خبير يقرأ لـ “البوصلة” أسباب قوّة الدينار الأردني ويحذّر من “الانهيار الجزئي”

خبير يقرأ لـ “البوصلة” أسباب قوّة الدينار الأردني ويحذّر من “الانهيار الجزئي”

عمّان – رائد صبيح

أثار انهيار بنك وادي السيلكون (سيليكون فالي SVB) ذعرًا في الأسواق المالية العالمية وتبعه خسائر بالمليارات وسط حالة من الخوف الشديد من انعكاس هذا الأمر على المصارف الأردنية وأسواق المال والأعمال الأردنية، فيما شهد القطاع المصرفي الأردني طلبًا قويًا على الدينار خلال الأيام الماضية.

البوصلة” حاورت الخبير الاقتصادي حسام عايش حول تداعيات انهيار بنك وادي السيلكون وبنوك اخرى وتأثيرات ذلك على الدينار الأردني، ومخاطر السياسات النقدية التي تصر على السير على خطا الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة وما تشكله من “انهيار جزئي” في القطاع المصرفي يتمثل بعدم قدرة المقترضين على الوفاء بالتزاماتهم.

وقال عايش إنه “لا شكّ أنّ الظواهر المصرفية العالمية مثل انهيار بنك وادي السيليكون وبنوك أخرى، في الحقيقة شيء متوقع ويحدث بين الحين والآخر”.

وأضاف أنّ هذا الانهيار جاء لأسباب عديدة لها علاقة بطبيعة عمل هذا البنك والمتعاملين مع البنك، والظروف المحيطة، وتأثيرات أسعار الفائدة المختلفة على أدائه.

وتابع بالقول: أيضًا، الجهات التي يتعامل معها، فبعض البنوك “استثمارية بطبيعتها” وتتحمّل مخاطرة، وربما تدفع الثمن بانهيارها.

الخبير الاقتصادي حسام عايش: الضوابط الاقتصادية والأنظمة والقوانين والسياسات التي يستخدمها البنك المركزي تجعل جهازنا المصرفي آمنًا

التحوط والاستقرار المالي

وقال الخبير الاقتصادي: بنوك آخرى أكثر تحوطًا فيما يتعلق بأنها تقليدية في أدائها المصرفي، كما هول حال البنوك الأردنية وبالتالي هي تحافظ على وتيرة من الأداء  تسمح بضبط الأوضاع النقدية إلى حدٍ يظل متماسكًا بشكلٍ أفضل ربما من البنوك في الولايات المتحدة والغرب، حيث القوانين والأنظمة والسياسات مختلفة.

وتابع حديثه: في الحقيقة إنّ انهيار أي بنك في العالم يولّد مشاعر كبيرة وإحساساً بالخوف لدى المودعين ولدى المستثمرين أيضًا، ولا شك أيضًا أنّ له تأثيرات على الثقة بالمصارف، هذا من جهة، وله علاقة بالعملات الوطنية من جهة أخرى، خصوصًا إذا كان هذا الانهيار، مرتبطًا بسعر صرف العملات أو غيره.

واستدرك عايش: من جهة ثانية، الحقيقة أنّ الأزمات المالية العالمية تؤثر بشكلٍ مباشر أو غير مباشر على البنوك سواءً كانت في الأردن أو غيرها من دول العالم، ولكن هذه التأثيرات تبقى متباينة، بمعنى أنّها قد تكون تأثيرات طفيفة وبسيطة جدًا، وبعضها قد يكون كبيرًا.

النظام المصرفي الأردني آمن

وشدد الخبير الاقتصادي على أنّ طبيعة النشاط الاقتصادي الأردني والضوابط عليه، والأنظمة والقوانين والسياسات التي يستخدمها البنك المركزي، نكاد نقول إنّ الجهاز المصرفي آمن لجهة تأثيرات هذه الانهيارات.

ونوه بالقول: “هنا، عندما نتحدث عن الدينار الأردني، فهو آمن وفي أفضل حالاته، لجهة ارتفاع الفوائد عليه وأيضًا الإيداعات لدى الجهاز المصرفي الأردني مستمرة ودائمة وأيضًا ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار بسعر ثابت، هو من بين العوامل الضامنة لاستقرار سعر الدينار، ناهيك عن أنّ الاحتياطي في الأردن من العملات الأجنبية يقارب 17 مليار دينار واحدة من العوامل الإيجابية الضابطة لسعر صرف الدينار”.

وأضاف، “كما أنّ ارتفاع قيمة الصادرات الأردنية إلى مستويات تقارب أقل قليلاً من 9 مليارات دينار للعام 2022، هو أمر يدعم الحصيلة من العملات الأجنبية ويؤثر على الاستقرار إيجابًا”.

ولفت إلى أنّ “بقاء حوالات المغتربين بالوتيرة المعتادة ذاتها، فهذا أمرٌ يضاف للتأثير إيجابيًا على سعر صرف الدينار واستقراره”.

وأوضح أنّ “الإيرادات السياحية التي ارتفعت بشكل كبير ونحن نتحدث عن ما يقارب 4 مليارات دينار من الإيرادات السياحية أو المقبوضات، وهذا بحد ذاته عامل إيجابي فيما يتعلق باستقرار سعر صرف الدينار”.

تحذير من الانهيار الجزئي للقطاع المصرفي

لكن الخبير الاقتصادي حسام عايش عبّر في تصريحاته لـ “البوصلة” عن خشيته ممّا أطلق عليه “الانهيار الجزئي في القطاع المصرفي”، والذي تسببت به أسعار الفائدة المرتفعة في البنوك الغربية.

وأوضح عايش، “مع ذلك من الواضح أنّ الفوائد عندما ترتفع بشكلٍ يفوق الحد ما هو مخطط له من قبل مؤسسات مالية وبنكية كبرى مثل هذا البنك قياسًا في بنوكنا، الحقيقة أنّ هذه الموجة المرتفعة من أسعار الفائدة بشكل مستمر وشبه شهري على مدار سنة ونصف لها آثارها الضارة جدًا على استقرار البنوك وعلى بقائها وبالتالي هي تنهار”.

وشدد على أنه يجب علينا ونحن نحافظ على سعر صرف الدينار وتمييزه بهامش فائدة أفضل من الدولار، من أجل منع “الدولرة” كما يُقال، ومن اجل ضمان استمرار الإقبال على الدينار، أيضًا علينا الانتباه للطرف الآخر من المعادلة وهم المقترضون.

وقال عايش: عندما ترتفع أسعار الفائدة بهذا الشكل، فربما يؤثر على القطاع المصرفي من خلال العجز عن الوفاء بالأقساط والقروض المترتبة عليه، وهذا يؤدي إلى ارتفاع معدلات التعثر.

وحذر الخبير الاقتصادي من أنّ “التعثر بحد ذاته شكلٌ من أشكال الانهيار الجزئي في الأداء المصرفي، وبالتأكيد فإنّ لذلك تأثيراته على الحالة الاقتصادية وعلى سعر العملة الوطنية في أيّ بلد، وليس الأردن تحديدًا، كما له تأثير على الاستقرار”.

وشدد  في نهاية حديثه على أنه “آن الأوان للانتباه إلى أنّه كما في انخفاض أسعار الفائدة بشكلٍ كبيرٍ فرصة لحصول كثيرين على قروض ممن لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم تجاهها مستقبلاً، فإنّ ارتفاع أسعار الفائدة سيطيح بقدرة كثيرين ممّن كانت لديهم الرغبة والقدرة على الوفاء بالتزاماتهم، لكنّ أسعار الفائدة التي ارتفعت بأكثر ممّا هو مخطط له قد تحدّ من قدرتهم على الوفاء بهذه الالتزاما، وهذا بدوره يؤدي إلى مشكلاتٍ تتعلق بالنموّ الاقتصادي والاستثمارات في البنوك وأرباحها، وانعكاس ذلك على مجمل الاستقرار المالي والنقدي في أيّ دولة”.

طلب قوي على الدينار

وكان ممثل القطاع المالي والمصرفي في غرفة تجارة الأردن، فراس سلطان، أكد وجود طلب قوي على الدينار عند شركات الصرافة، مدفوعا بالنشاط السياحي وحوالات المغتربين الأردنيين العاملين بالخارج.

وقال سلطان الذي يشغل منصب النائب الثاني لرئيس غرفة تجارة الأردن، الثلاثاء، إنّ تزايد الطلب على الدينار يعود لارتفاع حوالات المغتربين الأردنيين، إضافة إلى زيادة النشاط السياحي بالمملكة، متوقعا تضاعف الطلب على الدينار خلال شهر رمضان وقبيل حلول عيد الفطر.

فتح تحقيق في إفلاس بنك وادي السيليكون

وفتحت وزارة العدل الأمريكية وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تحقيقاً في قضية إفلاس بنك وادي السيليكون (إس في بي)، يستهدف خصوصاً مبيعات الأسهم الأخيرة من جانب عدد من قادة المصرف، وفق ما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلًا عن مصادر مقرّبة من الملف.

وسط مخاوف المستثمرين من حدوث انهيارات إضافية خسرت البنوك الأميركية حوالي 90 مليار دولار من قيمتها بسوق الأسهم الاثنين، لترتفع خسائرها خلال جلسات التداول الثلاث الماضية إلى نحو 190 مليار دولار.

يذكر أنّ بنك وادي السيليكون “SVB” تأسس عام 1983، وبدأ رحلته بضخ التمويلات المخاطرة في بعض الشركات التقنية، لكن دوره برز في منتصف التسعينيات مع زيادة أنشطته في قطاع تمويل الشركات التقنية الناشئة في وادي السيليكون. لاحقا، وفي مطلع الألفية، افتتح البنك فروعا له في الهند والصين وأوروبا، وبدأ في رصد وتمويل الشركات الناشئة النشطة خارج أميركا، حتى وصل عدد الشركات الناشئة التي موّلها البنك أو تعاون معها بحلول عام 2011 إلى أكثر من 30 ألف شركة.

في السنوات الأخيرة، تحول بنك وادي السيليكون إلى واحد من أكبر البنوك في أميركا، حتى إن صحيفة “فورتشن” المالية قالت في تقرير لها إن البنك لديه حسابات لأكثر من 50% من الشركات الناشئة عالية المخاطرة في أميركا وحدها، وإن أنشطة الاستثمار الجريء وحصص الملكية في المشروعات الناشئة تُقدَّر بنحو 56% من إجمالي نشاط البنك عالميا، وفقًا لـ “الجزيرة نت”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: