خبير إقتصادي يكشف من هو المتضرر في الحرب بين التضخم وأسعار الفائدة

خبير إقتصادي يكشف من هو المتضرر في الحرب بين التضخم وأسعار الفائدة


البوصلة – محمد سعد

بينما يتجه الإقتصاد العالمي لتسجيل تضخم في 2022 يتجاوز 9 بالمئة مقارنة مع 2021، فإن غلاء الأسعار المرافقة لزيادات أسعار الفائدة ستنتقل إلى 2023، مع تعثر جهود خفض الأسعار لمستهدفات 2 بالمئة.

يأتي ذلك، بينما تتصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية سواء بين روسيا والغرب أو بين الولايات المتحدة والصين ما يهدد بعودة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين عالميين.

وقال الخبير الإقتصادي منير دية، “رغم الارتفاعات المتتالية لاسعار الفائدة والتي قام بها الفيدرالي الأمريكي وتبعته معظم البنوك المركزية في العالم لكبح جماح التضخم الا ان نسب التضخم لا زالت مرتفعة وعند مستويات قياسية في معظم الدول”.

خلال العام الماضي نفذ أكثر من 33 بنكا مركزيا زيادات متسارعة على أسعار الفائدة، بهدف كبح جماح التضخم المستعر، بقيادة الفيدرالي الأمريكي الذي نفذ 7 زيادات متتالية، وبنك إنجلترا 9 زيادات.


واكد دية في تصريحات لـ “البوصلة“، أن المؤشرات تتجه الى مزيداً من رفع أسعار الفائدة خلال الشهرين القادمين من العام الحالي ٢٠٢٣ لتصل أسعار الفائدة على الدولار لنحو ٥٪؜ كما سيستمر المركزي الأمريكي بالحفاظ على سياسته النقدية المتشددة خلال العام الحالي والإصرار على رفع تكاليف الاقتراض لخفض التضخم الى ما يقرب ٢٪؜ ويبدو ان هذا الهدف بعيد المنال وغير قابل للتحقيق خلال هذا العام في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية”.

وأضاف، ” اشتداد المعارك حول العاصمة الأوكرانية كييف سيدفع الناتو للتدخل وتشديد العقوبات المفروضة على روسيا بصورة اكبر مما سيعقد سريان الاتفاقيات التي تمت بين روسيا ودول العالم وخاصة اتفاقية إسطنبول لنقل الحبوب وامدادات الغاز والنفط الروسي وبالتالي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء مجدداً”.

ويشير تقرير حديث صادر عن S&P Global Market Intelligence، أن جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والصدمات الجيوسياسية الأخرى ستستمر في التأثير على الاقتصاد العالمي حتى عام 2023.

وهناك خمسة موضوعات شاملة ستشكل السياسة الاقتصادية في 2023، وهي: النزاعات التي لم يتم حلها، وأمن الطاقة، واضطرابات سلسلة التوريد التي ستظل عرضة لنقص العمالة والموارد، وتحول أسواق العمل مع تجاوز الطلب للعرض، والركود المحتمل في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية.

وفي وقت سابق من 2022، كان لدى العديد من المديرين الماليين نظرة قاتمة للظروف الاقتصادية في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا في أعقاب الظروف الجيوسياسية التي تلوح في الأفق وارتفاع التضخم.

وتوقع دية، أن تتأثر كميات الإنتاج ووقوع خللاً في سلاسل التوريد في العام الجاري بسبب المواجهة الاقتصادية بين الصين وأمريكا وانتشار فايروس كورونا في الصين والضغط المتزايد على النظام الصحي هناك، مما سيؤثر على أسعار السلع.

وحذر من نتائج عدم نجاح “معركة العالم ضد التضخم” أنه قد يدفع كثير من إقتصاديات ألعالم الى الركود وانخفاض نسب النمو وزيادة أعباء المديونية على الدول والافراد وسيدفع الفقراء ضريبة قاسية مع ازدياد تكاليف المعيشة و ارتفاع أسعار الوقود والغذاء واستمرارها الى فترات طويلة.

وأعلنت عديد البنوك المركزية كالفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا أن وتيرة التضخم ستصاحب الاقتصاد العالمي في العام 2023.

يتزامن ذلك مع استمرار طلب المستهلكين المفرط بعد جائحة كورونا ومخزونات التجزئة المتضخمة والمعركة ضد التضخم التي تلقي بثقلها على النمو في عام 2023.

وأشار الخبير الإقتصادي إلى أن البلدان النامية التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير سيزيد الضغط عليها بسبب بقاء نسب التضخم وأسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، موضحاً، ” أن هذا سيرهق ميزانياتها بسبب ندرة الدولار وارتفاع تكاليف خدمة الدين العام وانخفاض قيمة عملاتها المحلية مقابل الدولار مما سيخلق دولاً متعثرة وغير قادرة على السداد وبالتالي اعلان افلاسها” .

ورغم أن الهدف الرئيس لزيادة أسعار الفائدة هو كبح التضخم، إلا أن تبعات قرارات غالبية البنوك المركزية أثرت سلبا على اقتصاداتها وتوقعات النمو.

تعني زيادة أسعار الفائدة أن الطلب على القروض سيصبح أقل، وبالتالي ضخ السيولة النقدية لغرض الاستهلاك أو الاستثمار ستتضاءل، وبالتالي فرص عمل أقل، وظهور مؤشرات أكبر على التباطؤ الاقتصادي، بحسب ما ذكرت وكالة الأناضول التركية.

ولفت دية إلى ان المواطن المستهلك في انحاء العالم هو من سيدفع ثمن الحرب القائمة بين البنوك المركزية العالمية ونسب التضخم المرتفعة، مؤكداً أنه اذا زاد التضخم ارتفعت تكاليف المعيشة واذا زادت الفائدة ارتفعت تكاليف الاقتراض وفي كلا الحالتين المستهلك هو المتضرر .

معدلات الفقر تواصل ارتفاعها في 2023

توقع صندوق النقد الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي أن يتباطأ النمو العالمي من 6.0% في عام 2021 إلى 3.2% في عام 2022، و2.7% في عام 2023. يعد هذا هو أضعف معدلات النمو منذ عام 2001 باستثناء الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحادة لجائحة كوفيد-19.

كذلك توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع معدل التضخم العالمي من 4.7% في عام 2021 إلى 8.8% في عام 2022، في حين سينخفض إلى 6.5% في عام 2023 وإلى 4.1% بحلول عام 2024.

قال فان تروتسنبرغ، مدير العمليات بالبنك الدولي، لشبكة CNBC، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: “نرى أن معدلات الفقر المدقع ستزيد مرة أخرى.. إن عدد الأشخاص الذين يعيشون على 7 دولارات في اليوم يمثل 47% من سكان العالم [الذين يعيشون] في فقر”.

أوضح البنك الدولي في تقريره عن الفقر: “شكلت جائحة كورونا أكبر انتكاسة لجهود الحد من الفقر في العالم منذ عقود، وكان التعافي متفاوتًا. وبنهاية عام 2022، سيبلغ عدد من يعيشون في فقر مدقع 685 مليون شخص، ما يجعل عام 2022 ثاني أسوأ عام على مستوى جهود الحد من الفقر في العقدين الماضيين (بعد عام 2020)”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: