ضعف الأمن يفاقم أعداد الجرائم في مناطق النظام السوري

ضعف الأمن يفاقم أعداد الجرائم في مناطق النظام السوري

تصدرت حوادث القتل في مناطق سيطرة النظام السوري خلال آب الجاري صفحات الصحف والمواقع التي تغطي أخبار هذه المناطق.

وكان اللافت في معظم حوادث القتل أن معظمها حصلت لأسباب تافهة، إذ نشرت صفحات محلية في 14 أغسطس خبر قتل شاب زميله باستخدام أداة حادة أثناء عملهما معاً في معمل قيد الإنشاء على طريق يقع بين حماة وسلمية في الريف الشرقي، وذلك بعدما نشب شجار كلامي بينهما. ونقل الشاب الضحية إلى المستشفى قبل أن يفارق الحياة بتأثير إصابته، بينما اعتقلت السلطات القاتل.
وفي حماة، نقلت مواقع عن إدارة مستشفى جب رملة أن شخصين توفيا وأصيب 11 بينهم 3 في حال الخطر إثر شجار جماعي حصل في قرية ديمو. أيضاً، أطلق شابان عيارات نارية على شخص بحجة تكراره رمي القمامة في أرض زراعية يملكانها. 
أما في حمص فاعتدى طلاب من جامعة “الحواش” الخاصة بالضرب على شاب في الثلاثينيات من العمر في بلدة المزينة الريفية، ما أدى إلى وفاته قبل أن تصدر الجامعة قرار تعليق الدوام لمدة أسبوع من أجل إلقاء القبض على القتلة. وفي دمشق أيضاً، تحدثت مصادر محلية عن مقتل شخصين قبل أيام في منطقة حوش عرب الريفية، من دون أن تذكر تفاصيل عن أسباب الجريمة.
ويقول عيسى العلي، وهو من أهالي ريف حماة، لـ”العربي الجديد”: “تدفعني الأخبار السيئة الواردة عن تردي الوضع الأمني وانتشار جرائم القتل بشكل شبه يومي إلى ملازمة المنزل معظم ساعات اليوم خصوصاً خلال الليل، إذ بت أخشى التعرض لمحاولة سرقة أو خطف خلال عملي في تجارة الحبوب”. ويرى العلي أن “غياب العقوبات الرادعة وتجاهل القانون الذي يطبق فقط على الضعفاء ساهما في الوصول إلى هذه الحالة”.
أما سهيل الحمدو، وهو محامٍ من ريف دمشق، فيقول لـ”العربي الجديد”: “من يتتبع أخبار الجرائم وتلك الخاصة بإلقاء القبض على مجرمين يرى أن غالبيتهم من أصحاب السوابق ومن المطلوبين في قضايا مختلفة، ويسأل بالتالي ما السبب الذي يدفع الجهات الأمنية إلى التهاون في إلقاء القبض عليهم، أو تجاهل الموضوع بالكامل تمهيداً لدفع أبرياء ضريبة الانفلات الأمني؟”.

الجرائم في سورية نتيجة حتمية لغياب القانون (لؤي بشارة/ فرانس برس)
الجرائم في سورية نتيجة حتمية لغياب القانون (لؤي بشارة/فرانس برس)

يتابع: “لو تعاملت عناصر الأمن بحزم مع قضايا المخالفات، وألقت القبض على المطلوبين لما استمروا في الاعتداء على الأهالي، ولما وصل حال الجرائم إلى هذا الحد. وأنا أخشى من إعادة إحياء عادة الثأر القديمة بسبب تهاون الأجهزة الأمنية والقضائية في رد الحقوق إلى أصحابها ومعاقبة المجرمين”.
وحدث ذلك فعلاً في السويداء قبل أيام حين تعرّض شاب إلى إطلاق نار بهدف سرقة دراجته النارية، فتوجه أهله بعد نقل ابنهم إلى المستشفى إلى منازل الأشخاص الذين اشتبهوا في تورطهم بالقضية وأحرقوا منازلهم، واستمر التوتر حتى قتل أحد الأشخاص المتهمين بمحاولة القتل وسط غياب قوى الأمن.
من جهته، يرى صادق العمر أن انتشار المخدرات بشكل غير مسبوق قد يكون أحد أسباب ارتفاع مستوى الجريمة في سورية، سواء عبر القتل أو السرقة، ويقول لـ”العربي الجديد”: “يمكن لأي شخص أن يسمي عشرة متورطين من محيطه بقضايا التعاطي نتيجة الرفقة السيئة وتوفر المواد المخدرة في الأسواق”، يضيف: “بعد أن يغرق الشاب في مستنقع المخدرات سيكون مستعداً لارتكاب أي جريمة في سبيل تأمين ثمن جرعته أو الحبوب التي يتعاطاها، ما يعني أننا أمام أزمة حقيقية، وما نشاهده اليوم ليس إلا مقدمة بسيطة”.

بدوره، يرى الباحث الاجتماعي صفوان الخالد أن “ما نراه اليوم في الساحة السورية نتيجة حتمية لمجموعة أفعال لا بدّ أن تفضي إلى هذه النتائج، ويقول لـ”العربي الجديد”: “يعتبر غياب القانون أو تغييبه عمداً عبر تطبيقه على أفراد من دون سواهم سبباً مهماً في ارتفاع نسب الجرائم، بعدما باتت الفكرة الراسخة لدى كثير من الخارجين على القانون أن “كل شيْ يمكن أن يحل بالمال، وهو ما يدفعهم إلى الاستمرار في هذا الطريق”. ويستشهد الخالد بحالات لمتهمين كثيرين في قضايا قتل أطلق سراحهم بعدما سجنوا فترات قصيرة، من دون أي مراعاة لمشاعر ذوي القتلى.
وكان الحقوقي عاصم الزعبي قد قال في حديث سابق لـ”العربي الجديد”، إنّ “الجرائم منتشرة في مناطق سيطرة النظام السوري، خاصة القتل بدافع السرقة، فضلاً عن السلب على طرقات تقع خارج المدن. وهذا النوع من الجرائم لا يمكن للأهالي وضع حدّ له في ظل غياب السلطات الأمنية الرادعة”.

العربي الجديد

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: