خبير لـ “البوصلة”: يجب عقد مؤتمر وطني لإنقاذ الاقتصاد.. والجباية الضريبية فشلت

خبير لـ “البوصلة”: يجب عقد مؤتمر وطني لإنقاذ الاقتصاد.. والجباية الضريبية فشلت

خاص – البوصلة

أعادت تصريحات وزير المالية محمد العسعس مؤخرًا، حول رجعية ضريبة المبيعات وعدم ارتهان الأردن لصندوق النقد والبنك الدوليين، فتح ملف الضريبة والتشوهات الكبيرة الحاصلة فيه وضرورة إجراء مراجعة شاملة لهذا الملف وتأثيراته على الاقتصاد الوطني والنموّ الذي وصل حد الركود منذ العام 2009 إلى اليوم.

ودعا مراقبون الحكومة لعقد مؤتمر لإصلاح الاقتصاد الوطني ودعوة النخبة من الاقتصاديين والمفكرين والمحللين وأصحاب الخبرات الوطنية لتقديم الرؤى والحلول الأكثر نجاعة للخروج باقتصادنا الوطني من المأزق الذي وقع فيه بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة التي ما زالت تعتقد أن حل الأزمة يكون باستمرار الجباية الضريبية ومد اليد في جيوب المواطنين، الأمر الذي ثبت فشله عبر الأعوام الماضية وأسهم في ترسيخ حالة الفشل الاقتصادي التي يعيشها الأردن.

انسداد الأفق

وعبّر الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت في تصريحاته لـ”البوصلة” عن عدم تفاؤله بإيجاد أي حلول للأزمة المالية والاقتصادية في الأردن طالما الحكومات المتعاقبة تتبع النهج ذاته؛ مشددًا على أن الأزمة وصلت حد “انسداد الأفق”.

وقال الكتوت: إذا لم يتغير النهج والسياسات لا يوجد هناك أي آفاق لتحقيق تنمية أو نموّ اقتصادي، ونؤشر إلى ضريبة المبيعات باعتبارها ضريبة انكماشية لها وظيفة تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين وفي الوقت ذاته تؤثر على تراجع النموّ الاقتصادي.

واستدرك بالقول: لذلك، لا بد من إعادة هيكلة السياسة الضريبية بحيث تصبح الضريبة التصاعدية الواردة في المادة 111 من الدستور الأردني هي الضريبة الأساسية في البلاد.

وأوضح أن ضريبة الدخل هي الضريبة التي تفرض على الأرباح وبها يتم تحفيز الاقتصاد وتحفيز إيرادات الخزينة من الضرائب، مستدركًا بالقول: بينما ضريبة المبيعات ليس لها علاقة بتحفيز الاقتصاد والتنمية الاقتصادية، وإنما هي عبارة عن عملية تحصيل ضريبي عشوائي وبطريقة تساوي بين جميع الشرائح الاجتماعية وبالنسبة ذاتها، ولذلك أثرت هذه الضريبة بشكلٍ كبيرٍ على النموّ الاقتصادي.

وأكد أن الاقتصاد الأردني توقف عن النموّ منذ عام 2009 ، حيث كانت نسبة النموّ 5% وبعدها بدأ لا يحقق أي نموّ، ونزل المؤشر إلى 3% وبعد ذلك استمر في النزول حتى وصل إلى الركود ونسبة نموّ صفربالمائة.

وأشار إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لتراجع النموّ وركوده ضريبة المبيعات، كضريبة على مدخلات الإنتاج كان لها أثرٌ خطيرٌ جدًا.

الضريبة الخاصة أيضًا “أكثر رجعية”

وقال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت إنّ ضريبة المبيعات ليست وحدها الرجعية، مذكرًا وزير المالية بأنّ “الضريبية الخاصة” أكثر رجعية وأكثر خطورة وتأثيرًا على الاقتصاد الوطني وخاصة تلك التي فرضت على المحروقات وبنسبة تزيد عن مائة بالمائة، فهذه يجب مراجعتها والتراجع عنها بشكلٍ عاجل.

وشدد أن علينا أن نفكر كيف نستفيد من تحفيز الاقتصاد، وليس من خلال الجباية الضريبية، لأنه سيؤدي إلى نتائج إيجابية في إيرادات الخزينة وزيادة هذه الإيرادات.

وأكد الكتوت على عقم السياسات الحكومية التي تعتقد أن الجباية الضريبية هل حل أزمة الاقتصاد الأردني، فالضرائب وبشكل خاص ضريبة المبيعات لأنها الأسلوب الأسهل للتحصيل بينما في الواقع الحالي لا يوجد دولة في العالم تفرض ضريبة مبيعات 16%، وإن وجدت فإن هذه الدول لديها تحفيزات أخرى للاقتصاد، لكنها محدودة جدًا.

ونوه إلى أن النظام الرأسمالي العالمي غالبًا يعتمد على ضريبة الدخل التصاعدية، وبالتالي يعني ذلك أن عليك أن تحفز الاقتصاد بحيث يصبح هناك دخل عند المواطنين والمستثمرين وهذا يعود في النهاية بالفائدة على الخزينة.

هل الأردن مرتهن لصندوق النقد؟

واستهجن الخبير الاقتصادي تصريحات وزير المالية التي تحدث فيها عن عدم ارتهان الأردن لصندوق النقد والبنك الدولي باعتبارها انقلابًا بطريقة التفكير، ولكنّها ليس لها علاقة بالمضمون على طريقة الشو الإعلامي، وأن تأتي في توقيتها بالارتباط المباشر والحديث عن إعادة النظر في السياسة الضريبية.

وأضاف الكتوت، هذا الكلام ليس صحيحًا وليس دقيقًا فالسياسات المالية في الأردن مرتبطة بشكلٍ مباشر بسياسات صندوق النقد الدولي وهناك اتفاقيات موقعة وما زالت سائدة لسنوات قادمة، ويأتي فريق الصندوق والبنك الدولي بشكل دوري للتدقيق ومعرفة أداء الاقتصاد الأردني، ويقدمون التقارير وبناءً على هذه التقارير يجري الحديث عن واقع الاقتصاد الأردني.

واستدرك بالقول: لأنه في نهاية المطاف عندما تذهب الحكومة ووزارة التخطيط للحصول على قروض خارجية من الأسواق العالمية يوروبوند وغيرها يجب الاطلاع على آخر تقارير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمعرفة واقع الاقتصاد الأردني، إضافة إلى أنهم يحصلون على دعم أمريكي وما يعرف بكفالة أمريكية للحصول على مثل هذه القروض، فالقول إنه الأردن ليس خاضعًا للصندوق، كلام غير صحيح والأردن خاضعٌ لهذه المؤسسات الدولية.

مؤتمر وطني اقتصادي لتصحيح المسار

وشدد الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت في تصريحاته لـ “البوصلة” أنه إذا توفرت الإرادة لإجراء الإصلاح للاقتصاد الأردني، فلا بد من أن يجري حوار مفتوح مع كل الاتجاهات الاقتصادية في الأردن والأفكار المتعددة والمتباينة أحياناً للحديث عن هذا الواقع، بغض النظر عن طريقة تفكير هذا الرأي أو ذاك، المهم كيف يمكن أن يصب في اتجاه تحفيز الاقتصاد وإخراجه من أزمته، فهذا ضروري ولكن إن كان هناك جدية في هذا الجانب.

وقال الكتوت: لكن لغاية هذه اللحظة ألاحظ بأن الحكومات تحاور نفسها في موضوع الاقتصاد ولا تحاور الخبراء.

وأضاف، “للأسف كان يجب أن يجري مراجعة لواقع الاقتصاد الأردني ووضع الحلول من قبل أكثر من سبع سنوات، بعد سنة أو سنتين من دخول حالة التراجع في النموّ والتباطؤ إلى حد الركود”.

وشدد على أنه كان يفترض أن تكون هناك وقفة ومراجعة وعقد مؤتمر وطني اقتصادي وتقديم الأوراق ومناقشتها من كل الاتجاهات الاقتصادية وكل المفكرين وكل الكتاب الاقتصاديين المعنيين بالواقع الاقتصادي الأردني، وأكثر من ذلك استضافة شخصيات عربية اقتصادية معروفة بأن تبدي رأيها في هذا الموضوع، لأنه سيكون مفيدًا جدًا لإخراج بلادنا من هذه الأزمة.

العسعس: ضريبة المبيعات غير عادلة ورجعية

وأكد وزير المالية محمد العسعس، أن الحكومة رصدت كافة ملاحظات النواب حول موازنة العام 2022، وستأخذها بعين الاعتبار.

وأضاف العسعس، في حديثه خلال اجتماع اللجنة المالية النيابية، الأربعاء الماضي، أن موازنة 2022 ليست تقليدية، بحيث تم رفع الإنفاق الرأسمالي لمستويات غير مسبوقة.

وأوضح أن الوضع المالي ليس سهلاً، لكن لا بديل عن إيجاد فرص العمل، وتحقيق النمو خلال العام 2022.

وأشار العسعس إلى أن ضريبة المبيعات لا توازي بين مستوى الدخل، وهي ضرائب غير عادلة ورجعية؛ لذلك تم تخفيض الرسوم الجمركية على مختلف المواد الغذائية وغيرها، بشكل لا يؤثر سلباً على المالية العامة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: