ضيف ثقيل يحسب نفسه صاحب بيت

ضيف ثقيل يحسب نفسه صاحب بيت

القوة كثيرا ما تورث الوقاحة خصوصا إذا كان صاحبها لا يعرف دينا يقوّم خُلُقه ولا وقف في وجهه أحد يقول له : صهٍ .
هذا ما تعانيه البشرية اليوم من نموذج دولة صنعت لنفسها عصا وصارت قاطع طريق ، معاذ الله أن نقول شرطيا ، فالشرطي يخيف قاطع الطريق فلا يشبّه به .
تكرر قدوم وزير خارجية أمريكا إلى المنطقة نصرة للصهاينة وعناية بأمرهم وتسديدا لمكرهم ضد الحياة والأحياء في المنطقة كلها ، فمخطئ من يظن الحرب في شهرها الرابع موجهة ضد غزة أو حماس ، إنها دق لآخر مسمار في نعش استقلال العرب المنقوص أصلا ، فمن بعد هزيمتهم لغزة في أمانيّهم فإنهم بصفتهم أهل الدار وصناع القرار في المنطقة بحكم بلطجة القوة يتطلعون إلى شرق أوسط ليس جديدا فحسب بل مشوّها لا تشبه تركيبته تركيبة الدول في شيء إلا في استخلاف حارس عمارة أطوع من الذين سبقوه .
كانت المنطقة بدولها الرئيسة قادرة على إدارة شؤونها وهي تملك الفعل على أرضها وبين جمهورها ، كانت الدول قادرة أن تتقوى بشعوبها وإرادتها ومدخراتها وموقعها الجغرافي ، لكنها أطالت الاستماع للأجنبي : هابته فأطاعته طوعا لا كرها ظنا منها أن بيده مصباح علاء الدين الذي سيبقيها واقفة أمام شعوبها منحينية في محراب عبوديتها للأجنبي الذي أصبح يشعر بأنه صاحب الدار ، وهنا (حطنا) الجمال .
عقود من الزمان مضت بعد إعلان استقلال آخر دولة عربية خرج منها المستعمر ، ويبدو أن اتفاق (جنتلمان) حكم بأن لا تبرَم سياسة داخلية إلا بتوافق داخلي خارجي يحافظ على بُنية المنطقة بشكل لا يزعج هذا الذي يرى أنه صاحب الدار ، ألم تتواتر الأخبار أنهم يقترحون برغبة تعيين وزراء أو رؤساء وزارات بأسمائهم فيكون لهم ما يريدون ، ثم تدفع الشعوب ثمن هذه الاختيارات من أموالها وأعصابها .
إن شعور الأجنبي المفتري على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بأنه صاحب الدار وقاحة عبّدْنا نحن طريقه إليها ، فجعلته اليوم يخطط لما بعد حرب غزة ، ويشاركه بعض حمقى العرب هذا التفكير وهم لا يعلمون أنه لن يدوم لهم حالهم الذي اطمأنوا إليه قبل حرب غزة ، وأن من تخطيط صاحب الدار المدعي أن يغير وجه المنطقة بشكل يزيد ابنه المدلل الصهيوني أمانا ولو أدى ذلك إلى التضحية ببعض حراس العمارات (الموثوقين) لضرورات المخطط الجديد ، ويومها سيكتشفون أن وقوفهم مع غزة وانحيازهم إلى شعوبهم كان سيشكل أمانا أصدق من أمان قعودهم عقودا في حضن أفعى تغير جلدها ولا تستقر على حال .
ستظل الأرض لأهلها وسيظل الأجنبي منبوذا ما دام في الأمة حياة كحياة المقاومة الخالدة التي لن يضرها من خذلها ، ولن تلتفت إلى حارس عمارة ولا إلى من عينه عليها .

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: