خبيرة تربوية تعلق على امتحان التوجيهي: حكايةٌ لا تنتهي

خبيرة تربوية تعلق على امتحان التوجيهي: حكايةٌ لا تنتهي

عمّان – البوصلة

قالت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة“: إنّ التوجيهي حقًا حكايةٌ لا تنتهي، ولن تنتهي طالما أنَّ الاهتمام ينصبُّ بشكلٍ كبيرٍ ولافت على هذه المرحلة دون غيرها، حتى لو سمعنا أخباراً عن بقية المراحل في بعض الأوقات، حتى أحاديثي وكتاباتي بت أخشى عليها أن تقتصرَ على امتحان الثانوية العامة “التوجيهي”، إذ أنَّ في جعبتي الكثير من الأفكار التي ينبغي إلقاء الضوء عليها، وفي لحظةٍ واحدة يتغيرُ المسار، لأعودَ للكتابة والحديث عن التوجيهي!

وأضافت عربيات بالقول: إن من يتابع مشهد التعليم بشكلٍ عام يلتفتُ دون تفكير لهذه المرحلة لما فيها من مفاجآت، علماً بأن هناك إمتحانا دوليا في المرحلة الأساسية الوسطى لمبحث الرياضيات واللغة العربية وأحياناً العلوم – ومنذ سنوات – ونتائجه تشير إلى وجود فقرٍ في التعلُّم، وعلى الرغم من ذلك يترفعُ الطلبة للمرحلة التالية، حتى يبدأُ ضجيج إمتحان الثانوية العامة.

المستشارة بشرى عربيات: لسنا بحاجة لفوضى التوجيهي لعامين متتاليين

 واستدركت: لذلك لا بد لنا من الإعتراف أن معظم الطلبة لا يستحقون الوصول إلى الثانوية العامة وإلى الجامعات، هل يُعقل أن ينتشرَ خبر يفيدُ بأنَّ معظم الطلبة استغرقوا خمسًا وأربعين دقيقة في محاولة حل السؤال الذي تمَّ الإعتراض عليه؟ هذا ما يُطلق عليه علمياً بـ ( مغالطة التعميم المتسرع )، فمن الذي عرف عدد الطلبة الذين واجهوا صعوبةً في هذا السؤال أو غيره؟! وإذا كان الأمرُ كذلك، فهذه مصيبة أخرى في عملية إدارة وقت الإمتحان!

وتابعت الخبيرة التربوية بالقول: أريد أن أتحدث كمتخصصة في الفيزياء، مع خبرة طويلة في تدريس الفيزياء للمرحلة الثانوية إضافة إلى خبرة أخرى للبرامج الأجنبية، وفي كل عام أقوم بتحليل أسئلة الفيزياء – الإمتحان الذي يثيرُ ضجةً إضافة للرياضيات – فأجدَ أن أفكار جميع الأسئلة لا تخرج عن الكتاب المدرسي.

وأضافت أنّ الفكرة قد تكون واردة في مثال أو سؤال داخل الكتاب، أو مما بين السطور، ذلك لأن المطلوب من الطلبة الدراسة من الكتاب المدرسي فقط، وبناءً على هذا فإنَّ الأسئلة لا تخرج عن إطار الكتاب، أو بمعنى أوسع المنهاج، ذلك لأنَّ المواد العلمية تشبه البناء المكوَّن من عدة طوابق، فلا بدَّ للطلبة البناء المعرفي بالإعتماد على السنوات السابقة، هذا هو التعليم المتميز، لكننا نرى ونسمع – للأسف – إعتماد الطلبة على دوسيهات (س) أو ( ص ) ، ومؤخراً على الصفحات الإلكترونية للمعلم هذا أو ذاك!!

وقالت عربيات: هنا أودُّ أن أقول للجميع، أن كل تجارة رابحة ما عدا التجارة في العلم والدِّين، نحنُ في زمنٍ كثُرَ فيه تجار العلم والدين – للأسف الشديد – لكني سوف أركز على تجار العلم لخصوصية الموضوع، إبتداءً من المدارس التي تمتلك مراكز بأسماءٍ وهمية، وتتقاضى أقساطاً مضاعفة من الطلبة، والأسوأ أن نفس المعلمين والمعلمات هم من يقومون بالتدريس في تلك المراكز، وهناك مدارس لا يملكون مركزاً لكنهم يقومون بتوجيه الطلبة إلى مراكز معينة، هذا يحدث في المدارس الحكومية وفي بعض المدارس الخاصة أيضاً، لكن واضعي الأسئلة لا يعتمدون سوى الكتاب المدرسي فإذا لم ينتبه أولياء الأمور سنرى فوضى في كل عام.

ولفتت إلى أنّ هناك نقطة هامة تستحق النقاش ألا وهي أن بعض طالبات الثانوية العامة تذهب لقاعة الإمتحان بكامل زينتها – حتى أنها لا تنسى الرموش الصناعية – هذه الفئة تكون مستعدة للقاء تلفزيوني قبل أو بعد الخروج من قاعة الإمتحان، والمؤسف أنَّ هذه الفئة بصحبة الأمهات في الشارع، نرى مشاهد يندى لها الجبين، إضافةً إلى الصراخ بصوتٍ مرتفع، فأين التربية قبل التعليم؟ ناهيك عن الضحك بصوتٍ عالٍ في اليوم الأخير للإمتحانات ” البنات برفقة الأمهات”، فأينَ التربية أيتها الأم التي تتصرفين مثل المراهقات في هذه الأوقات؟

وتابعت: مما لا شك فيه أن فوضى مواقع التواصل الإجتماعي زادت الأمر سوءاً، لأن حكم أي طالب لا يمكن أن يؤخذُ به لحظة خروجهم من قاعة الإمتحان، لذلك أتمنى أن يتم منع وصول أي أحد للطلبة للتسجيل معهم لحظة مغادرة قاعة الامتحان، لأنه من الواضح أن الطلبة يستعطفون الرأي العام، بالتالي يثيرون فوضى بدون وجه حق.

 وقالت عربيات: في هذا المقام أشكر إدارة الإمتحانات أنها ذكرت رقم سؤال الرياضيات قبل أيام، ورقم الصفحة في الكتاب – حتى لو كان كما قيل أنه في نسخة تجريبية سابقة – ، وذلك حتى يتأكد الطلبة أنه لا شيء مطلوب منهم سوى الكتاب المدرسي، ذلك لأن تجارة الدوسيهات والأوراق أثقلت كاهل أولياء الأمور مادياً، وعملت على تشتيت أفكار الطلبة علمياً ومعرفياً.

ولفتت الخبيرة التربوية إلى أنّ هناك ملاحظة تستحق الاهتمام وهي إعلان أنَّ التوجيهي سيكون على سنتين إبتداءً من العام الدراسي القادم، والذي أتمنى إعادة النظر بشأنه، ذلك لأننا لسنا بحاجةٍ إلى فوضى التوجيهي لعامين متتاليين، ناهيك عن كلف المراقبة والتصحيح التي بالضرورة سوف تتضاعف، والنتيجة واحدة لكل طالب مهما تغيرت أساليب الإمتحان، أيضاً أودّ الإشارة إلى إنَّ الضجة التي أثيرت حول سؤال مقالي في الرياضيات، وهذا يدلُّ على أنّ الطلبة استهانوا بالإمتحان منذ أن أصبح نمط الأسئلة إختيارًا من متعدد، لذلك أتمنى على المسؤولين إعادة النظر في هذين الأمرين.

وختمت حديثها بالقول: أما بالنسبة للمعلمين والمعلمات أقول، إنَّ البركة في الرواتب تكون بالإخلاص في العطاء، وليست في المبالغ التي يتم جمعها من بيع الدوسيهات – والتي معظمها نسخ ولصق من الكتاب المقرر – ولا تكونوا أحد أسباب هذه الفوضى المجتمعية، فأنتم وأولياء الأمور عليكم عبء كبير ألا وهو التربية قبل التعليم.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: