خبير يحذر من استخدام “مصطلحات مطاطة” لتبرير التدخل بشؤون الأسرة الأردنية

خبير يحذر من استخدام “مصطلحات مطاطة” لتبرير التدخل بشؤون الأسرة الأردنية


عمّان – رائد صبيح


حذّر الخبير الأسري ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان في تصريحاته لـ “البوصلة” من استخدام عددٍ من الجهات لما أسماه “مصطلحات مطاطة” من قبيل “العنف الأسري” وغيرها لتبرير التدخل في شؤوننا الداخلية والأسرية، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّ هناك ربطًا غير بريء لمثل هذه المصطلحات بالفقر الأمر الذي يبرر للبعض القيام بممارسات شاذة مرفوضة وهذا أمرٌ خطيرٌ للغاية.
ولفت سرحان إلى ضرورة وضع تعريفات واضحة للمصطلحات وضبطها وعدم تضخيم المشكلات والمبالغة فيها مثل “العنف الأسري” وقيام كل الأطراف بواجباتها الحقيقية تجاه هذه اللبنة الأساسية للحفاظ على مجتمع قوي عبر منع حدوث المشكلات أساسًا وتقديم الإرشاد والدعم اللازم لمنع تأثير العوامل الأخرى عليها من فقرٍ وبطالة، وتعزيز المسؤولية الفردية والجماعية من خلال معرفة وترسيخ الحقوق والواجبات في تربية الفرد والأسرة.

مفيد سرحان: الأسرة هي الهدف الأسمى والمقدس الذي نريد الحفاظ عليه ما دمنا قادرين



عنوان قوة المجتمع
وقال سرحان إن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وهي عنوان قوة أو ضعف أي مجتمع، ولذلك فإنّ المجتمعات الحيّة التي تدرك أهمية الأسرة يجب أن تحرص ابتداءً على بناء الأسرة على أسسٍ كريمة، وهذا يبدأ من مرحلة ما قبل الزواج، بأن يتم الزواج على أسسٍ سليمةٍ من حيث الاختيار وتكاليف الزواج وشروطه.
ولفت إلى أن الأسرة الناجحة هي التي تحقق الأهداف التي أرادها الله سبحانه وتعالى منها وفي مقدمتها تحقيق المودة والسكينة والرحمة والاحترام والمحبة بين أفرادها.
وتابع حديثه: ومثل هذه الأسرة التي تدرك ما هي أهميتها والدور المطلوب منها في المجتمع هي الأسرة التي يجب علينا جميعًا أن نسعى إلى إنشائها من حيث المبدأ.
وأشار إلى انّ طبيعة الحياة وتطوراتها وتعقيداتها تتطلب أيضًا متابعة الأسرة بعد إنشائها من حيث تقديم خدمات التوعية والإرشاد الأسري ومساعدتها أيضاً في تخطي ما يمكن أن تواجهه من مشكلات؛ لضمان استمرارية هذه الاسرة ونجاحها وديمومتها وتحقيقها للأهداف التي أرادها الله سبحانه وتعالى لها.



ضبط المصطلحات المطاطية
وقال الخبير الأسري إنّ العنف الأسري مصطلح مطاط يكثر الحديث عنه لكنّه حتى الآن غير محدد المعنى أو الدلالة وهذه إشكالية كبيرة تسمح للجميع بالحديث واستخدام هذا المصطلح دون أن يتم تحديد المعنى والدلالة لهذا المصطلح.
وحذر من أنّ ذلك قد أصبح مدخلاً للكثير من المؤسسات للتدخل في شؤوننا الداخلية والأسرية بحجة محاربة ما يسمّى بالعنف الأسري.
ولكن سرحان استدرك بالقول: من حيث المبدأ لا يمكن أن يخلو أي مجتمع من مظاهر الخلل، سواءً داخل الأسرة أو في العلاقات العائلة، أو في المجتمع، فهذه طبيعة البشر، لكن المهم أولاً كيف ننشئ جيلا قادرًا على التعامل مع الآخرين دون حدوث مشكلات أو بحدوثها في الحد الأدنى وإن حدثت لا تتفاقم هذه المشكلات لدرجة يصعب التعامل معها.
وتابع، أن الأمر الآخر، هو كيف نعمل جميعا على تفادي حدوث هذه المشكلات، وإن حدثت كيف نتعامل معها بالشكل الصحيح.
وقال سرحان: باعتقادي هناك ضرورة كبرى لكي نحدد ما هو المقصود بالضبط بمصطلح “العنف الأسري”.

ربط خاطئ وغير بريء
ولفت الخبير الأسري مفيد سرحان في تصريحاته لـ “البوصلة” إلى أنّ هناك ربطًا خاطئًا وغير بريء في بعض الأحيان، حيث يكثر الحديث دائمًا عن ربط الفقر والعنف ببعضهما، وربما يكون هذا الربط له جانب من الصواب، لكن باعتقادي أنّ كثرة الحديث عن هذا الأمر يجب أن يتم وضع ضوابط له.
وأشار إلى أنّ الضابط الأول، يتمثل في أنه عندما تتحدث المؤسسات الرسمية والمسؤولين عن ذلك، يحق لنا أن نتساءل ما هو دور هذه المؤسسات سواءً من حيث سنّ التشريعات أو في الرقابة والمتابعة أو في إيجاد المشاريع الاقتصادية التي تقلل من مستوى الفقر والبطالة في المجتمع.
وأشار إلى أنّه يمكن للإنسان العادي أن يتحدث عن ذلك، لكن من هو في موقع المسؤولية، يجب أن نسأله ما هو دوره الحقيقي والفعلي في التقليل من نسب الفقر والبطالة، ومن أهمها إيجاد مشاريع استثمارية مفتوحة للجميع وأيضًا أن يكون هناك عدالة من حيث الرواتب وتوزيع ناتج الدخل.
أما الضابط الثاني بحسب سرحان، فمن الضروري جدًا أن يكون لأبناء المجتمع مشاركة في وضع السياسات خصوصًا فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية منها، حتى يكون لهم أثر فعلي في تطبيق هذه السياسات.
كما عبر سرحان عن خشيته من أنّ كثرة الربط بين العنف والفقر، لمنح مبرر لكثيرين لممارسة ما يسمى بالعنف، وهذه نقطة خطيرة يجب أن ننتبه لها جميعًا.

ما هو المطلوب من الجميع؟
وأكد سرحان أنّ المطلوب منا معالجة أي ممارسات خاطئة سواءً كانت وصلت لدرجة العنف أو أقل من ذلك، لكن أن يصبح هذا الطرح مبررًا للبعض للمارسات خاطئة وشاذة ومنها ما يسمى بالعنف الأسري، فهذه قضية يجب الانتباه لها.
كما لفت إلى أنّ الأصل إذا كانت الأسرة قائمة على أسس صحيحة، وكانت هنالك عملية تربية سليمة للأبناء ولأفراد الأسرة أن الفقر يكون ضرره على الأسرة بالحد الأدنى، ولا يمكن لأي إنسان عاقل أن ينكر أثر الفقر ليس فقط على التعاملات الاجتماعية؛ بل على الصحة الجسدية والنفسية والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين، لكن إذا كان هذا الأمر موجودًا فيجب أن يكون بالحد الأدنى عبر إيجاد برامج توعوية هادفة ليساهم في توعية الجيل لكيفية التعامل مع مشكلاته، وكيف يحل هذه المشكلات سواء كانت داخل الأسرة أو داخل المجتمع.
وأشار إلى أنّه من الضر وري أن يعي كل واحد من أبناء الأسرة واجباته وحقوقه تجاه الآخرين، وهذه معادلة مهمّة جدًا، في التعامل داخل الأسرة والمجتمع ليدرك الجميع واجباته وحقوقه، حتى لا يتعدى أي طرف على آخر.
وقال سرحان: لا بد كذلك أن نلجأ إلى التعامل مع المشكلات بقدرها، ولا نقوم بالتهويل لها أو التقليل من شأنها، لأنّ التهويل والتضخيم فيه خطورة، وكذلك تجاهلها، ولكن يجب أن نتعامل مع المشكلة بحجمها الطبيعي، وإن حدثت المشكلات نستخدم الوسائل المناسبة للتعامل معها.
وشدد على أنّ أهم شيء في التعامل مع المشاكل الأسرية أن نجعل مصلحة الأسرة هي المصلحة العليا والمقدمة، وأن نحرص قدر الإمكان على حل المشكلات داخل نطاق الأسرة، لأنّ خسارة الأسرة يعني خسارة الجميع.
وتابع سرحان بالقول: إن الحقوق والواجبات يجب أن تكون عملية تكاملية داخل نطاق الأسرة، والأسرة هي الهدف الأسمى والمقدس الذي نريد الحفاظ عليه ما دمنا قادرين على ذلك.
وأشار سرحان إلى أنّ هناك قضية يغفلها الكثيرون، فالمشكلات موجودة داخل الأسر الغنية ومتوسطة الدخل وربما لدى هذه الشريحة مشكلات من نوع آخر، ولذلك يمكن أن تحدث المشاكل مع وجود الغنى وانعدام الفقر.
وشدد على أنّ القضية الأساسية هي كيف يتعامل الإنسان مع غيره وكيف يفكر في الآخر ويعطيه حقه، وكيف يقوم هو بواجباته.
وخلص سرحان في تصريحاته لـ “البوصلة” من أنه لا بد أيضًا من الاهتمام والتركيز على عنصر التربية داخل الأسرة، وأن يكون اللجوء إلى القانون ليس في المراحل الأولى، لأن الأسرة لا يمكن أن تحكم بقانون لوحده؛ بل إن طبيعة العلاقات الأسرية تحتاج لقدر كبير من التسامح والتعاون والمحبة بين أفرادها وهذه قيم أصيلة يجب تربية الجيل عليها ويجب أن يكون الأبوين قدوة حسنة للأبناء في ذلك.

الأسرة النيابية: ارتفاع نسب الفقر والبطالة زاد من العنف الأسري
يذكر أن لجنة المرأة وشؤون الأسرة النيابية برئاسة المهندسة عبير الجبور، بحثت خلال اجتماع عقدته الاثنين، دور المجلس الوطني لشؤون الأسرة في التوعية المجتمعية، للحد من ظاهرة العنف الأسري، وإدارة حماية الأسرة.
وقالت الجبور، بحضور مدير إدارة حماية الأسرة في مديرية الأمن العام، العقيد بلال العواملة، وأمين عام المجلس محمد مقدادي، إن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، الذي تقاس قوته أو ضعفه بقدر تماسكها، مؤكدة أهمية معالجة ظاهرة العنف الأسري.
وبينت الجبور ” أن السبب الرئيس في تزايد ظاهرة العنف الأسري، هو ارتفاع نسب الفقر والبطالة، خصوصا بعد أزمة جائحة كورونا”، لافتة إلى أن هذه الظاهرة ” أصبحت مشكلة عالمية، تعاني منها أغلب دول العالم، بينما يُعد الأطفال والنساء والمسنين من أكثر الفئات تعرضًا لها”.
بدورهم، قال النواب: مروة الصعوب، دينا البشير، سليمان أبو يحيى، إن الدستور الأردني والتشريعات الأردنية والمواثيق الوطنية جميعها، يؤكد أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، مشيرين إلى أن القانون يحفظ كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها.
ودعوا إلى ضرورة أن يكون هناك دور بارز لجميع أجهزة الدولة في التوعية والإرشاد بأهمية دور الأسرة وبناء المجتمع وتأسيسه، باعتباره اللبنة الأساسية لنمو الدول وازدهارها.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: