تضخم صارخ وركود يلوح في الأفق.. كيف سيكون أداء الاقتصاد العالمي في 2023؟

تضخم صارخ وركود يلوح في الأفق.. كيف سيكون أداء الاقتصاد العالمي في 2023؟

البوصلة – بينما لا يزال العالم يعاني من تأثير جائحة كوفيد-19، وعوائق سلسلة التوريد، والصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، يتعرض الاقتصاد العالمي مرة أخرى لضربة موجعة: تضخم يتزايد أكثر فأكثر، وركود يلوح في الأفق.

لمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار، ترفع البنوك المركزية معدلات الفائدة. ولكن إذا استمرت عملية رفع معدلات الفائدة بهذه السرعة، ربما يؤدي ذلك إلى حدوث انكماش اقتصادي. فلماذا يعد هذا الجانب مهمًا؟ وما الجهة الملامة؟.. فوربس الشرق الأوسط تشرح الإجابة.

ما هو التضخم؟

يعد التضخم معدل الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية معينة. وفقًا لصندوق النقد الدولي (IMF)، فإن التضخم عادة ما يكون مقياسًا واسعًا، مثل الارتفاع الكلي في الأسعار أو ارتفاع تكلفة المعيشة في بلد ما.

رفعت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم معدلات الاقتراض الرئيسية، لمكافحة ارتفاع الأسعار الناجم عن الوباء، بسبب اضطرابات سلسلة التوريد، وارتفاع تكاليف الشحن، وسوء الأحوال الجوية.

ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة بنسبة 0.25% في 17 مارس/ آذار 2022 – وهي أول زيادة له منذ عام 2018، كما حذر من زيادات متوقعة قادمة لِما تبقى من عام 2022.

في يونيو/ حزيران، أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي عن أكبر رفع لمعدلات الفائدة منذ عام 1994، ورفع معدل الاقتراض بنسبة 0.75%، في إشارة إلى أن البنك المركزي كان يكافح لكبح جماح ارتفاع التضخم.

كما قام بثلاث زيادات إضافية في معدلات الفائدة بنسبة 0.75% قبل أن تتباطأ إلى 0.5%، وهي الزيادة الأخيرة لعام 2022 التي تم الإعلان عنها في 14 ديسمبر/ كانون الأول.

أعلن بنك إنجلترا (BoE)، في 15 ديسمبر/ كانون الأول، عن رفع معدلات الفائدة للمرة الثامنة والأخيرة هذا العام، ورفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 3.50%، وأشار إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من سياسات التشدد في عام 2023 لكبح جماح التضخم. يمثل هذا الارتفاع تباطؤًا عن الزيادة بنحو 75 نقطة أساس في نوفمبر/ تشرين الثاني.

في نفس اليوم، أعلن البنك المركزي الأوروبي (ECB) أيضًا عن رفع معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ولكنه اختار زيادة أقل من الزيادة البالغة 75 نقطة أساس في أكتوبر/ تشرين الأول. ومع ذلك، أكد البنك أنهم يحتاجون إلى مزيد من الزيادات في معدلات الفائدة لمواصلة كبح جماح التضخم.

مصدر الصورة: Westlight/ Shutterstock.com

قال العضو المنتدب ومحلل التجزئة في شركة البيانات والأبحاث (GlobalData)، نيل سوندرز، لفوربس الشرق الأوسط: “يعد التضخم الآن مشكلة عالمية خطيرة”.

وأضاف: “لقد كان مرتفعًا لفترة طويلة، لذلك كان له تأثير كبير على إنفاق المستهلكين وثقتهم. كما أنه يؤثر في الشركات التي شهدت ارتفاعًا سريعًا في تكاليف كل شيء بدءًا من العمالة وحتى المواد الخام، ما يلقي بظلاله على أرباح تلك الشركات”.

وربما لا تشهد معظم الدول انخفاضًا في معدلات التضخم حتى العام المقبل.

قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، في مقابلة مع برنامج (60 Minutes) الذي يعرض على شبكة سي بي إس، إن معدلات التضخم سينخفض في الولايات المتحدة بنهاية العام المقبل، “ما لم تحدث أي صدمة غير متوقعة”.

ما سبب ارتفاع الأسعار؟

أثرت القيود المفروضة خلال جائحة كوفيد-19، والصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا في سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم، ما تسبب في استمرار حالة عدم اليقين في أسواق الغذاء والمواد الخام والطاقة.

أدى ذلك إلى خلق حالة من عدم اليقين بشأن إمدادات وتسعير الأغذية والطاقة على مستوى العالم، وفقًا لشركة البيانات والأبحاث (Euromonitor International).

خطر الركود

حذر البنك الدولي في تقرير سبتمبر/ أيلول من أن الاقتصادات في جميع أنحاء العالم ربما تواجه ركودًا في عام 2023، إذ تواصل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم رفع معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في العام المقبل.

وأشار التقرير إلى أن هذه الإجراءات وغيرها من إجراءات السياسة قد لا تكون كافية لإعادة التضخم العالمي إلى المستويات التي كان عليها قبل الوباء، مضيفًا أن المستثمرين يتوقعون أيضًا أن ترفع البنوك المركزية معدلات السياسة النقدية العالمية إلى نحو 4% حتى عام 2023، وهو ما سيكون أكثر بنقطتين مئويتين عن متوسط مستوى عام 2021.

قال البنك الدولي، إنه ما لم تتم السيطرة على اضطرابات الإمدادات وضغوط سوق العمل، فإن هذه الزيادات في معدلات الفائدة ربما تترك معدل التضخم الأساسي العالمي – باستثناء الطاقة – عند 5% في عام 2023.

قال سوندرز، إن الاقتصاد العالمي يواجه معدلات تضخم مرتفعة للغاية، وتوجد نسبة هائلة من ديون المستهلكين والشركات والحكومات وهو ما يدعو للقلق، كما أن ثقة الشركات والمستهلكين تجاه السوق منخفضة للغاية.

وأوضح أن “كل هذا يضيف صورة سلبية لأنه يشير إلى حدوث تباطؤ”، وأسرد: “نحن نشهد بالفعل قيام شركات كبيرة – بما في ذلك شركات التكنولوجيا – بتسريح الموظفين في محاولة للتكيف مع الأوضاع. إذ يكمن القلق في أننا يمكن أن نتعمق أكثر داخل حالة تباطؤ أو ركود إذا انخفض الطلب، ما يدفع السوق إلى مزيد من التسريحات”.

قال الاتحاد الأوروبي إنه يشهد الآن ركودًا بالفعل، وفقًا لبيان صادر عن المفوضية الأوروبية الشهر الماضي.

يساهم ارتفاع أسعار النفط الخام في التضخم لأنه يمثل مدخلاً اقتصاديًا رئيسيًا – مصدر الصورة: logoboom / Shutterstock.com

أشارت المفوضية الأوروبية إلى أنه: “من المتوقع أن تدفع حالة عدم اليقين المتزايدة، وارتفاع أسعار الطاقة، وتقلص القوة الشرائية للأسر، وظروف التمويل الأكثر صرامة، الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو ومعظم الدول الأعضاء إلى الركود في الربع الأخير من العام”.

عندما سُئلت يلين في مقابلة برنامج (60 Minutes) عما إذا كان هناك احتمال لحدوث ركود في الولايات المتحدة، قالت: “يوجد دائمًا مخاطر لحدوث ركود”، وأضافت: “أن الاقتصاد لا يزال عرضة للصدمات، وخطر حدوث ركود وشيك موجود، لكنه في وجهة نظري، ليس شيئًا ضروريًا لخفض التضخم”.

قال بنك إنجلترا، في نوفمبر/ تشرين الثاني، إن التضخم في المملكة المتحدة مرتفع للغاية ويضرب الناس بشدة.

وذكر أنه من المتوقع أن يكون الاقتصاد البريطاني في حالة ركود لفترة طويلة، وأن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي طوال عام 2023 والنصف الأول من عام 2024، قبل أن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بشكل تدريجي.

التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

قال سوندرز، إنه بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يمكن أن يكون التضخم مفيدًا، إذ أدى إلى ارتفاع أسعار النفط وزيادة التدفقات إلى اقتصاداتها.

وأضاف، مع ذلك، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لن تخرج من الأزمة سالمة، إذ من المتوقع أن يتباطأ النمو في جميع أنحاء المنطقة العام المقبل، وسيتأثر المستهلكون بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية الأخرى.

في نوفمبر/ تشرين الثاني، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في المملكة العربية السعودية، وهو مؤشر التضخم الأكثر شهرة، بنسبة 2.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

كما ارتفع بنسبة 0.1% مقارنة بشهر أكتوبر/ تشرين الأول، مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع أسعار الإسكان والمرافق والطاقة، وفقًا لتقرير صادر عن الهيئة العامة السعودية للإحصاء (GASTAT).

يتماشى هذا تقريبًا مع بيان صندوق النقد الدولي الصادر في أغسطس/ آب، الذي أشار إلى أنه على الرغم من ارتفاع أسعار السلع المستوردة، فإن التضخم في السعودية سيكون عند 2.8% في عام 2022، إذ شدد البنك المركزي سياسته بما يتماشى مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

وأشار صندوق النقد الدولي (IMF) أيضًا إلى أن الاقتصادي السعودي من المقرر أن ينمو بأسرع وتيرة له منذ عقد هذا العام وسط إصلاحات وارتفاع حاد في أسعار النفط.

فوربس

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: