سلامته، أفاد للأناضول، بأنه لم يتقدم لشغل أي وظائف في بنغلاديش، رغم تخرجه من إحدى جامعات البلد.

وأضاف: “هدفي هو الهجرة إلى أي بلد ثالث، حتى أتمكن من الدراسة أكثر، والحصول على وظيفة جيدة، والعمل من أجل مجتمعي”.

** التعليم الافتراضي

قالت الطبيبة أمبيا بارفين، وهي رئيسة “مجلس الروهنغيا الأوروبي”، للأناضول، إن التعليم “ليس ترفا، بل حق أساسي لكل إنسان بغض النظر عن المعتقد الديني أو الارتباط السياسي”.

اعتقلت بارفين من قبل المجلس العسكري في ميانمار عام 1981، مع والدتها وشقيقتيها، بعد أن فشل في تحديد مكان والدها، الذي كان يعمل كمهندس كيميائي في العاصمة السابقة للبلاد يانغون.

وذكرت: “طُرد والدي من وظيفته الحكومية لمجرد انتمائنا العرقي للروهنغيا، ثم فر إلى بنغلاديش خوفا من اضطهاد المجلس العسكري”، مضيفة أنه بسبب قراره السريع بالانتقال إلى مكان آمن، لم يتمكن من أخذ أسرته معه.

وأوضحت أن الجيش اقتحم منزلهم عندما كانوا أطفالا، واعتقلهم جميعا مع أمهم.

وأضافت: “بعد شهر، تم إطلاق سراحنا وتمكنا من الفرار من البلاد والوصول إلى بنغلاديش. ثم انتقلنا بعد ذلك إلى ألمانيا، حيث عشت على مدار الـ 16 عاما الماضية”.

وأفادت بأنه “إذا تلقى ما يقرب من 10 آلاف شاب من الروهنغيا في المخيمات البنغالية تعليما عاليا، فيمكن أن يعودوا بفوائد ضخمة لهم، وللعائلات، وللعالم بأسره”.

ولفتت أن التعليم هو “نقل ثقافتك وقيمك إلى الجيل القادم، لكن للأسف، نفشل نحن الروهنغيا في تزيين تاريخنا من خلال هذه الضرورة الإنسانية (التعليم)”.

واستطردت: “إذا تم حرمان سكان الروهنغيا من التعليم، فقد يتأثرون بارتكاب جرائم ويصبحون ضحايا للاتجار بالبشر”.

وحثت المجتمع الدولي وبنغلاديش على توفير فرص التعليم العالي عبر الإنترنت لأبناء الروهنغيا، لافتة أن الدول المتقدمة يمكنها تقديم منح دراسية للفئة الأكثر استحقاقا منهم.

واستدركت أن “مجرد توفير الطعام والمأوى، لن يكونا كافيين أبدا لضمان كرامة الأمة”.

** إغلاق مراكز التعليم

مفوض بنغلاديش لإغاثة اللاجئين والعودة إلى الوطن، شاه رضوان حياة، قال للأناضول، إنه “لم يتم إغلاق أي مراكز تعليمية في المخيمات لأطفال الروهنغيا”.

وأضاف: “لقد أصدرنا تعليمات بإغلاق بعض مراكز التدريب الخاصة فقط، حيث كان أطفال الروهنغيا يتعلمون اللغة البنغالية، وهناك أيضا مزاعم ضد تلك المراكز التدريبية بنشر التطرف”.

وذكر أن “هناك ما يقرب من 3 آلاف مركز تعليمي تديرها منظمات غير حكومية ووكالات أخرى داخل المخيمات بإذن من بنغلاديش”.

ونوه أن عددا كبيرا من أطفال الروهنغيا يتم تعليمهم هناك وفقا للمنهج الدراسي في ميانمار، “لكي يتمكنوا بعد العودة الآمنة والكريمة للوطن من مواصلة التعليم في وطنهم”.

وأوضح أن “هناك برنامج تجريبي قيد الإعداد لتعليم المزيد من أطفال الروهنغيا بالتعاون مع ( منظمة الأمم المتحدة للطفولة) يونيسف، حسب المنهج الدراسي في ميانمار”.

الاناضول

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: