د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

بين باطنيتهم وظاهريتنا أين الحقيقة؟

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

ما أغرب تصريح إيران بأن طوفان الأقصى انبعث ليثأر لاغتيال قاسم سليماني !! فهل يمكن أن تتخيلوا معي أن شخصا يصلي ويعطي وكالة لغيره باستحضار نيته في الصلاة ؟ وقد أحسنت حركة المقاومة الإسلامية إذ سارعت إلى نفي التصريح الإيراني والتأكيد على أن طوفان الأقصى ومثله كل عمل مقاوم سبقه لم تكن بواعثه إلا نصرة الأقصى الأسير والوقوف مع الحق الشرعي للشعب الفلسطيني المقهور في أرضه المغصوبة ، ولولا سرعة المقاومة في نفي هذا الهراء لأفضى إلى تشويه الطوفان والتشويش عليه ، فالنية في كل عمل هي أصل الحكم عليه ، أفيصلح أن يكون عمل بحجم الطوفان محصورا بنية الثأر لقتل رجل واحد حتى لو كان قائدا من قادة حماس ؟! أيصلح أن تفقد الأمة الراشدة رجلا فتشعر من حولها أن من بعده الطوفان ؟ وكم فقدت حماس من قادتها فما ضاعت البوصلة ولا فُقد السبيل !!
عمل بحجم الطوفان لا تحركه ردة فعل أبدا ، فردّات الفعل تتصف بالانفعال ، وطوفان الأقصى تخطيط جاء من بعده تنفيذ مطمئن واثق مضى في كنس هوامّ الأرض من الصهاينة وحرق دباباتهم وقلوب من بقي على قيد الحياة منهم ، لتظل مرارة الطوفان في حلوقهم حتى يلحقوا بصحبهم الذين نفقوا غرقا بهذا الطوفان المبارك .
ولا نغفل ما قرأناه صباح هذا اليوم من تصريح للحرس الثوري الإيراني لعَق الزعم الأول وأعلن أن طوفان الأقصى هو عمل فلسطيني خالص تخطيطا وتنفيذا !!
لكن لا بد أن نضع النقاط على الحروف في عدد من المستخلصات المهمة من التصريح الإيراني الأول :
١) كان طوفان الأقصى مفاجئا للجميع ، لم تُعلم به حماس أحدا من شركائها في المقاومة في غزة وخارجها ، أكد ذلك حسن نصر الله في خطابه الأول بعد الطوفان ، وبلهجة بررت عدم انغماسه في الساحة قال : إن حماس أرادت هذه المواجهة فلسطينية خالصة فلم تعلم أحدا بما تنوي أن تفعله . فهل يمكن أن نفهم التصريح الإيراني الأخير في هذا السياق ، وإيران هي الداعمة لوجستيا ومعنويا لحركات المقاومة ؟!
هل يمكن أن يكون تصريح إيران من باب إحراج حماس بحصرها في زاوية التلميذ الذي لا يصدر في فعله إلا عن تكليف معلمه بواجب من الواجبات ؟ إذاً فأين تذهب مواقف الإعجاب التي انبعثت تثني على مقاومة خططت ونفذت وتابعت بكل هذا النفَس الذي فاق في طوله أنفاس الصهاينة وسادَتِهم من شركائهم في غرفة عمليات الإبادة الجماعية لغزة وما فيها ومن فيها ؟ !
إن من أشار ببث هذا التصريح في وقت بلغت فيه قلوب الصهاينة الحناجر ليس خبيرا في الحرب النفسية بقدر خبرته بالمكر الباطني الذي لم ينسَ أبدا أن حماس ما لبثت تؤكد أنها لا تدفع لأحد ثمن مساعدتها ومدها بأسباب القوة ، وأن لها مشروعها المستقل الذي لا تسمح لأحد أن يتدخل في رسم معالمه مهما كان له من يد على المقاومة ، فجاء هذا التصريح الإيراني محاولا أن ينسف استقلال حماس ويعلن ولاءها لميّت قتله الصهاينة ومضى على رحيله زمنٌ ليس باليسير ، وسرعان ما أجهِضت هذه المحاولة الآثمة بتكذيب حماس الخبر جملة وتفصيلا ، مما أجبر الإيرانيين على سحبه لاحقا .
٢) كل عارف بجوّ المقاومة الفلسطينية يعلم علم اليقين أنها لا تباع ولا تشترى ، وبرغم محاولات التطويع والتركيع من القريب والبعيد لم تنثنِ هذه المقاومة عن أهدافها فحوربت ممن يفترض أنهم شركاؤها في القضية وامتلأت بأتباعها سجون الضفة ، وحوربت نشاطاتها الخيرية والاجتماعية والطلابية ، ومنعت من إعادة محاولة خوض انتخابات برلمانية كان المرجح أن تكسبها ، ذلك كله لم يحملها على المهادنة ولا اتباع الطرق الديبلوماسية في محاولة تقوية موقفها ، بل اعتمدت على رصيدها في قلوب المتعطشين للحرية بعيدا عن سجون القريب ومقاصل البعيد ، وانتقلت الحرب عليها لتشمل العالم العربي كله فيستهدف غالب المقيمين على أراض عربية من أتباعها ولو كان وجوده بتنسيق مسبق ، في هذه الأجواء احتضنت إيران المقاومة ، لكنها بباطنيتها ورغم علمها بثبات حماس على مبادئها حاولت أن تجرّ اللحاف إلى طرفها وهي (البردان) من عواصف الغرب الذي أزعجه تدثر حماس بردائها ، فلماذا لا تضرب عصفورين بحجر واحد : تسجل نقطة في مرمى الغرب بأنها قادرة على توظيف (أدواتها) لإزعاجه من جهة ، وتدعي ولاء هذه القوى التي تزعم أنهم أدواتها -واهمة- لمشروعها ورجالاتها ، من جهة أخرى .
٣) واقع قبول المقاومة للدعم الإيراني وشكرها المتكرر لإيران يُسأل عنه العرب الذين فرطوا بهذه المقاومة ، وكلما تذكرت النموذج الصهيوني الذي أتى بمنظمة التحرير لتشكل سلطة قريبة منه جغرافيا عجبت من مكر يهود وبساطة بني قومي ، لقد آثر الصهاينة أن يوفروا على أنفسهم عناء الجهد الاستخباراتي المتابع لنشاط المنظمة الفلسطينية في مقر إقامتها بتونس وحيث ذهبت في بقاع الدنيا ليجعل المسافة قصيرة ، وليحقق أهدافا منها تعيين شرطي بعصا غليظة يضبط إيقاع تصرف الشعب الفلسطيني في الضفة ، وينصّب منهم من يعمل بإذنه ضابط إيقاع بكل أشكال الحرية على الأرض الفلسطينية ، هذا النموذج عجز عن تطبيقه بنو قومي مع حماس ، ففي حين كانت مكاتبها مفتوحة رسميا في حضننا وكانت الرقابة عليها سهلة والتنسيق معها أسهل ، جاءت الأوامر بإبعادها وضربها ب(الشلوط) في الجوّ لتكون أمام خيارين : أحدهما أن تسقط على الأرض فتتكسر وتندثر ، والآخر أن تقع في حِجر من أرخى لها حِجره وهي تهوي من علٍ فتقبل ذلك كي لا يُسَجّل عليها أنها انتحرت ، وهكذا كان صاحب الحِجر إيران ، وكان صاحب (الشلوط) الأهل والجيران ، ثم قالوا لها : يا مجرمة لماذا ارميتِ في حضن خصمنا ؟
أليس هذا منطق المثل : (صحيح لا تقسم ومقسوم لا تأكل وكُل حتى تمتلئ) ؟!!
٤) إذا رست سفينة الطوفان سيكون الوقت تأخر كثيرا على مراجعة عربية وإسلامية كانت مهمة لكل أشكال التعامل مع المقاومة الشريفة التي أقنع أعداؤنا حلفاءهم من العرب أنها خنجر في خاصرتهم ، وأنهم يخافون عليهم منها ، الأمر الذي حرمهم من دفء التعامل مع هذه المقاومة خيارا لعزهم ومنعتهم في سياستهم لشعوبهم ، فالشعوب تحب العزة ورموزها بالفطرة وتكره التخاذل ورموزه كذلك ، ويوم يحتاجون للشعوب سيكون الوقت قد تأخر لفهم المثل الشعبي القائل : (يا مسترخص اللحم عند المرق تندم) ، وعلى كل مسترخص أن يراجع حساباته، فلئن مضى أكثر الوقت فقد بقي بعضه ، فعسى أن يدرك من فاته بعض ما فاته ، وإلى الله ترجع الأمور .

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts