خبير اقتصادي يحذر من استمرار ربط قطاع الطاقة بمزاجية المسؤولين

خبير اقتصادي يحذر من استمرار ربط قطاع الطاقة بمزاجية المسؤولين

عمّان – رائد صبيح
ثمّن خبراء ومراقبون إعلان هيئة تنظيم قطاع الطاقة في الأردن عن فتح الباب أمام الراغبين بالاستثمار في أنشطة تسويق وتوزيع المشتقات النفطية داخل المملكة، لما سيكون له من أثر إيجابي على هذا القطاع، مطالبين في الوقت نفسه بضرورة الوصول إلى “تحرير” قطاع الطاقة بأكمله حتى يسهم في تحسين المنظومة الاقتصادية بأكملها وتقديم خدمات أكثر جودة واقل كلفة في الوقت ذاته.

بين المنافسة والمزاجية
وحذّر الخبير الاقتصادي حسام عايش في تصريحاته لـ “البوصلة” من خطورة استمرار ربط قطاع الطاقة في الأردن بما أسماه “مزاج المسؤول الأردني الذي يريد أن يعظّم الإيرادات دون الالتفات للآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية لذلك، مشددًا على ضرورة “تحرير قطاع الطاقة”، وفتح المجال فيه لمنافسة أوسع لأنّ ذلك سيكون أحد أهم المدخلات لعملية اقتصادية أفضل ممّا هو قائم حاليًا.
وقال عايش إنّ قطاع الطاقة قطاعٌ استراتيجي في الأردن والعالم، وبالذات عندما نتحدث عن الأردن باعتباره مستثمرًا خالصًا للطاقة من النفط والغاز، وبالتالي أصبح أحد أكبر المؤثرات في العملية الاقتصادية في الأردن، وكلما زاد التنافس داخل هذا القطاع كلما حسّن من جودة أدائه من جهة، وربما خفض الكلف من جهة ثانية، وسمح بدخول مستثمرين جدد من جهة ثالثة، وبالتالي ساعد على توزيع دور قطاع الطاقة في الاقتصاد والمجتمع ووفر فرص عملٍ إضافية، ناهيك عن أنّ قطاع الطاقة من القطاعات المكلفة بالنسبة للأنشطة الاقتصادية، وبالنسبة لإنفاق الناس وحركتهم.
واستدرك بالقول: وعلى هذا الأساس يفترض أن تكون المقاربة لقطاع الطاقة بالنسبة للحكومة ليست فقط على قاعدة الضرائب التي نجنيها من هذا القطاع وعلى قاعدة تمللك بعض الاستثمارات لجهاتٍ محددة هنا وهناك كما يحدث، وإنّما ان يؤخذ بالاعتبار أنّ هذا القطاع هو جزء من منظومة اقتصادية أكبر تعمل على توسيع النشاط الاقتصادي من جهة، وزيادة النموّ الاقتصادي من جهة ثانية، وأن يكون أحد فرص التشغيل الإضافية من جهة ثالثة.

الخبير الاقتصادي حسام عايش: أدوات التسعير المتنوعة والمتعددة يجب مراجعتها لأنّها أسهمت برفع كلفة الطاقة بشكل كبير جدًا


التغيرات المناخية عامل مهم
وشدد عايش أنّه علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أنّ التغيرات المناخية بدأت تؤثر حتى على الكيفية التي يتعامل بها العالم مع قطاع الطاقة، فهناك قيود ربما سنشعر بها من استهلاك واستخدام هذا القطاع وبالذات على قاعدة الانبعاثات الكربونية، والاتفاق على الأعوام 2050 أو 2060، أن تكون أعوامًا تتحقق بها نسبة انبعاثات كربونية صفر.
وتابع الخبير الاقتصادي بالقول: هذا يعني أنّ هناك تحولاتٍ كبيرة على قطاع الطاقة تستدعي إدخال مستثمرين جدد، وتستدعي تقنيات جديدة وتستدعي دخول أفكار جديدة للسوق فيما يتعلق بإدارة هذا القطاع، ومن بينها الأفكار التسويقية وكيفية تسعير هذه المشتقات وصولاً إلى سعر يتناسب ومعدل دخل الناس.
وأضاف عايش: لا يجوز فهناك “إشكالية كبيرة” أننا دائماً لدينا التسعير في الأردن، وخاصة بما يتعلق أدوات التسعير المتعددة والمتنوعة، وأحيانًا تصبح ذات طبيعة مكلفة جدًا عندما نصل إلى السعر النهائي بناء عليها، وهذا يفترض أن يتم مراجعته، ولا يجوز أن نترك قطاع الطاقة – وأنا أضربه كمثال هنا – فقط لمزاج المسؤول في الدولة لكونه يريد أن يعظم الإيرادات من جهة على حساب النشاط الاقتصادي وعلى حساب الحركة الاجتماعية وعلى حساب حتى النموّ المتوقع في المستقبل من أجل تحسين مستوى ومعدلات دخل الناس.


تفعيل ضمن المنظومة الاقتصادية كاملة
واستدرك عايش بالقول: “لذلك نقول إنّ قطاع الطاقة لا يعمل لوحده، ولكنّه جزء من منظومة، ومع الأسف ما زالت الدولة تتعامل معه باعتباره قطاعًا منفصلاً ويتمّ تنظيم إجراءاته وسياساته بناءً على ذلك”.
وشدد على أنّ تنويع قطاع الطاقة وتطويره وزيادة المنافسة فيه، وفتح آفاقه أمام المستثمرين وأمام خبراتٍ جديدةٍ، تدرس أيضًا كيف يمكن أن نقلل كلف هذا القطاع، لا سيما وأنّ العبقرية ليست في أن تزيد كلفة هذا القطاع، لأنّ أي واحد يستطيع فعل ذلك، لكن العبقرية تكمن في كيفية تقليل الكلف، مع المحافظة على الإيرادات.
ولفت عايش إلى أنّ “هذا ما يجب أن تعمل عليه الحكومات وهيئات تنظيم قطاع الطاقة وغيرها، إنّما الأساليب التقليدية في إدارة قطاع الطاقة وقطاعات استراتيجية تتغير الإجراءات والسياسات المالية العالمية بشأنها، في الحقيقة لا ينفع معها استراتيجيات تقليدية مكررة، ولا أدوات وسياسات يتم تكرارها مرة بعد أخرى”.
وخلص الخبير الاقتصادي في تصريحاته لـ “البوصلة” إلى القول: “لذلك أنا أؤمن إذا ما تمّ تحرير قطاع الطاقة وإذا ما تمّ فتح المجال فيه للمنافسة الأوسع فسيكون أحد أهم المدخلات لعملية اقتصادية أفضل ممّا هو قائم حاليًا”.


استمثار مفتوح للتسويق
وقالت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، السبت، أن الباب مفتوح أمام الراغبين بالاستثمار في أنشطة تسويق وتوزيع المشتقات النفطية داخل المملكة.
وأكدت في بيانٍ صادر عنها أنه سيتم التعامل مع أي طلب يتم تقديمه بحسب التشريعات الناظمة لعمل القطاع وأن نشاط تسويق وتوزيع المشتقات النفطية هو نشاط مفتوح وفقا لأحكام قانون هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن رقم (8) لسنة 2019 وقانون المشتقات البترولية رقم (11) لسنة 2018 ونظام ترخيص الأنشطة المتعلقة بقطاع المشتقات البترولية رقم (121) لسنة 2019 وتعديلاته.
وقال رئيس مجلس مفوضي الهيئة زياد السعايدة في تصريح صحفي إن الإعلان يأتي تأكيدا لسياسة الحكومة بفتح السوق النفطي المحلي للمنافسة وذلك من خلال ترخيص شركات تسويقية جديدة لتوزيع المشتقات النفطية داخل المملكة، بما يتوافق مع الاستراتيجيه الشاملة لقطاع الطاقة وخطة هيكلة القطاع النفطي وبما يضمن تقديم الخدمات بصورة آمنة ومستقرة ومستدامة.
وأشار السعايدة إلى أن الهيئة جددت في الأول من شهر أيار الحالي الرخص الممنوحة للشركات الثلاث العاملة في مجال تسويق المشتقات البترولية (شركة تسويق المنتجات البترولية الأردنية/ جوبترول، والشركة الأردنية الحديثة لخدمات الزيوت والمحروقات/ المناصير، وشركة توتال انيرجيز ماركتنغ الأردن) ولمدّة (10) سنوات.


(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: