د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

بين موسى وفرعون

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

أرسل الله تعالى رسله مؤكدين حقيقة التوحيد، كاسرين أصنام البشر والحجر والشجر، فما من طاغية يستعبد الناس لهواه أو يطوعهم لصنم يُجسّده إلا كان خصما للأنبياء ونبوتهم، لقد انبرى إبليس لآدم عليه السلام، وانبرى فرعون لموسى عليه السلام، وانبرى أبو جهل لمحمد عليه الصلاة والسلام، فكانت الحجة هي الحجة، وكانت الفلسفة هي الفلسفة: “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”، ويمتد هذا المنطق  السراب ليعيش بيننا متجسدا في كل طواغيت الأمة الذين استخفوا قومهم فأطاعوهم، فصاروا لهم خدما وعلى مزابلهم ناعقين، فاستمدوا فجور قوة من قوتهم، وصلابة في الباطل من أنفاسهم، وصارت لهم أجهزة بها يبطشون، وفي سبيلها يستعلون، وبقدر سفالتها ينحدرون.

لقد استقر الأمر هكذا: حق يستعلن وباطل يستلعن، حق يجاهد وباطل يجاحد، حق يجذب وباطل يكذب، وليس الكفر والجحود هو الذي يحمل صفة الباطل، بل يحملها أصحابه، فللحق حمَلَة بررة، وللباطل حمَلَة فجَرَة، ولقد شرف الله أهل الحق بانتسابهم إليه، فإنه هو الحق سبحانه، وبكّت أهل الباطل بنسبتهم إلى إبليس فإنما هو حامل لوائهم في جهنم.

ولقد أنعم الله على ثلة من عباده بنعمتين: نعمة اتباع الهدى ونعمة محاربة الباطل، فاستحقوا رتبة الجهاد والمقاومة وأخذوا موقع “الواو” في قوله سبحانه: “تُرهبون”،كما رجع خصمهم بلقب “عدو الله وعدوكم”!!

سيظل مثَل موسى وفرعون حيا في وجدان المؤمنين ما تعاقب الليل والنهار، وسيظل ما يفرح موسى يفرحهم وما يحزن فرعون يفرحهم، فإنْ شاخ فرعون وحمل أثقال أمراضه على عاتقه سرهم علّ بَعدَه يكون الخلاص، وما هم بموت عدوهم شامتين، لأن الموت ليس عاقبة تصيب عدوا وتدع صديقا، ولكنهم يفرحون بأمارات ما بعد الموت الذي يغيب غماما أسود كان يحاول أن يطمس الشمس، وأن يحاكي حال قلبٍ ميتٍ في جسد أمة تبحث عن الحياة بأسمى معانيها عبودية لله وسيرا على خُطا مصطفاه. وإن كرم الله أبلغ من أمانينا، ففرعون يستحق ألا يموت حتف أنفه من غير صخب، إن ما ينتظره من الغرق يتناسب مع جريمته التي كان يقارفها،  فلقد حاول أن يغرق أمة في بحر باطله وجهالته، فأغرقه الله في ظلمة بحر لجّي، وكتب عليه من الفضيحة ما لم يكتب على غيره “فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية”!!

فليعش فراعنة العصر ما شاء الله أن يعيشوا فإن الله بالغ أمره، ولئن سحروا أعين الناس واسترهبوهم مدة من الزمان فلقد أتبع الله سحرهم عصا موسى التي وضعها سبحانه في يد كل صاحب حق يكشف بها السحر ويبطل أثره، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

بقي أن أذكّر نفسي وكل من يقرأ كَلِمي بأن كثيرا ممن تعاني منهم الأمة اليوم لا يبلغون رتبة فرعون، ولكنهم بعض جنده وأتباعه التافهين، وإن أمرهم لأهوَن من أمر فرعون في نفوس العارفين.

فيا كل من عمل صبيا من صبيان فرعون في هذه الحقبة من عمر أتباع النبوّة، يا كل من خذل الأقصى وفلسطين، وباع الأمة برتبة “حارس عمارة” خلعها عليه الصهاينة وأولياؤهم مقابل أجرة زهيدة -لو علم- رموا بها فتات موائدهم إليه ليذلوه، واستعملوه خرقة تصيب من الجسد ما يستحيي الحرّ أن يذكره، يا هؤلاء ما أنتم بالذين يقوون على ثني القدر عن بلوغ ساعة القضاء، وسيظهر على باطلكم من يقرؤون في صلاتهم “لا نفرق بين أحد منهم”، فما رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلا متممة الرسالات، وما فرعون الغريق إلا أصل فرعنة أبي جهل الزنديق، وما مصير هذا إلا مثل مصير ذاك، ومن لم يرَ النصر في الأفق فليراجع طبيب العيون فإنه مريضها، وطبيب القلوب فإنه عليلها، وبهذين تصح الرؤية وتستحكم الرواية، فاعتبروا يا أولي الأبصار”، “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts