د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

ذهول من واقع مهول

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بقلم : أحمد داود شحروري

قضية فلسطين قديمة، فمنذ ورثتها بريطانيا من جملة ما ورثت من حكم العثمانيين لم تهدأ أرضها ولم تصفُ سماؤها، ولم يتوقف مكر العدو الذي دسّ في الأمة أعوانا له يأمن جانبهم على أقل تقدير إن لم يستطيعوا أن يقفوا بجانبه على رؤوس الأشهاد، وتبقى في الأمة مجموعات صابرة محتسبة لكنها لا تملك قرارا مؤثرا لأنها لا تملك دولة ولا سلطانا، اللهم إلا ما يكون من عتاد تجمعه لمناجزة عدوها لا يقارن بما يملك العدو من سلاح وعتاد، وليت الساكتين عن جرائم هذا العدو يتركون هذه المجموعات وشأنها، فهم مرة يخونونهم، ومرة يثبطونهم مستهينين بما لديهم من عتاد، ومرة يضيقون الأرض عليهم بالملاحقة والسجن والإدانة، وقد آل الأمر إلى أن يجد العدو البيئة مواتية للانفراد بفلسطين أرضها وإنسانها وقد ابتلعها كلها في وجبتين، وكانت المستوطنات هي فاكهته بعد وجبتيه، وقد بارك العرب كل ذلك بطرق مختلفة، فمن مبارك بالصمت إلى مبارك بالمدد الاقتصادي إلى مبارك بالتنازل عن السيادة والشرف، وبقي الفلسطينيون وحدهم في الساحة، ولم يتوقف المكر الشيطاني متعدد الجنسيات عند هذا، لقد أوجدوا شرخا داخل الصف الفلسطيني عندما تخلى الجميع عن قضيتهم بانفراد الصهاينة بفصيل فلسطيني وقع معها معاهدة مذلة مكنت يهود من رقبة الأرض والإنسان، وكرّت المسبحة ليتسابق العرب لمصافحة القاتل ويده تقطر بالدماء، بدعوى استرداد الحقوق بالقوة الناعمة بعد أن ذبحوا خيار المواجهة العسكرية وقدموا مبادرة السلام التي لم يعبأ بها الاحتلال لحظة واحدة. وبتشرذم الصف الفلسطيني وانحياز العرب إلى الشق المستسلم بالمجان صار لزاما على كل متبصر بالوضع أن ينحاز إلى الطريق التي لا تنتهي بالمهلكة وإن انتهت بالموت في مقارعة العدو، وهكذا صنعت المقاومة استراتيجيتها المكلفة لكنها الكفيلة بلي ذراع يهود في المعركتين السياسية والعسكرية، ولو أن العرب لم يختاروا السبيل الأهون والأوهن لكان الحال غير هذا الحال، فقد اشتعل فتيل المواجهة ليتفرد المقاوم في الميدان فلا يجد شقيقا يمده بشربة ماء ولا حبة دواء، بل وجد رضوخا لسطوة العدو بإغلاق الحدود ومنع دخول أي مظهر من مظاهر الحياة إلى من تدكه آلة البطش وتستهدف مشافيه ومساجده وجامعاته ومدارسه لتعفي على أي مظهر من مظاهر الحياة، وفي هذا مصلحة لبعض العرب تتقاطع مع مصلحة يهود، فهم يتطلعون إلى أن تتوحد غزة مع الضفة وحدة انكسار قائم على سلطة صهيونية تمارس على الأرض والإنسان كحالها في الضفة اليوم تماما.

إن مما لم يحسب له العدو بكل طوابيره حسابا هو وحدة الشعب في الضفة وغزة، وأن الضفة بعد طوفان الأقصى لن ترضخ للذل الذي كانت تجرعه قبل الطوفان على يد يهود وحلفائهم ونواطيرهم.

وإذا سألت عن حال ميدان المواجهة اليوم في غزة التي فقدت عمرانها وسكون شطآنها ونعت شبابها وأطفالها ونساءها، فإن المقاومة برغم كل هذه الآلام توقع صك شرف بأن لا يكون للمحتل ولا لعملائه في غزة كلمة، وقد خسر العدو على أرضها صفوة جنوده وقادتهم وعتادا يربو على الألف في المئة يوم الأولى من الحرب، وأزمة سياسية واجتماعية وأمنية يشتعل أوارها مطالَبة برحيل النتن واستعادة المحتجزين لدى المقاومة، وأخطر ما يواجه العدو تفكك في حكومة الحرب وتنازع بين قياداتهم المدنية والعسكرية، فلقد أحدث الطوفان زلزالا لن تتوقف ارتداداته إلا بدحر العدو عن غزة والضفة معا بحول الله.

أما الصامتون من الأعراب أو الموافقون من تحت الطاولة فإنا نراهم رأي العين بأفعالهم أو همسهم في جنح هذا الليل البهيم، وستقودهم حساباتهم الخاطئة إلى نهاية لا يشتهونها، ولكنها جزء من نهاية المعركة الحتمية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts