“جيش سورية الحرة”: لا تنسيق مع “قسد” أو “الجيش الوطني”

“جيش سورية الحرة”: لا تنسيق مع “قسد” أو “الجيش الوطني”

أفرزت التطورات الأخيرة شرقي سورية، لا سيما من خلال التحشيد والتحشيد المضاد من قبل القوات الأميركية وحليفتها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من جهة، والنظام ومليشيات تابعة إلى إيران من جهة أخرى، تكهنات حول إمكانية تسجيل تحالفات جديدة في سورية.

وتداولت وسائل إعلام محلية أخباراً، أخيراً، حول تنسيق بين “جيش سورية الحرة”، شريك التحالف الدولي والذي ينشط ضمن قاعدة التنف التابعة للتحالف عند مثلث الحدود السورية – الأردنية – العراقية، وبين “قسد”، الشريك الآخر للتحالف والقوات الأميركية في سورية لمحاربة تنظيم “داعش”.

تقارير عن إرسال “الجيش الوطني” مقاتلين إلى التنف

وتضمن ما جرى تداوله الإشارة إلى نية فصائل “الجيش الوطني السوري” إرسال مقاتلين إلى قاعدة التنف العسكرية لتلقي تدريبات بالاشتراك مع “جيش سورية الحرة” بتنسيق أميركي – تركي. كما تداولت وسائل الإعلام تلك أنباء تُشير إلى نقل قوات التحالف مقاتلين من “جيش سورية الحرة” إلى قاعدتي حقل العمر النفطي وحقل كونيكو للغاز، لتلقي تدريبات عسكرية بالاشتراك مع “قسد” بريف محافظة دير الزور.

وفي حين يبدو أن أي تنسيق أو تفاهم أو تفاوض على ذلك بين “جيش سورية الحرة”، الذي كان يعرف سابقاً بـ”جيش مغاوير الثورة”، وبين “قسد”، أمراً منطقياً، نظراً لتلقي كل منهما الدعم من أميركا، وعدم وجود اختلاف كبير بالعقائد بينهما، لكن الأخبار التي جرى تداولها عن إمكانية التنسيق بين “جيش سورية الحرة” و”قسد” و”الجيش الوطني”، المدعوم من تركيا، طرحت تساؤلات حول مدى واقعيتها لاعتبارات عدة.

لا تنسيق بين “سورية الحرة” و”قسد”

ونفى قائد “جيش سورية الحرة” العقيد محمد فريد القاسم، في حديث لـ”العربي الجديد”، الأنباء المتداولة عن وجود أي تنسيق بين “جيش سورية الحرة” و”الجيش الوطني السوري” المعارض.

وبيّن القاسم أنه “لا يوجد أي تنسيق بيننا وبين أي قوة أخرى في الوقت الحالي”، موضحاً أنه “في الوقت الراهن، لا يوجد أي نية لهذا الأمر، فقواتنا تكفي وهي مدربة بشكل ممتاز”.

وأشار القاسم إلى أن “جيش سورية الحرة لم يرسل أي قوات خارج منطقة الـ55 كيلومتراً”، وهي حرم قاعدة التنف ومحيطها اللذين ينتشر فيهما الفصيل.

وأضاف: “إلى الآن لا يوجد أي تنسيق بيننا وبين قسد، أقله على المستوى المطروح في الإعلام”، لافتاً إلى أن “خطط جيش سورية الحرة هي تأمين حماية المنطقة ودعم الاستقرار فيها ليعيش المدنيون بكرامة والاستعداد للدفاع عنها ضد أي اعتداء”.

الاستفزازات فوق التنف: ضغط روسي لتغيير قواعد الاشتباك بسورية

وقال القاسم إنه “جرى طرح، عبر أشخاص، مسألة التواصل مع قسد، وهؤلاء الأشخاص قسم منهم في مناطقنا وقسم آخر في المناطق التي تسيطر عليها قسد، لكن لم يرق الأمر للتواصل رسمياً أو من خلال القيادات”.

وحول تعليقه على الأخبار المتداولة، ومنها ما كان بناء على تصريحات سابقة له حول إمكانية التنسيق، قال القاسم: “كانت رسالة لجميع الفرقاء في سورية للعمل على مشروع واحد، ولم تكن إعلان تنسيق، لكن إلى الآن لم نلحظ أي نتائج”.

يأتي كل ذلك بالتزامن مع وصول تعزيزات إيرانية إلى البادية السورية، أي بالقرب من مناطق نفوذ “جيش سورية الحرة”. وأشار القاسم إلى أن “المليشيات التهديدية التابعة لإيران موجودة بالفعل في أنحاء سورية، وعملت على التغيير الديمغرافي والديني، وهي دائماً تشكل تهديدات للسوريين في كل المناطق السورية”، مشدداً على أن “أي اعتداء على المنطقة سيُرد عليه بكل الوسائط المتاحة”.

وقال إن “جيش سورية الحرة مستمر في تدريب وتجهيز قواته من أجل أن نكون مستعدين لأي عمليات مستقبلية بالرغم من كل التهديدات والمخاطر”. وحاولت “العربي الجديد” التواصل مع قيادة “قسد” للحصول على جواب حول وجود تواصل أو إمكانية إقامة تنسيق مع “جيش سورية الحرة”، لكن من دون تلقي أي ردود، فيما رفض بعض المسؤولين في “قسد” الإجابة على أي استفسار بهذا الشأن.

وقال الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، لـ”العربي الجديد”، إن أي علاقة مفترضة مستقبلياً بين الأطراف المحلية في سورية تتمحور حول علاقة الأطراف الخارجية بعضها ببعض ومباحثاتها للتوصل إلى أي تفاهمات.

وأشار إلى أن “هناك مصالح مشتركة بين قسد والأميركيين، وأخرى بين جيش سورية الحرة والأميركيين، كما أن هناك مصالح مشتركة بين فصائل المعارضة شمال غربي سورية والجانب التركي، وهناك مباحثات بين تركيا وأميركا”. ولفت إلى أن “تطور هذه المباحثات ووصولها إلى تفاهمات قد ينعكسان على الأطراف المحلية ويخلقان فرصاً، خصوصاً بين جيش سورية الحرة وفصائل المعارضة شمال غربي سورية”.

العلاقة بين فصائل المعارضة و”قسد” مستبعدة

وأضاف أن “العلاقة بين فصائل المعارضة السورية وقسد أمر مستبعد، والقضية معقدة جداً، وتحمل الكثير من الإشكاليات التي من الصعب حلها بهذه السهولة”.

وكان “جيش سورية الحرة” أشار، في 3 أغسطس/ آب الحالي، إلى أن “روسيا بدأت في التحليق بقوة فوق منطقة الـ55 كيلومتراً”، لافتاً إلى أن “روسيا تواصل زعزعة الاستقرار وتهديد السكان في المنطقة، وقد أرعبت هذه الطلعات الجوية السكان المحليين”. كما أجرى الفصيل، مطلع يوليو/ تموز الماضي، بالاشتراك مع قوات التحالف الدولي ضد “داعش”، مناورات عسكرية تدريبية استمرت عدة أيام، وامتدت على طول منطقة الـ55 كيلومتراً.

وتضمنت تلك المناورات تدريبات استطلاعية ودفاعية بالذخيرة الحية، وشملت التدريب على تعقب وإزالة تهديدات “داعش” لمنعه من تهديد السكان في المنطقة. وتأسس “جيش سورية الحرة” تحت اسم “جيش مغاوير الثورة” في مايو/أيار من 2015 بدعم وإشراف وتدريب من التحالف الدولي بقيادة أميركا تحت قيادة العقيد مهند الطلاع المنشق عن قوات النظام، ومهمته الرئيسية حماية حرم “منطقة الـ55” التي تضم قاعدة التنف عند التقاء مثلث الحدود السورية – الأردنية – العراقية من البادية السورية بريف حمص الشرقي، التي أسسها التحالف في 2014، بالإضافة إلى مخيم الركبان للنازحين الواقع ضمن حرم المنطقة.

ورغم أن القاعدة أنشئت بهدف دعم فصائل “الجيش السوري الحر” في مواجهة “داعش” شرقي سورية، إلا أن من مهامها كذلك قطع الطريق أمام المليشيات التي تدعمها إيران، والآتية من العراق نحو دمشق، أو بالعكس، لإعاقة تحركها في البادية السورية أو قرب منطقة التنف.

ورغم أن الفصيل تم تجميده وتقليص أعداده منذ نهاية العام 2017 بعد تسريح معظم العناصر، إلا أن المناورات التي أجراها التحالف بالمشاركة معه صيف العام 2019، أعادته إلى الواجهة بعد فتح الانتساب مجدداً إلى صفوفه، وتدريب المنتسبين الجدد في الأردن، مع تخصيص دعم من ميزانية وزارة الدفاع الأميركية لتسليحه ودعمه من جديد.

(العربي الجديد)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: